السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
أريد أن أشكر هذا المنتدى وكل أعضائه، لأنه يشفي الغليل، وخصوصا في حالتي.
قصتي بدأت بوفاة أبي حيث كنت نائما، فأخبرني أنه مريض، فجلست معه حتى توفي في منتصف الليل, بعد وفاته أصابني اكتئاب، ووسواس قهري، الخوف من الموت، والتوهم المرضي.
بدأت الحالة في التحسن, وأحيانا لا أعرف ماذا وقع لي؟! فأقول إنه وسوسة الشيطان، فذهبت، واشتريت (الكيف)، وهو من أنواع الحشيش لكي أستعمله في المعجون، وهو نوع من أنواع المخدرات، فأصابني عدم الإحساس بالواقع, والوسوسة, والغربة عن الذات, والخوف من الموت والإحساس به، والتوهم المرضي, وأصبحت محبا للعزلة والانفراد، حيث أجد راحتي مع نفسي، وخصوصا في غرفتي.
علما أن لدي الباكلوريا هذه السنة بعد أن رسبت فيها، ولدي ضغط كبير من طرف الأهل والأقارب.
كذلك لدي إشكال مع المدرسة، وهو عدم القدرة على حفظ الدروس, عدم مواكبتها؛ لأني لا أحس بالواقع، وأحس بحالات غريبة ومخيفة، وهي أني عندما أتكلم مع أي أحد من الأقارب وأتأمل فيه أغيب عن الواقع، فأقول (من هذا؟ وكيف جئت إلى هنا)؟!
المرجو مساعدتي؛ لأنني أعيش فترة جدا صعبة، حيث أحس ثقلا في رأسي، ولدي طموحات أريد تحقيقها في حياتي.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
يا أخي: ادع لوالدك بالرحمة، وفي الحديث الشريف (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث)، أحدها ولد صالح يدعو له فكن أنت - إن شاء الله تعالى – هذا الولد الصالح.
تفاعلك مع وفاة والدك من خلال الشعور بالاكتئاب والوسوسة والخوف من الموت، هو شعور إنساني يحدث خاصة بالنسبة لمن هو في سن صغيرة، ويشاهد الموت لأول مرة، والموت هو موت الوالد، وهو قريب له، فإذن ردود الأفعال في مثل هذا نحن نحسبها معقولة من الناحية النفسية.
الإنسان وهبه الله تعالى دفاعات نفسية كبيرة ليواجه بها مثل هذه الحالات، ومن أهمها الصبر، الدعاء، التيقن ومعرفة حقيقة الموت، والعمل لما بعد الموت.
هذه -أيها الفاضل الكريم- تساعد الإنسان كثيرا، فكن على هذا النهج.
إقدامك على استعمال المؤثرات العقلية الخطيرة، وهي الحشيش في المعجون - وهي مخدرات معروفة بالنسبة لي جيدا - يعرف عنها أنها تؤدي إلى ارتجاجات كيميائية خطيرة في داخل دماغ الإنسان، خاصة حين يكون الدماغ في مرحلة التكوين، وهنالك مادة تسمى بمادة (الدوبامين) تؤثر تأثيرا عظيما بهذا المخدر، وشخص مثلك بخلفية اكتئابية ووسواسية لا شك أن أثر وتبعات المخدر عليه، وعلى نفسه وجسده ستكون أكبر، لذا ما أتاك من أعراض فهي غير مستغربة، بل هي الشيء المتوقع.
العلاج واضح جدا، وهو أن تبعد نفسك تماما عن تعاطي هذه المواد الخطيرة، وأن تقتنع قناعة تامة أنها مدمرة محطمة مفتتة للذات الإنسانية.
لم أسمع أن متعاط للحشيش أفلح في حياته، أو أنجز أي إنجاز أكاديمي، أو كان فيه خير للآخرين أو لنفسه، هذا الكلام ليس فيه مبالغة أبدا، أنا أتحدث معك من قبيل التناصح، وبناء على تجارب، وممارسة طويلة.
أيها الفاضل الكريم: ما دمت قد حررت نفسك من هذه المأساة – مأساة التعاطي – أحسب أن أمورك سوف تتحسن، التركيز سوف يكون أفضل، الخوف سوف ينتهي، سوف تتحسن لديك الدافعية - بإذن الله تعالى – فقط أنت مطالب لأن تدفع نفسك دفعا إيجابيا، بأن تستفيد من وقتك بصورة صحيحة، وأن تكون لك صحبة طيبة.
هنالك أدوية بسيطة تساعد في مثل حالتك، هنالك دواء يعرف باسم (رزبريادون) أنت تحتاج أن تتناوله بجرعة واحد مليجرام ليلا لمدة شهرين، وهنالك دواء آخر يعرف باسم (تفرانيل) واسمه العلمي (إمبرامين) تحتاج لأن تتناوله بجرعة خمسة وعشرين مليجراما يوميا لمدة ثلاثة أشهر أيضا، وهذه جرعة صغيرة لكنها مفيدة جدا - بإذن الله تعالى - .
تنظيم الوقت، ممارسة الرياضة، أن تدرس دراسة جماعية، أن تستوعب القيمة الحقيقية للعلم والمعرفة، هذا كله - إن شاء الله تعالى – يجعلك تتجه اتجاها صحيحا.
كن حريصا على الصلاة في وقتها، وعليك ببر الوالدين، والدعاء للميت منهما وبرهما، وطاعة من هو حي منهما، وبر من كان يعرفهما، ويحبهما.
أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وأشكرك على تواصلك مع إسلام ويب