السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب مسلم في 23 من عمري، أسعى أن أكون ملتزما، ومغتربا في دولة أجنبية للدراسة.
في الثانوية العامة كنت متفوقا في دراستي، وحصلت على منحة ممولة من الحكومة للدراسة في أوروبا.
منذ طفولتي وأنا أملك خيالا واسعا, حيث أني كنت دائم اللعب مع نفسي، أصنع لنفسي المغامرات وأتفاعل معها، وأتكلم مع الشخصيات - التي صنعتها - استمرت معي هذه العادة إلى الثانوية العامة، وأصبحت أكثر عمقا فيها، فقد كنت أجد فيها شخصيتي المثالية التي طالما أتمنى أن أكون قرأت كثيرا عن هذه المشكلة وكان أغلب الردود أن الموضوع لا يدعو للقلق وسرعان ما ستذهب لحالها، لكن ليس هذا ما حصل.
تفاقمت معي هذه "العادة" وأخذت الحيز "الأكبر" من حياتي الآن، وبدأت تؤثر وبشدة على حياتي الواقعية، فمن كثر تخيلي لنفسي قويا رشيقا مفتول العضلات أهملت جسدي في الواقع فأصبح مترهلا على غير العادة، حتى دراستي - وهي الفاجعة - بعد أن كنت متفوقا فيها, ها أنا ذا لم أخرج من المستوى الأول الجامعي إلا بعد 3 سنوات! فكنت لا أذهب إلى الدوام الجامعي إلا متكاسلا, وأعوض عن هذا بأحلام اليقظة التي فيها أكون متفوقا ناجحا مبهرا كالعادة.
المشكلة تفاقمت جدا. الآن أنا على وشك الفصل التام من الجامعة، إذ أن الترم الأول على وشك الانتهاء، وأنا لم أحضر إلا يومين!، أصبحت كثير النوم، أقضي وقتي بمتابعة الأفلام، عزيمتي ضعفت.
حتى صلاتي أقصر فيها، ويمر اليوم واليومان ولا أركع لله ركعة! أتوب كل يوم وأعود، وأحلام يقظتي مستمرة التي فيها أنا ناجح عالم عابد متفوق قدوة; لهذا أغلب وقتي أشعر بالرضى الخادع، ولا أصحو إلا في مثل هذه اللحظات.
أنقذوني بالله عليكم! ديني يضيع، حياتي تتيه! سئمت هذا الأسلوب في الحياة.
كيف أكون مسلما بلا عزيمة ومهملا لواجباته!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ المستجير بالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإن التفكير في الخيال كما ذكرت وتفضلت قد يتسع ويتشعب ويكون مهيمنا على الإنسان وتكون الهوة بين الواقع والخيال قد اتسعت، الشيء الطبيعي في أغلب الحالات أن هذا النمط من التفكير يبدأ في التلاشي مع مرور الأيام، ومعظم الناس في بدايات سن الشباب الحقيقية يقل لديهم، والتفكير الخيالي مطلوب، وكل الذين تفوقوا وأبلوا بلاء حسنا كانت تأتيهم شيء من هذه الأفكار، لكن في حالتك يظهر أن الأمور قد تعقدت بعض الشيء، وأصبح هذا التفكير مستحوذا، والإنسان حين يصل لهذه المرحلة التي وصلتها أنت لابد أن نبحث عن سبب حقيقي: هل استثارت هذه الأفكار فيه أي نوع من المردود الإيجابي لك؟ أي هل هنالك مكافئة ذاتية نفسية تشجع هذا الفكر؟ أم هل هو مجرد نوع من التعود وتحطيم الذات بصورة لا شعورية؟
كلها يا أخي الكريم أمور مفتوحة للنقاش، ومن اطلاعاتي المتواضعة قد لا يوجد تفسير لهذه الحالات أصلا، لكن المهم هو طريقة العلاج، وهو أن الإنسان يجب أن يقهر هذا الفكر، أي أن يحد منه، أن يقاومه، أن يتجاهله، أن يحقره، وألا يدع للفراغ مجالا، ويكون هنالك نوع من الإرادة والانضباط التنظيمي الشديد في إدارة الوقت. فهذا هو الحل الذي أراه.
كما أن تمارين الاسترخاء وتطبيقها بدقة والتزام سوف يعود عليك بفائدة، وحسب اطلاعاتي أن الأدوية التي تكبح استرجاع السيروتونين بصفة انتقائية تفيد أيضا في مثل هذه الحالات، خاصة أن بعض الأعراض الاكتئابية قد ظهرت عليك، فيمكنك أن تتناول دواء مثل البروزاك الذي يعرف علميا باسم (فلوكستين) والكبسولة تحتوي على عشرين مليجراما، تناول كبسولة واحدة يوميا لمدة شهر، ثم اجعلها كبسولتين في اليوم لمدة شهرين، ثم كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر واحد، ثم بعد ذلك يمكنك أن تتوقف عن تناول هذا الدواء.
إذن صرف الانتباه هو وسيلة العلاج الرئيسية.
بالنسبة لموضوع الصلاة والإهمال في الصلاة: لابد أن تكون صارما وحازما مع نفسك، وفي نفس الوقت اتبع المحفزات والمشجعات، ومنها الالتزام بصلاة الجماعة، وأن تكون هنالك صحبة طيبة، وخلاصة الأمر: ألا تجد لنفسك عذرا، من خلال ذلك يتم التعامل مع موضوع الصلاة، وأنت تعرف أن الصلاة هي عماد الدين، وأنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، فالذي يذهب خالي الفواض دون صلاة لا شك أن هذا موقف تعيس جدا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، نسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.