السؤال
أنا طالب عمري 17 عاما، في المرحلة النهائية في الدراسة ( التوجيهي)، وأنا -والحمد لله- كنت من المتفوقين في الدراسة.
منذ بداية العام بدأت أشعر بعدم التركيز بالدراسة، وصوت في أذني يمنعني من التركيز، وأشعر بألم في الظهر، ومؤخرة الرأس، وتوتر شديد, وحتى أنني أشعر برغبة في تكسير كل شيء، وفعلا فقد كسرت كل شيء يقع تحت يدي.
لا أستطيع أن أدرس، أو حتى أن أمسك الكتب، وبمجرد التفكير في الدراسة أسمع صوتا في أذني مما يمنعني عن الدراسة، ويزعجني كثيرا، ماذا أفعل؟ ساعدوني مع العلم أنني في حياتي العادية بعيدا عن الدراسة شخصيتي محبوبة بين زملائي وأموري طيبة.
أفكر كثيرا في ترك الدراسة مع أنني كنت مولعا بها، وكانت لي أحلام كبيرة في إكمال دراستي الجامعية، وهذا يزعجني كثيرا، ويسبب لي توترا زائدا.
أرشدوني هل من علاج؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أنس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنك تعاني من حالة عصبية أو عصابية تتمثل في ظهور انفعالات سلبية زائدة متعلقة بموضوع الدراسة، وهذا نوع من العصبية والانفعال الظرفي، يعني أنه مرتبط بظرف معين.
والأمر يحتاج منك إلى إعادة نظر في طريقة تفكيرك حول الدراسة، والمهم جدا هو أن تدرك إدراكا قاطعا أن الدراسة جميلة، ليست بالقبح الذي يتصوره بعض الناس، على العكس تماما ليس هنالك أجمل من اكتساب المعرفة، والعلم يحتاج له الإنسان، والعلم نور.
فيا أيها الفاضل الكريم: يجب أن تغير أفكارك، وحتى أهدافك، وأنت في مرحلة التكوين النفسي الآن، والتكوين الأكاديمي، والتكوين الاجتماعي، والنضوج الوجداني، هذه كلها تتطلب منك أن تكون إيجابيا في تفكيرك، وأن تعرف أهمية العلم والدراسة، وبعد ذلك تضع الآليات التطبيقية التي تساعدك في دراستك، وأن تكون منشرحا ومقبلا عليها بكل إيجابية.
الذين لا يديرون وقتهم بصورة جيدة لا يستطيعون أن يكونوا متميزين في أدائهم الدراسي، ضع جدولا أساسيا تدير من خلاله وقتك، واعرف أن النوم المبكر، والاستيقاظ المبكر هما من أفضل ما يمكن أن يفيد الشباب في مثل عمرك، وأن الدراسة بعد صلاة الفجر - خاصة في مثل هذه الأيام – تعادل الساعة الواحدة في هذا الوقت ساعتين إلى ثلاث ساعات في بقية اليوم.
النوم الجميل، والنوم السليم، والنوم العميق، والنوم المبكر يساعد خلايا الدماغ في الترميم التام والفعالية، ويساعد النفس في الانبساط والسكون والطمأنينة، فأرجو أن تركز على هذه النقاط البسيطة؛ لأنها ذات قيمة كبيرة.
شعورك بعدم التركيز ناتج عن القلق والتوتر، وسوء إدارة الوقت، وضعف الرغبة في الدراسة، هذه كلها يجب أن تقيمها، ويجب أن تبدلها، وهذا ممكن جدا.
حين نقول إدارة الوقت لا نقصد أبدا الانقطاع للدراسة، على العكس تماما يمكنك أن تقرأ معلومات غير أكاديمية، يجب أن تمارس الرياضة، يجب أن تأخذ قسطا كافيا من الراحة، يجب أن تذهب وترفه عن نفسك بكل ما هو طيب وجميل، أن تجالس أسرتك، أن تذهب مع أصدقائك، أن تمارس الرياضة، هذا كله ممكن وممكن جدا، وإذا انتهجت هذا النهج التوافقي في إدارة الوقت لا شك أنك سوف تحس بسعادة عظيمة، وسوف يتحسن تركيزك، وكل هذه التوترات التي تعاني منها وضعف الرغبة الأكاديمية سوف يتغير تماما.
أنت أيضا تحتاج لأن تكون حريصا في مشاركاتك الأسرية، أن تكون فعالا في داخل بيتكم ومع أسرتك، أن تبر والديك، وأن تكون بالفعل عضوا فعالا في الأسرة.
تمارين الاسترخاء أيضا ممارستها مهمة، ولدينا في إسلام ويب استشارة تحت رقم: (2136015) أرجو أن ترجع إليها وتراجعها عدة مرات، وتطبق كل ما بها من إرشاد. الأمر يتطلب منك شيئا من الجدية، وأن تأخذ ما نقوله لك بانضباط شديد حتى تعود المنفعة عليك.
هذه هي الملاحظات المهمة التي أود أن أقولها لك، وعليك أن تدعو لنفسك وأن تكون حريصا على الصلاة في وقتها، وتلاوة القرآن، والدعاء والذكر، ويجب أن تكون لك صحبة طيبة، صحبة تدعمك، وتعينك على أمور الدنيا والآخرة، لا تصادق إلا الخيرين، لا تصادق إلا النافعين، هنالك أهل المعرفة، هنالك أهل الذوق، هنالك أهل الدين، موجودون بكثرة، فاجعل هذا ديدنك وطريقتك في الحياة، وسوف تجد أن انفعالاتك هذه قد انتهت تماما.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.