كيف أكون مربية ناجحة لأبنائي؟

0 634

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولا: جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه في سبيل خدمة الإسلام والمسلمين.

ثانيا: كتبت لكم لأمر هام جدا بالنسبة لي: أنا بفضل الله عز وجل طبيبة، ومعلمة قرآن، وأم لطفل في الشهر الخامس عشر من عمره، أسأل الله أن يبارك فيه.

لم أكن أتخيل أن العملية التربوية صعبة لهذه الدرجة، وتزداد صعوبتها مع كبر الطفل والاختلاط بالمجتمع الذي قد يخالف كثيرا ما تحاول غرسه في نفوس أبنائك.

طبعا مازلت لم أشعر بالمعاناة لصغر سن طفلي، لكن أردت أن أؤهل نفسي قبل خوض هذه المعركة، أريد تربية ابني على تعاليم الإسلام الحقة، وأن يكون مؤثرا في الغير صاحب هوية إسلامية تقف على ثغر من ثغور المسلمين.

ومن هنا كتبت لكم أني أريد أن أكون مؤهلة تربويا، أرى اللهم بارك في هذا الموقع المليء بالخبراء التربويين، فهل لي من معين بعد الله عز وجل؟

أريد أن تدلوني على دورات تربوية من خلال النت، أو كتب أقتنيها، أو مواد صوتية، ولكن ليس بصورة عشوائية، وإنما بصورة تربوية منظمة استفيد بها، وأكون مؤهلة لتدريسها لغيري.

وأنا على استعداد تام -إن شاء الله- لهذا الأمر ولو ثم من الخبراء من يعينني ويتابعني، ولو أمكن يقدم لي الاختبارات حتى أكون مؤهلة تربويا فجزاكم الله خيرا.

أسأل الله أن أكون وفقت في شرح طلبي فأعينوني ما استطعتم أحسن الله إليكم.

في انتظار الرد، وجزاكم الله خيرا.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة اللطيف حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك في موقعك، ونشكر لك هذا الاهتمام، ونسأل الله أن يقر عينك بصلاح هذا المولود، وبصلاح إخوانه، ونسأل الله أن يرزقنا وإياكم صلاح النية وصلاح الذرية، هو ولي ذلك والقادر عليه.

ونحن حقيقة سعداء بهذا السؤال الذي كنا نتمنى أن يأتي قبل هذا الموعد أيضا، ودائما القصة – قصة الأستاذ مالك بن نبي عندما جاءه رجل فقال له: رزقت بمولود وأريد أن أعرف منهج الإسلام في تربيته؟ قال: منذ متى؟ قال: منذ شهر، قال: لقد تأخرت كثيرا، هذا معنى مهم جدا، لأن تربية الطفل تبدا من إعداد الإنسان الصالح شاب نشأ في عبادة الله، أو شابة نشأت في عبادة الله، وأرجو أن تكوني كذلك، وأنت - إن شاء الله – كذلك طالما أنت معلمة قرآن وطبيبة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك فيك، وأن يصلح لنا ولك النية والذرية، وأن يلهمنا وإياك السداد والرشاد.

الإنسان ينبغي أن يبدأ هذا المشوار مبكرا – كما قلنا – والآن -الحمد لله- لا بأس أيضا من البداية في هذا الوقت، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير.

نحن قلنا التربية تبدأ مبكرا؛ لأن للطفل حقوق قبل أن يولد وقبل أن يوجد، كذلك أيضا المرأة والطفل في بطنها عندما تقرأ القرآن، وتتصل بكتاب الله تبارك وتعالى، وتواظب على ذكر الله، فإن هذا الطفل يستفيد من قراءتها للقرآن، يستفيد من توافقها مع زوجها، فإذا خرج إلى الدنيا فإن تعاليم الإسلام تسارع إلى هذا الطفل، فيستمع للأذان، ويستمع لذكر الله تبارك وتعالى، وبعد ذلك أرجو أن يجد عندك جرعات من العطف والحنان والاهتمام، لأن الإشباع العاطفي من الأمور الأساسية والهامة جدا بالنسبة للطفل في شتى مراحله، خاصة في المراحل الأولى.

نتمنى كذلك أن يرضع رضاعة طبيعية، والطفل لا يرضع اللبن فقط، وإنما يرضع خلقا وأدبا ودينا، كذلك أيضا ينبغي أن تكوني قدوة صالحة تحرصين دائما على أن يرى فيك كل خلق جميل لهذا الدين العظيم، وينبغي أن تستفيدي من مداركه وقد تفتحت، تجتهدي في أن تعلميه الأذكار، في أن تعلميه الكلمات، الآيات، فالطفل في الشهر الثامن يبدأ يقول كما قال ابن القيم (با) يركب الحرف الثاني، عند ذلك نعلمه كلمة (الله) ثم نغرس فيه العقيدة عن طريق حب الله تبارك وتعالى، وأنه الوهاب سبحانه وتعالى.

