متردد في العمل لأنه بعيد عن أمي، ما نصيحتكم؟

0 297

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا أمر بمشكلة ملازمة لي أكثر من سنة، وهي أنني لما أحصل على وظيفة وأتقدم لها وتتم إجراءاتي فيها أحس بضيقة شديدة وبكاء، وأجلس أفكر في أهلي والأيام الحلوة التي معهم.

أترك هذه الوظيفة، وأقول إن شاء الله تجيئني وظيفة غيرها، وأحسن منها قريبة من أهلي.

أنا جدا متعلق بالوالدة، الله يبارك بعمرها، ودائما أسألها وأقول لها لما أتوظف تسكنين معي بالمدينة التي أتوظف فيها, فترفض وتقول مستحيل أترك بيتي وأنت روح وأنا جالسة عند أخيك.

علما أني قضيت مراحل عمري 24 سنة معها، وصرت أفكر كثيرا أن أمي ممكن تلحق أبي وتموت، وأنا بعيد عنها، وصعب أترك أمي وأتوظف، وما أحب أترك إخواني، لأن كل إخواني قريبون من أمي، ويعملون بنفس المدينة، ودائما أقول يا ليتني تخصصت في مجال تدريس، ولا دخلت مجال الهندسة، لأن التدريس أستطيع أتوظف به عند أهلي.

جاءتني وظائف كثيرة، منها معيد بكلية الملك فهد الأمنية وسابك والكهرباء، وبن لادن ووزارة الدفاع، ووزارة المالية, وتركتها كلها لنفس السبب، ضيقة وأحس أني أبكي وما أنام الليل.

أرجوكم أشيروا علي، أنا جدا تعبان، وأنا الآن أعمل بفندق ب3000 ريال، ومستريح لأني بجانب أمي وأهلي، واستشرت أناسا كثر، وكان جوابهم أنت كبير ورجل، وهذا حال الدنيا.

أعرف هذا الشيء، لكن بعد وفاة أبي تعلقت بأمي، وما أحب أخسر دقيقة واحدة إلا وهي معي، وما أقدر أعيش بدونها خارج المنطقة، وهي رافضة المجيء معي، وأيضا أخي الكبير رافض.

صرت أسمع خبر الوظيفة وأتضايق وأبكي، وما أنام الليل، لدرجة أني باشرت العمل في شركة سابك، ولما سلمت خطاب المباشرة للمدير، وأرسلني على موظف لأتعلم الشغل معه جلست ساعتين واستأذنت دقائق منه وهربت من العمل، ورجعت لديرة أمي.

لما سألتني أمي أقول لها ما قبلوني، وأقول لها قالوا سيتصلون علي لاحقا.

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مهند حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب.

أخي المشكلة أنك لا تستطيع أن تفارق والدتك، حقيقة هي مشكلة مركبة نسبيا، بمعنى أن والدتك نفسها تعطيك نفس هذه الإشارات، لكنها بصورة غير مباشرة، وأنها لا تريد أن تفارقك، وهذا نسميه بالحاجات العصبية.

الناس لهم حاجات و(حوجات) عصبية تحتاج إلى بعضها البعض، وهو نوع من التعاطف والتوادد الوجداني، أعتقد أن هذه الشراكة أو هذا التوحد والوجدان هو الذي ربط فيما بينكما، لذا أصبحت مرتبطا بالمكان وبالزمان والأشخاص ووجدت أن الخروج من هذه الدائرة سوف يكون له تبعات نفسية سلبية عليك، وهي عدم القدرة على التكييف أو التواؤم مع الوضع الجديد.

لكن الأمور يمكن أن تحسب بصورة أخرى، وهذا هو الذي أنصحك به، وهي أن البعد من الوالدة جغرافيا لا يعني أبدا البعد عنها وجدانيا، والتواصل ليس بالصعب أن تحضر مثلا في إجازة نهاية الأسبوع مرة أو مرتين في الشهر، وهكذا ولابد أن تكون لك هذه القناعة، أن تكون لك صفة أن لا تكون تحت الحماية الوجدانية المطلقة لوالتك، أسأل الله تعالى لها العافية والبركة في العمر.

أيها الفاضل الكريم، يجب أن تتخذ القرار وبحسم مع نفسك أن هذه علاقة وجدانية، بالرغم من أنها طيبة ومطلوبة وحمدية، وإن شاء الله تعالى هي نوع من البر لكن خطورتها أنها لن تعطي المجال لشخصيتك أن تنمو، يجب أن تنظر إلى الموضوع من هذا السياق، وتذكر دائما أن هنالك من اغترب عن بلاده، وعن أوطانه والناس تبتعد عن بعضها البعض آلاف الكيلومترات، وهنالك من يذهب للدراسة والحياة الطلابية، وهكذا أخي الكريم، انظر إلى الأمور من هذا السياق، وعليك أن تفكر في الجانب الآخر وهو التطور المهني فهو مطلوب، ويجب أن تضع نفسك في الوظيفة الصحيحة، لأن الارتقاء في الوظائف أيضا هو مطلوب والإنسان لا يمكن أن يرتقي في وظيفته إذا لم يضع نفسه في المكان الصحيح.

إذن أنت محتاج إلى نوع من الغير الفكري لتتواءم مع هذا الوضع، أعرف أنك حين تذهب إلى الوظيفة الجديدة إن شاء الله تعالى في المدنية البعيدة عن مكانك الأصلي سوف تجد إن شاء الله من تتواصل معهم، وسوف تجد إخوة وتلتقي بالمصلين في المسجد وزملاء العمل، والعمل نفسه سوف يكون شاغلا ومحفزا لك، ومن وجهة نظري يجب أن تتخذ القرار والقرار واضح جدا، أنت لالأمر كله يتعلق بالاستبصار وأن تكون أهدافك واضحة، وأن لا تنقاد لعواطفك التي في نهاية الأمر سوف تنزل بك الكثير من الضرر وحتى ليس مصلحة والدتك أيها الفاضل الكريم.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك العافية والشفاء والسداد والتوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات