السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم على إتاحة الفرصة لكي أعرض مشكلتي.
أنا فتاة أبلغ من العمر 28 سنة، أحبني شخص وأحببته، واستمرت علاقتنا أربعة سنوات، ومنذ ثم خطبني، وتمت الخطبة، واستمرت الخطبة ثلاث سنوات، وبعدها تركني بدون أي سبب وأهله غير راضين؛ لأنهم يحبونني كثيرا، وهو شخص يخاف الله، ومواظب على صلاته، وكان يحبني كثيرا ويحترمني، تعلقت به كثيرا ولا أستطيع نسيانه، ومضى على فسخ الخطبة " 6 أشهر " حتى الآن، وأنا لم يتقدم لي أحد حتى الآن، وكذلك هو لم يتزوج بعد.
وبعد أن تم فسخ الخطبة تعبت كثيرا، وأحسست بضيق في صدري، وبيتنا لا أطيقه، وأحس بآلام في الرقبة من الخلف، وصداع في الرأس، وكره الناس حتى والدي ووالدتي وأخواتي، لا أطيق أحد، بعدها بيومين ذهبت إلى مركز للتداوي بالقرآن، وبمجرد أن قرأت علي الدكتورة آيات العين قالت لي: مصابة بالعين -والله أعلم والشافي الله.
وبدأت بالعلاج بشرب الماء المرقي، والغسل يومي الأحد والأربعاء، والدهن بالزيت المرقي ، وشرب ملعقة من الزيت على الريق، وأخذ العسل بحبة البركة صباحا وقبل النوم، وقرأت سورة يوسف، وسورة الرحمن، وآية الكرسي 7 مرات، وسورة الفلق 7 مرات، وآية {فارجع البصر هل ترى من فطور} بعد آذان العشاء على كوب ماء ثم أشربه، والتسبيح بالمغيث والرحمن والجامع 75 مرة، وواظبت على العلاج لمدة شهر، وهو شهر"4"، وفى بداية شهر "5" ذهبت لأداء العمرة؛ لأني لا أستطيع الصبر على فراقه، أفكر فيه دائما حتى لما ذهبت للسعودية دائما في بالي لأني أحبه، -والله- حبا عفيفا ونظيف.
وطوال المدة التي جلسنا فيها في السعودية لم أغفل عن الذكر، والاستغفار، والدعاء، وشرب ماء زمزم، وأكلت تمر العجوة لمدة سبع أيام على الريق.
وثاني يوم من وصولنا ذهبنا لصلاة الفجر في مسجد الرسول - عليه الصلاة والسلام -، وعندما قامت الصلاة شعرت بدوار، وجلست لا أستطيع الوقوف، ولا إكمال الصلاة، ومن تم استفرغت -أكرمكم الله- كثيرا، وشعرت براحة بعدها.
ورجعنا إلى بلادنا وأنا نفسيتي مرتاحة، وأكملت العلاج بالقرآن، وبدأت اصلي قيام الليل بسورة البقرة كل ليلة، وأصلي النوافل كل يوم كاملة، وفي الليل أيضا أصلي صلاة الحاجة، وواظبت على صلاة الفجر مع كثرة الاستغفار والأدعية، وخاصة أدعية الزواج، وقرأت سورة ياسين كل صباح، وواظبت على أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم، وكنت أدعو الله في كل وقت، وأقول أن كان في خطيبي خيرا يا رب يجمعني به مرة ثانية عن قريب؛ لأني أحبه يا رب رحمتك.
وجاء شهر رمضان المبارك واستمررت على العلاج، وأحس باني كل يوم ازداد قوة ونشاطا، وطيلة شهر رمضان، وأنا أصلي نهارا وليلا، لا أنام ألا قليلا، وأدعو الله، وأنا على يقين أن خطيبي سوف يرجع، وصمت 6 شوال، -والحمد لله- والآن مواظبة على صيام الاثنين والخميس.
والآن أشعر بضيق في صدري مع أني ما قصرت في شيء حتى أني تركت المسلسلات والأغاني، وأنا محجبة -والحمد لله- والآن أنا أغسل بورق السدر، وحبة البركة.
ساعدوني والله تعبت كثيرا، إيماني قوي - بإذن الله - ومتوكلة على الله .. وأنا مستمرة في العلاج حتى الآن.
أريد أن يرجع لي خطيبي، ويطلبني مرة ثانية، أعاني من الوحدة، والناس يتكلمون علي بالسوء، وصديقاتي تركنني في محنتي هذه، -لا حول ولا قوة إلا بالله وحسبي الله ونعم الوكيل- ووالدي ووالدتي دائما يدعون لي بالزواج، ولم يتقدم لي أحد حتى الآن، مع أني جميلة، -والحمد لله-.
انصحوني بصدق أرجوكم، وهل يجوز أن أدعو الله أن يرجع لي خطيبي؟ وهل أستمر في العلاج المذكور؟ أريد الزواج في أسرع وقت ممكن؟
وكل شي بيد الله سبحانه وتعالى وهو القادر على كل شيء، أرجوكم أدعو لي بالزوج الصالح الذي أتمناه عاجلا غير أجل، وأن يشرح لي ربي صدري ويفرج كربي عن قريب ويشفيني شفاء لا يغادر سقما.
أرجو منكم الرد على مشكلتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نشكر لك تواصلك مع الموقع، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.
وندعوك إلى أن يأخذ الموضوع حجمه، فلا تحملي نفسك ما لا تطيقين، وإذا كان في هذا الرجل خير فسوف يأت الله تبارك وتعالى به، وإذا لم يأت فالرجال غيره كثير، فلا تعطي الموضوع أكبر من حجمه، وتذكري ما فيه من العيوب، ويكفي في عيوبه أنه تركك بهذه السهولة، وبهذه الطريقة، ونسأل الله أن يعوضك خيرا.
وقد أعجبني وأسعدني هذا اللجوء والانكسار لله تبارك وتعالى، وأيضا مسألة الرقية الشرعية لا غبار عليها، مع تحفظنا على الأعداد التي توضع، لأنها من تجارب الناس، فنحن لا نأخذ الأعداد في الرقية، أو في غيره إلا فيما ورد عن النبي - عليه الصلاة والسلام – وما سوى ذلك الإنسان يقرأ القرآن بنية الشفاء - والرقية الشرعية – دون أن يرتبط بعدد ودون أن يرتبط بمراسيم معينة، ودون أن يجعل ذلك في أيام معينة، كل هذه الزيادات نتمنى ألا تركزي عليها، وإنما تجعلي الهدف هو قراءة الرقية الشرعية، سورة البقرة، خواتيم البقرة، آية الكرسي، الفاتحة، المعوذات، الإخلاص، آيات السحر، وغيرها من الآيات الواردة في هذا الباب، تواظبي على القراءة وتكرري القراءة، ولا مانع من ذلك، دون أن تتعبي نفسك بأعداد كبيرة، أو بطريقة معينة، أو بمراسيم معينة؛ لأن هذه الأشياء ليس عليها دليل.
عموما اللجوء إلى الله مطلوب، والإلحاح في الدعاء مطلوب، والتكرار في الأشياء مفيدة مطلوب، -والحمد لله- أنت شعرت بالسعادة بهذا اللجوء، بل لعلك ستكتشفين أن هذا البلاء كان فيه خير كثير؛ لأنه ردك إلى الله، وردك إلى هذه المعاني الإيمانية، وأعتقد أن الله الذي خفف عليك وألهمك السعادة والراحة، هو الرب العظيم الذي ينبغي أن تلجئي إليه في كل أمر من أمورك، فلا تعط الموضوع أكبر من حجمه، وتعوذي بالله تبارك وتعالى من الشيطان، واجتهدي واحرصي دائما على أن تكوني قريبة من أهلك.
ودائما احرصي على أن يأخذ الموضوع حجمه، فليس أول خطيب يترك خطيبته، وأنت لا تدرين أين يكون الخير، وطالما أنت -ولله الحمد- لم تقصري وأديت ما عليك، وكان النكوص منه، والخروج منه بهذه السهولة، فهو الذي ينبغي أن يخاف على نفسه، أما أنت -ولله الحمد- كما يقال – رايتك بيضاء، ولم تفعلي إلا الخير، وسيعوضك الله تبارك وتعالى خيرا، ولا تلتفتي إلى نظرات الناس والاهتمام بهم، واجعلي صلتك بالله تبارك وتعالى.
واعلمي أن قلب هذا الرجل وقلوب العباد بين أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وطبعا لا مانع من أن تسألي الله أن يرده إليك، وتسألي الله أن يعوضك خيرا، هذا لا مانع من الناحية الشرعية، ولكن لا تجعلي الموضوع يؤثر على صحتك، فإن صحتك غالية، ولا تجعلي أي إنسان في هذه الدنيا يسيطر على قلبك، فإن هذا القلب ينبغي أن يكون عامرا بحب الله تبارك وتعالى، والإنابة إليه، والمواظبة على ذكره وشكره وحسن عبادته.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يحقق لك المراد فيما يرضيه، وإن كان فيه خير أن يرده إليك ردا جميلا، وأن يسعدك به، وإن كان غير ذلك نسأل الله تبارك وتعالى أن يعوضك خيرا، وهذا دائما هو روح دعاء الاستخارة (إن كان في هذا الأمر خيرا لي في ديني ودنياي وعاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي).
وفي الجانب الثاني (إن كان فيه شرا لي في ديني ودنياي وعاجل أمري أو آجل أمري فاصرفه عني واصرفني عنه)، هذا ينبغي أن تركزي عليه (فاصرفني عنه واصرفه عني، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به)؛ لأن هذا من توفيق الله تبارك وتعالى، أن يصرفه الله عن الأمر الذي ليس مقدرا له، والذي ليس من نصيبه، والذي ليس له فيه من خير، حتى يستريح الإنسان، وحتى يبتعد الإنسان من التفكير والجري وراء السراب، ونسأل الله عموما أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.
ولذلك دعاء الاستخارة هذا دعاء عظيم جدا، فإن الإنسان قد يقدر له الخير، ولكن لا يرضى به، قد يحرم الشيء، ولا يرضى بالحرمان، وهذا مكان العذاب، مكان الألم، ولكن عندما يكون الإنسان عنده الرضا بقضاء الله وقدره، والأمر كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيرا له).
فأنت لا تعلمين أين الخير، والله يقول: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}، ويقول: {وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا} فأنت لا تعرفين، ولذلك الإنسان يسلم لأمر الله ويرضى بقضاء الله، وكما قال عمر بن عبد العزيز: (كنا نرى سعادتنا في مواطن الأكدار) وما قدره الله لك خيرا مما تختارينه لنفسك.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، ونكرر ترحيبنا بك في الموقع، وأرجو أن نسمع عنك خيرا، وعليك أن تفوزي بدعاء الوالدين، وأكثري من الاستغفار، ومن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم – ومن قول (لا حول ولا قوة إلا بالله)، ومن قول (حسبي الله ونعم الوكيل)، وعليك بالاستعانة والتوكل على من بيده ملكوت كل شيء، وإليه يرجع الخلق جميعا سبحانه وتعالى، نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يصبرك في هذا الموقف، وأن يؤنس وحشتك، هو ولي ذلك والقادر عليه.
نكرر ترحيبنا بك، وسوف نكون سعداء في حال التواصل مع الموقع، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.