السؤال
السلاام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه من استشارات مفيدة.
مشكلتي في زوجي: فهو إنسان -ولله الحمد- ذو أخلاق جميلة وحنون معي، ولا يحب المشاكل، ويحب الضحك والمرح ، لكن مشكلتي معه في التفاوت الديني فأنا -ولله الحمد- إنسانة أحافظ على صلاتي، ولا اسمع الأغاني ولا أتابع الأفلام، زوجي -هداه الله- لا يحافظ على أداء الصلاة في وقتها، وحتى صلاة الجمعة لا يهتم بحضورها من أولها، ويتأخر في حضورها، ومع ذلك هو لا يعتبر نفسه مهملا في صلاته كونه يؤدي الصلاة، يسمع الأغاني، يتابع الأفلام، وغير مقتنع تماما بأنها محرمة، كثير اللعن والسب والشتم، كثير الكذب، يهتم بالدنيا أكثر من اهتمامه بالدين، كيف لي أن أتعامل مع زوج كهذا؟
لا أخفي عليكم ما أعانيه من تدهور وتعب نفسي بسببه، وتحدث مشاكل كثيرة لأني لا أعرف كيف أتعامل معه، وخاصة في بداية حياتنا كانت المشاكل جدا كثيرة، بسبب عدم محافظته على الصلاة، حيث أنني كنت أزعل منه ولا أحب الحديث معه، حتى أصبح يقول لي دائما حياتي معك نكد في نكد منذ بدايتها، وأيضا سئم من كثرة نصحي له، حتى قال لي لا أريد منك أي نصيحة بعد ذلك، أنا حر في تصرفاتي، ولا أخفيكم حتى حبي له أشعر أنه يقل تدريجيا، وكذلك اهتماماته مختلفة تماما عن اهتماماتي.
أريد -جزاكم الله خيرا- أن أعرف كيف أتعامل معه بطريقة غير النصح بالكلام، وحتى الأشرطة لا تفيد معه، بحجة أنه ليس له مزاج أن يسمع، أريد طريقة تجعله من نفسه يصبح للأفضل.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم إياد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
بداية نرحب بك في موقعك، ونشكر لك هذا الحرص على الخير، ونسأل الله أن يقر عينك بصلاح زوجك وبصلاته، وأن يلهمك وإياه السداد والرشاد، وأن يرده إلى الحق ردا جميلا، هو ولي ذلك والقادر عليه، ونحيي هذه الروح، ونحيي هذا الحرص على الخير، وهنيئا لك بالرغبة في هداية الزوج، وعليك أن تجتهدي، وأبشري فإنه لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم، بل خير من الدنيا وما فيها، فكيف إذا كان هذا الرجل هو زوجك، الذي هو أقرب الناس إليك، نسأل الله أن يقر عينك كما قلنا بصلاحه وهدايته، هو ولي ذلك والقادر عليه.
وأسعدني وأعجبني أنك أشرت إلى صفاته الإيجابية الموجودة، وأرجو أن تبرزي له هذه الصفات قبل النصيحة، ومن الضروري عندما ننصح أن نقول (أنت ما شاء الله فيك كذا وطيب وتمزح وحنون وتقوم بواجباتك، لكن ألا تكمل هذا التاج بالمحافظة على الصلاة؟) يعني ينبغي أن تكون النصيحة بهذه الطريقة، ولا نجرد الإنسان من حسناته، هذه الحسنات ينبغي أن تعرض وتبرز لتكون مفتاحا إلى قلبه، وطريقا إلى هدايته بإذن ربنا تبارك وتعالى.
كذلك أيضا ينبغي أن تضربي نموذج المرأة المصلية المطيعة لزوجها، فإن الرجال يريدون أن يروا آثار التدين في تعامل المرأة مع زوجها، وفي حسن تبعلها في دخولها على قلبه وسيطرتها عليه، ثم بعد ذلك سيجري من أجل إرضائها، إذا نجحت في أن تصل إلى قلبه، والحمد لله أن الزوج يحافظ على أصل الصلاة، إذن نحن الآن المطلوب هو أن يحافظ على الصلاة في أوقاتها وفي جماعة، وكذلك أيضا يترك هذه المنكرات التي يقع فيها، لكن طالما كان أصل الصلاة موجود فهو يصليها، ولكن قد لا يصليها في أوقاتها، لكنه يصلي، يذهب للجمعة لكنه يذهب متأخر جدا، فهذا دليل على أن بذرة الخير موجودة، ونعتقد أن وجودك معه له أثر كبير جدا.
ونحن أيضا لا نؤيد تكرار النصيحة، ولكن لابد أن يشعر بعدم الرضا إذا عصى الله تبارك وتعالى، وأرجو أن تحاولي إيجاد البدائل المناسبة، فمثلا سماعه للأغاني يمكن أن تأتي بأناشيد فيها معاني جميلة ليسمعها، حتى يتدرج، ثم انتقلي به إلى كتاب الله تبارك وتعالى، بتلاوات جميلة، ثم حاولي أن تأخذيه خطوة خطوة، وأرجو أن تعلمي أن التغيير لا يمكن أن يحدث جملة واحدة، فالإنسان يبدأ بالأساسيات، يبدأ يرسخ في قلبه الخوف من الله، الإيمان بالله، المحافظة على الصلاة، لأن هذه مما تعين على العود إلى الله تبارك وتعالى، وهي من الأمور الأساسية التي إذا التزم بها الإنسان يكون قد سلك طريق الهداية، ومشى في الطريق الصحيح، والإيمان كالمناعة للأبدان، فإن الإنسان عندما يمتلأ قلبه بالإيمان تتأثر بذلك أركانه، ويظهر أثر ذلك على حياته، ولذلك ينبغي أن تركزي على الأمور الكبيرة، وتمدحي الإيجابيات وإن كانت صغيرة، وتجتهدي كذلك في النصح له، بتنويع النصح، ليس بتكرار النصح، ولكن بوسائل كثيرة.
أعتقد أنه يعرف أنك تريدين منه أن يصلي، فصلي أمامه، فإذا جاء وقت الصلاة استأذني منه واذهبي إلى الصلاة، أظهري رضاك عندما يصلي، يعني تكون النصيحة غير مباشرة، وليس معنى هذا أن تسكتي عن النصح المباشر، ولكن ينبغي أن تختاري الأوقات الجيدة، ودائما نحن ندعو إلى الصلاة في غير وقت الصلاة، يعني أحيانا هو نائم الآن والشيطان مسيطر، لما نقول (هيا إلى الصلاة) قد يتوتر، يشاهد مثلا أشياء يحبها فنقول (اترك هذا وقم للصلاة) فإنه يتوتر، لكن نحن قبل الصلاة بساعات نذكر، بأن وقت الصلاة قد أزف، وبأني أكون سعيدة جدا عندما أراك تتردد على المساجد وتصلي في جماعة، ونحو هذا الكلام، وأظهري له أن سعادتك تزداد بسجوده لله تبارك، لأن هذا مصدر خير، يعني بهذه الطريقة، لكن ليس معنى هذا أن تتركي النصيحة، ولكن لابد أن تتفنني في النصح وتغيري الأساليب، وأركز على مسألة المدخل الحسن إلى نفسه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمه السداد والصواب.
كذلك أيضا نسأل الله أن يبعده عن هذه المعاصي، وأرجو أن تعرفي أيضا أسباب هذا البعد، هل لوجود أصدقاء؟ إذن نجتهد في عزله عنهم، بالتدرج، وإيجاد بدائل. هل السبب في السهر؟ إذن نحاول أن نغير نظام النوم في البيت حتى ينام مبكرا. هل السبب في عدم المعرفة وعدم الاقتناع؟ إذن نحاول أن ندخله إلى مواقع إسلامية، ودعيه هو الذي يسأل ويدخل الموقع ويكتب الاستشارة، وسيجد الإجابة المباشرة، لأن بعض الرجال لا يرضى أن يأخذ من زوجته، يريد أن يسمع كلام الرجال، كلام العلماء، وهذا طبعا جهل وتقصير، لكن توجد هذه النوعية.
وأنت أيضا عندما تنصحينه لا تظهري له الأستاذية، أنك أفضل وأنك أعلم وأنه لا يعرف، ولكن قولي: (سمعنا المشايخ قالوا كذا، والعلماء قالوا كذا، والله قال كذا) وقولي أحيانا: (أنت أعلم بمثل هذه الأمور، لا تخفى على أمثالك) حتى لا يشعر أنك تريدين أن تعلميه، فإن إظهار الأستاذية ربما يدفع الرجل إلى رفض النصيحة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يهديه إلى الحق والصواب، وأن يعينك على الخير، ولا تيأسي، فأكيد وجودك له أثر والنصح له أثر، ولكن من أراد أن ينصح فعليه أن ينتقي الألفاظ ويختار الأوقات ويقدم الثناء ويتخذ الحيل حتى يصل إلى قلب هذا المنصوح، ونسأل الله أن يهديه، وأن يجعل ذلك في صحائف حسناتك، وهنيئا لك بهذه الروح، وهنيئا له بزوجة تريد أن تدعوه إلى الصلاة والصلاح، ونسأل الله لكم التوفيق والسداد.