فإذا تدرج الطفل بعد ذلك في المراحل العمرية، فينبغي أن نعرف خصائص كل مرحلة من المراحل العمرية، ولا شك أنه الآن في مرحلة الرضاع، وهذه المرحلة الطفل يبدأ يتحرك فيها، يبدأ يكتشف الأشياء، نتيح له مساحة من الحرية، نتيح له مساحة يستطيع أن يلعب فيها، نعاونه على حب الاستطلاع، نبعد الأشياء الخطرة من طريقه، نتيح له فرص اللعب، واللعب المفيد هو اللعب الهادف، اللعب الذي يكون فيه مجهود يبذله، أدوار يقوم بها، وأرجو أن نجنبه مشاهدة التلفاز أو اللعب بالألعاب الإلكترونية المعلبة، لأن آثارها خطيرة على أطفالنا الصغار، ثم بعد ذلك إذا وجدت أطفالا في سنه، يجلس معهم، يتحاور معهم، يتشاجر معهم، وهذه كلها مفيدة جدا.

وطبعا تأتي بعد ذلك مرحلة العناد التي تبدأ من سنتين إلى ست سنوات، فلا نعنفه إذا عاند، ولكن دائما نحرص أن تكون الأشياء أشياء إيجابية، لا نعطيه أسئلة تحتمل الإجابة بلا أو نعم، نحتمل منه بعض العناد، نتغافل عنه أحيانا إذا عاند، ثم بعد ذلك تأتي ثورة العاطفة، فنشبعه بالعواطف، تأتي بعدها ثورة السلوك، قد تبدو من ألفاظ، وهنا ينبغي أن نحرص أن يسمع خيرا، وسينطق بالخير، لكن لو فرضنا أنه سمع سباب وردده فإننا ينبغي أولا أن نهمل الكلام، ثم بعد مدة نبدأ نعطي بديلا طيبا، كأن نعلمه (سبحان الله) ثم بعد ذلك إذا كررها نبدأ نعلمه أن الذي يفعل هذا والدته لا تحبه (وكذا) وكلام لطيف من هذا.

بعد ذلك تأتي مرحلة التمحور حول الأم، ثم التمحور حول الذات، وهي أننا نتهمه بالأنانية، لكنها مرحلة تنتهي، تأتي بعد ذلك مرحلة التأمل والتدبر، وفيها تشرع الصلاة، يعني (مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع)، ثم بعد ذلك تأتي مرحلة المغامرة والتجربة (ثمانية أشهر)، ثم مرحلة الاستقلال (تسعة أشهر)، عندما يأتي عمره عشر سنوات، هذه إرهاصات مرحلة البلوغ والمراهقة، ويبحث فيها الطفل عن المكانة الاجتماعية، ويبدأ يعرف قرائن الأشياء، ويربط الأسباب بمسبباتها.

المهم لابد أن ندرك أن التربية فعلا تحتاج إلى هذه التفاصيل، وأنت في بلد -ولله الحمد- فيه فضلاء من أمثال الدكتور (محمد إسماعيل المقدم) وعنده (الأمية التربوية)، وعنده سلسلة في هذا المجال، وكذلك الأستاذ (حاتم آدم)، وأنصحك بسماع أشرطته، له أشرطة مميزة جدا من صفر إلى 6 سنوات، ومن 6 سنوات إلى 12 سنة، ثم ألبوم أخير من 12 إلى 18 سنة، وأعتقد أنه من الأشياء المهمة جدا والمفيدة بالنسبة لك، أن تستمعي لذلك الطرح المميز الذي يركز على الصحة النفسية للطفل، ويراعي أيضا المراحل والتربية العميقة في هذا الاتجاه.

ونحن حقيقة سعداء بهذا الاهتمام، وأرجو أن يكون لك تواصل مع الموقع، ونحن أيضا بدورنا لن نقصر، وننصحك بالقراءة لمن ذكرناهم من مشايخنا الموجودين بمصر، كذلك أيضا القراءة لغيرهم ممن كتب في التربية، لكن على قواعد وأسس إسلامية، ونسأل الله أن يقر عينك بصلاح هذا الطفل، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونحن سعداء بالسؤال، وسعداء بالتواصل، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات