علاج الرهاب الاجتماعي سلوكياً ومعرفياً

1 559

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أستاذي عبدالعليم: بعد التحية

أرجو منك توجيهي لعلاج الرهاب الأجتماعي "اكتئاب بسيط" سلوكيا وليس دوائيا، لأن الدواء يجلب لي المضرة أكثر من المنفعة، وأنا على قدر من الاستعداد أن أجتهد سلوكيا في هذا الجانب، اتكلم من مبدأ "أنا لم أصب بالرهاب الاجتماعي بدواء تناولته فيجب أن اتخلص منه بدون دواء" "وداوها بالتي كانت هي الداء" أيضا أتمنى توجيهي لكتب معينة وفيديوهات وصوتيات لعلاج الرهاب، والأهم وهو ما أطلب مساعدتي فيه علاج الرهاب بالدين، أي عن طريق الرقية والأدعية والالتزام بالدين أكثر.

بارك الله فيك يا دكتور وعلى ما تقوم به من مجهود جبار لمساعدة الناس على جميع الأصعدة، وجزاك الله خيرا وكثر من أمثالك، أجمل التحايا لك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فهد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فأنا دائما أحب أن أسمع نوعية الأعراض التي يشتكي منها الإخوة والأخوات قبل أن نصل إلى الخلاصات التشخيصية. كثير من الإخوة يشخصون حالاتهم، ونحن نقدر جهدهم تماما، لكن إذا لم تسرد الأعراض بصورة واضحة هذا يجعل بعض الشكوك تساورنا، هل نحن بالفعل نعالج المرض الصحيح؟ عموما هذه نقطة وددت أن أذكرها لك، بالرغم من إدراكي التام أنك تعرف أعراض الرهاب الاجتماعي، فهي واضحة وجلية للإنسان، لكن الرهاب نفسه له درجات وله أنواع، ووجود الاكتئاب غالبا ما يكون اكتئابا ثانويا ناتجا من موضوع الرهاب الاجتماعي.

بالنسبة للفيديوهات والصوتيات: لا نملك هذا، لكن هناك بعض المواقع التي توضح بعض التوجيهات السلوكية صوتيا، وكثير من العلماء يرون أن أفضل وسيلة لعلاج الرهاب الاجتماعي هو التواصل المباشر مع نموذج علاجي ممتاز. المرهوب يعالج من خلال التواصل مع معالج محبوب. هذه قولة لا أدري إن كانت صحيحة مائة بالمائة، لكني أعرف تماما القيمة العلاجية للمقابلات المباشرة، والتدرب والحوار مع المعالج مفيد جدا.

مثلا في علاج الرهاب الاجتماعي سلوكيا: هنالك واجبات منزلية يعطيها المعالج للمعالج ويتم مناقشتها في الجلسة اللاحقة، وهذا قطعا لا نستطيع أن نوفره من خلال هذه الخدمة، لكن عموما هي مساهمة نسأل الله تعالى أن ينفع الجميع بها.

أهم خطوات علاج الرهاب الاجتماعي سلوكيا هي: تصحيح المفاهيم، كل مرضى الرهاب الاجتماعي لديهم مفاهيم خاطئة، هذه المفاهيم الخاطئة (أولا) لا يقدرون مقدراتهم بصورة صحيحة، يأتيهم الاعتقاد أنهم سوف يفشلون في المواقف الاجتماعية، لديهم أيضا مفهوم أنهم دائما تحت مراقبة الآخرين، وحتى الذي يحس بتسارع ضربات القلب عند المواجهة هنالك من يعتقد أن الآخرين يشعرون بذلك، وهذا ليس صحيحا.

إذن هذا الخوف هو تجربة خاصة بالإنسان لا يطلع عليها الآخرين أبدا، لا تلعثم، لا رجفة. هذه نقطة وركيزة أساسية جدا.

ثانيا: هنالك مفهوم معرفي مهم جدا، وهو: الإنسان دائما يكون له قرار في داخل نفسه، تعامله مع الناس يكون على احترامهم وليس على مبدأ الخوف منهم، هم بشر وأنا بشر، مآلهم مثل مآلي، مهما كانت مناصبهم أو وظائفهم أو أوضاعهم، هذه مبادئ علاجية رئيسية.

الخطوة الثالثة – وهي مهمة جدا وبالإمكان تطبيقها – وهي العلاجات الجماعية التي تقاوم الرهاب، وفي ذات الوقت يجد فيها الإنسان فرصة لتطوير مهاراته، من أهم هذه العلاجات حضور صلاة الجماعة، والحرص على أن يكون الإنسان في الصف الأول. مجالسة العلماء وأهل المعرفة – هذه مهمة – حضور حلقات التلاوة له عائد علاجي عظيم جدا. ممارسة أي نوع من الرياضة الجماعية مثل كرة القدم، هذا تواصل اجتماعي راقي جدا وممتاز جدا. الانخراط في الأعمال الخيرية والأنشطة الثقافية والأنشطة على نطاق الحي، هذه علاجات سلوكية جماعية لا أعتقد أنه يوجد أفضل منها مطلقا إذا طبقها الإنسان.

الخطوة الأخيرة في العلاج السلوكي هي: أن يحصن الإنسان نفسه اجتماعيا بصورة تدريجية، يعني ألا تتجنب مواقف خوفك، لكنك تتقدم عليها تدريجيا. هذا مبدأ سلوكي ممتاز، وعظيم جدا.

أيضا مفهوم لديك أن تمارين الاسترخاء مهمة جدا، وقد يسأل سائل: وما علاقة تمارين الاسترخاء بالرهاب؟ العلاقة وثيقة جدا، الرهاب الاجتماعي أصلا نوعا من القلق الخاص، والقلق لا يعالج إلا عن طريق الاسترخاء، فأرجو أن ترجع إلى استشارة لدينا في إسلام ويب تحت رقم (2136015) وسوف تجد بها بعض الإرشادات التي نسأل الله تعالى أن ينفعك بها.

النقطة الأخيرة، وهي نقطة الدواء: الرهاب الاجتماعي مرض بيولوجي نفسي اجتماعي، مهما يعالج سلوكيا واجتماعيا، هذا جيد، لكن الجانب البيولوجي لا يمكن علاجه إلا من خلال الدواء.

هذه حقيقة علمية، أنا مبدئي وسطي جدا في علاج الرهاب وغيره، وأنا أحترم وجهة نظرك، ولا أقلل لك من قيمة الإرشاد السلوكي، أبدا، حرص عليه وتطبيقك له بدافعية وإرادة علاجية حقيقية سوف يحسن من مزاجك ويزيل الرهاب - إن شاء الله تعالى – لكن قطعا العلاج الدوائي يعجل في الشفاء، علما بأنه توجد أدوية سليمة وصحيحة وغير إدمانية إذا استعملها المريض حسب الإرشاد الطبي أو المتابعة الطبية المباشرة مع الطبيب النفسي.

وللفائدة نحيلك إلى هذه الاستشارات التي بالموقع حول العلاج السلوكي للرهاب: (269653 - 277592 - 259326 - 264538 - 262637 ).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات