السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إلى الدكتور الفاضل محمد عبد العليم
أرجو التمعن في استشارتي، وأنا متيقن أنك ستصف لي العلاج المناسب.
في البداية أنا طالب في كلية الشريعة، والآن قبلت في الدراسات العليا، متزوج ولي ولدان، كنت متفوقا جدا ومن الأوائل، لكن منذ سنتين وأنا دائم التفكير بأي شيء، وكثير السرحان، وأحيانا عصبية زائدة، وأحس أن رأسي يكاد ينفجر من كثر التفكير، كثير النسيان، وعدم القدرة على التركيز والحفظ، أحاول أن أقرأ، وعندما أبدأ بالقراءة أحس بشيء من الملل، ويبدأ رأسي يؤلمني، تعبت كثيرا، لا أعلم لماذا أنا هكذا؟!
أحيانا أحاسب نفسي لماذا تحولت إلى شخص كسول جدا مهمل لنفسي، وقد أهملت الدراسة، أملك القدرة، وأحاسب نفسي، وأقول أريد أن أجتهد وأتفوق، ولكن عندما أجلب الكتاب أبدأ بفتح الكتاب أقرأ قليلا جدا، ويبدأ رأسي يؤلمني، وأحس بالفشل وأنني كسول.
دكتور محمد عبد العليم:
كنت من المواظبين على الصلاة، أما الآن فأنا مقصر جدا في الصلاة، لا أصلي إلا وقتين باليوم، لا أعرف لماذا، ما إن أبدأ بالصلاة رأسي يؤلمني، وأسرح بالتفكير، ولا أحس بطعم الصلاة، صرت مهملا لنفسي وأناقتي، والأهم من هذا صرت مهملا لزوجتي، وعدم الرغبة بالتقرب منها، رغم أنها تحبني كثيرا، فأنا أحس أنني مقصر، ولكن لا أعرف ماذا حصل لي، دقات قلبي سريعة جدا!
زرت أحد الأطباء النفسيين فصرف لي سيركسات 20 ملغ ليلا، وريسبيردون 2 ملغ نصف قرص يوميا ليلا، أيضا، ولكن لم أحس بفرق، إلا أن ألم رأسي خف قليلا، وصرت مهملا أكثر لزوجتي، وصرت كسولا جدا، لا أستيقظ إلا متاخرا، وأنا الآن منذ شهرين مواظب على استعمال الدواء ولم أتركه، فما رأيكم -يا دكتور محمد- ما هو تشخيصكم لحالتي؟ وما هو العلاج المناسب؟ وكم أستمر عليه؟
أريد أن أعود إلى الواقع فأنا أحس أنني في حلم، أريد أن أعود كما كنت سابقا متفوقا في الدراسة، أما الآن فقد نزلت درجاتي والكل مستغرب، أنا يوميا أزداد سوءا، أريد أن أعود إلى زوجتي وإلى نفسي؟
تقبلوا كل احترامي، وأنا في انتظار ردكم الكريم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صدام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فلا شك أن عسر المزاج وشعورك بعدم الكفاءة النفسية، وكذلك الجسدية، وضعف الرغبة في الأداء الحسن والشعور بالملل، والنفور حتى من الزوجة، هذا دليل قاطع على أنك تعاني من درجة بسيطة إلى متوسطة مما نسميه بالقلق الاكتئابي، وعلامات القلق لديك واضحة جدا، موضوع زيادة الانفعالات والتوترات وتسارع ضربات القلب، والجانب الاكتئابي أوضحته لك.
القلق الاكتئابي يمكن علاجه بصورة فعالة جدا، أهمها أن تفهم أولا أن حالتك ليست خطيرة.
ثانيا: تحسين الإرادة والدافع العلاجي نحو التحسن مطلوب جدا، وهذا يأتي من خلال التفكير الإيجابي.
ثالثا – مهم جدا – أن تجيد وتحسن التصرف في الوقت، أجبر نفسك على أن تقوم بكل شيء في وقته وزمنه الذي تحدده حسب المتطلبات الحياتية، هذه الطريقة تحسن الدافعية لديك، وتحسين الدافعية عدو لدود للاكتئاب، يقضي عليه تماما - إن شاء الله تعالى - .
رابعا: الرفقة الطيبة والحسنة تؤازر الإنسان، والإنسان يحتاج لمن يؤازره ولا شك في ذلك.
خامسا: لا تجعل للشيطان بابا يدخل منه إلى نفسك، خاصة في موضوع الصلاة، أنت تعرف أهمية الصلاة، وتعرف قيمتها، حتى قيمتها العلاجية بالنسبة لحالك، فضع برنامجا لإدارة وقتك كما ذكرت لك، وأفضل ركائز لإدارة الوقت هي أن تجعل الصلوات الخمس نقاط التحرك، ماذا سوف تعمل قبل الصلاة؟ وماذا ستفعل بعد الصلاة؟ (وهكذا).
سادسا: احرص على ممارسة التمارين الرياضية، الرياضة فيها خير كثير جدا، فيها نفع عظيم لك، وتزيل الانفعالات والحدة النفسية، وتحسن المزاج ولا شك في ذلك.
سابعا: أرجو أن تقوم ببعض الفحوصات الطبية العامة – هذا مهم – تتأكد من مستوى هرمون الغدة الدرقية، ومستوى فيتامين (د) وفيتامين (ب12) هذه كلها مهمة وضرورية، مع التأكد بالطبع من نسبة السكر ووظائف الكلى والكبد، ومستوى الدهنيات، هذه قاعدة طبية رصينة فيجب ألا نحيد عنها أبدا، وهو إجراء يتم من وقت لآخر على الأقل في العام.
ثامنا: العلاج الدوائي، الأدوية المضادة للقلق والاكتئاب والتوتر كثيرة جدا، والزيروكسات يعتبر من أحسنها. الرزبريادون ربما يكون الطبيب أعطاه لك كعلاج مدعم، لكن الزيروكسات سوف يظل هو الدواء الرئيسي بالنسبة لك، وأنا أرى أنك محتاج لأن ترفع الجرعة، يجب أن تكون أربعين مليجراما على الأقل، والزيروكسات يمكن أن يتم تناوله حتى ستين مليجراما في اليوم، لكن لا أرى أنك تحتاج لهذه الجرعة.
فيا أخي الكريم: أرجو أن تراجع الدواء مع طبيبك، وأنا (حقيقة) وجهة نظري أن ترفع هذا الدواء إلى أربعين مليجراما ولا نستعجل أبدا في أن تنتقل إلى دواء آخر.
هذا هو الذي أنصحك به، وأقول لك أن حالتك يمكن علاجها، وعلاجها بصورة فعالة جدا، أرجو أن تتبع ما ذكرته لك من إرشاد، وتعدل الدواء، والدواء بالفعل إذا لم يؤدي إلى نتائج ممتازة بعد شهرين من رفع الجرعة فهنا أقول لك: قد تحتاج إلى أن تنتقل لدواء آخر مثل الإفكسر (مثلا).
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.