بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سديم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أشكر لك كلماتك اللطيفة، والتي تنم عن ذوقك ولباقتك, ولا داعي للحرج من السؤال –ياعزيزتي-, بل إنه لشرف لنا أن نقدم ما فيه الفائدة والمنفعة -بإذن الله- لأخوات وبنات فاضلات مثلك.
إن استشارتك الأولى كانت في شهر 5, أي قبل حوالي ستة أشهر, وهذا يعني بأنه قد مضت فترة كافية لشفاء مكان العينة , فإن كنت ما تزالين تشتكين من وجود الألم, وقد لاحظت كبرا في حجم الكتلة الأصلية, أو تغيرا في شكلها, فإن هذا قد يدل على حدوث ما يسمى بـ( التنخر أوالنخرة الشحمية).
وهذه الحالة أي( النخرة الشحمية) تحدث أحيانا بعد تعرض الثدي للرض كما في الحوادث, أو لأي جراحة, بما في ذلك أخذ عينة بالإبرة للتشخيص, كما حدث عندك، وفيها تتموت بعض الخلايا الشحمية القريبة من مكان الرض أو العينة, ثم تتحلل, ويتشكل مكانها نسيج ليفي أو تتشكل كيسة، وتمتلئ بسائل دهني.
أنصحك الآن بتجربة تطبيق الكمادات الدافئة على الثدي بشكل متكرر, مع عمل بعض المساج اللطيف جدا, وإن كان الألم يحدث لدرجة مزعجة فيمكنك تناول المسكنات من نوع ( بروفين أو أسبرين).
في بعض الحالات قد يحدث تحسن من خلال الكمادات الدافئة والمساج فقط، وتزول النخرة الشحمية بإذن الله تعالى, لكن في حالات أخرى تبقى الحالة على ما هي عليه.
وبالنسبة لك فيجب عمل تصوير تلفزيوني جديد للثدي, لمعرفة هل النخرة المتشكلة هي عبارة عن تليف, أم كيسة شحمية.
والحل النهائي في مثل هذه الحالة هو بعمل استئصال للورم مع النخرة الشحمية التي تشكلت حوله, وبالطبع إن نتائج العملية، وتأثيرها على منظر الثدي يعتمد على حجم الورم, وحجم النخرة الشحمية حوله وعلى موقعه، وقربه من الحلمة, وعلى طبيعة الجلد عندك, والأهم على خبرة الجراح الذي سيقوم بعمل الجراحة.
لكن لا شيء مضمون –يا عزيزتي- 100%, وما يمكنك فعله هو أن تطلبي من الطبيب أو الطبيبة اطلاعك على صور لحالات مشابهة قبل، وبعد العمل الجراحي, وبناء عليها سيكون لديك تصور عن الاحتمالات الممكنة.
لا أنصحك بتناول الأعشاب الغير معروفة التركيب, كما أنها لن تحل المشكلة, فلو كانت الأعشاب تعالج الأورام، وبمثل هذه البساطة, لما احتاجت أي سيدة إلى جراحة في الثدي.
يجب أن يتم عمل العملية بيد طبيبة أو طبيب ذو خبرة جيدة, ويفضل من لديه خبرة بجراحة تجميل الثدي, حتى يتمكن من طمر مكان الورم بشكل جيد , وحتى يتم عمل خياطة تجميلية تحت الجلد، وإعادة الثدي أقرب ما يمكن إلى الشكل الطبيعي.
وقد يكون الفراغ بحجم كبير يستدعي وضع حشوة, أوقد يكون صغيرا يمكن طمره بخياطة بسيطة, ويصعب حتى على الطبيب الذي سيقوم بالعملية إخبارك مسبقا بما سيحدث, لأن الأمر يعتمد على ما سيكون عليه الوضع بعد استئصال الأنسجة المتنكرة حول الورم.
عزيزتي يجب أن أوضح لك نقطة هامة, وهي أنه وقبل عمل أي عملية جراحية, فإنه دوما تتم الموازنة بين الفوائد المرجوة من العملية, في مقابل الأضرار المحتملة لها, فإن كانت الفائدة المرجوة أكبر من الضرر, فهنا يتم عمل الجراحة, والمقصود بالفائدة هو الفائدة الصحية للجسم، وليس فقط المظهر الخارجي.
ويصعب إعطاؤك تفصيلا أكثر عن النتائج المتوقعة بعد العملية بدون إن يتم فحصك، وتقييم الحالة مجددا, ولكن بكل تأكيد لن يعود الثدي تماما لما كان عليه قبل العملية, فعلى الأقل سيكون هنالك أثر للجرح في الثدي, وعليك أن تقبلي به أو بأي تغير قد يحدث -لا قدر الله-, في مقابل أن الورم قد تم استئصاله مع ما حوله من أنسجة شحمية متموتة.
إن الورم الذي شخص لك، وكذلك النخرة الشحمية التي تشكلت حوله هي من النوع السليم الذي لا يتحول إلى سرطان -بإذن الله-, ولعل هذه الإيجابية الكبيرة تهون عليك ما عانيت منه.
بقي أن أقول لك شيئا قد يهون عليك الأمر، ويجعلك تنظرين للأمر بإيجابية ورضا أكثر, وهو أن الكثيرات حاليا في أمريكا وأوربا ممن هن سليمات تماما، ولكن شخص في عائلاتهن حالات لسرطان الثدي, أو ممن تبين بأنهن قد يكن معرضات مستقبلا للإصابة بسرطان الثدي قد بدأن اللجوء إلى عمل استئصال لكلا الثديين, وفي عمر مبكر (في العشرينات غالبا)، وذلك كنوع من الوقاية من حدوث سرطان عندهن في المستقبل, وذلك يعكس إيمانهن العميق بأن الصحة أهم من المظهر بكثير, ومن هؤلاء النساء مثلا ملكة للجمال في إحدى ولايات أمريكا, وهي لم تتجاوز بعد 25 من العمر.
لقد تطرقت إلى هذا الأمر بهدف التأكيد على أن التثقيف الطبي هوأمر هام جدا, وأن الإنسان رجلا كان أو امرأة تكمن قيمته في جوهره, وليس في مظهره.
نسأل الله العلي القدير أن يمن عليك بثوب الصحة والعافية دائما.