تغير صديقي فتغيرت أحوالي... كيف أعود كما كنت

0 511

السؤال

السلام عليكم
لا أعرف من أين أبدأ!
أنا شاب أبلغ من العمر أربعة وعشرين عاما، أعمل لساعات عمل قصيرة، فعملي يعتمد على إنجاز المطلوب مني والانصراف، وهذا يعني أنني أستطيع تطوير ذاتي كثيرا لو استثمرت وقتي ونظمته، كما أنني أدرس اللغة الإنجليزية في أحد المعاهد في مستوى متقدم.

مشكلتي أثرت على عملي ودراستي، والأهم أنها أثرت على التزامي بصلاة الجماعة، رغم أن الناس يعتبرونني متدينا، لا أعرف متى بدأت المشكلة تحديدا لكنني أجزم أن سببها ما حدث بيني وبين صديقي الذي أعتبره عائلتي، قبل فترة اكتشفت بأن صديقي يدخن الشيشة مع مجموعة شباب دون علمي، وأنه كان يكذب علي طوال أشهر كي يذهب للشيشة، أثر في الأمر كثيرا، والذي أثر أكثر ردة فعله؛ حيث يرى بأن الأمر بسيط ولا يستحق أن أتضايق بسببه، وقد يرى البعض ذلك، لكن الموضوع له أبعاد أخرى لم أتوقعها من صديقي، وهي الأمور التي تطلبها الأمر (الكذب، التحايل علي، مشاركة أوقاته مع آخرين في أوقات حاجتي له، العصبية معي عندما لا يذهب للشيشة، التضايق من الجلوس معي عندما يمنعه الجلوس معي من الذهاب للشيشة).

حدثت مشاكل كثيرة بيننا لهذا السبب ووعدني كثيرا أنه لن يذهب مجددا، وأخلف وعده، وأصبح ينفر مني بسبب هذا الأمر، وبدأ يذكرني بأفعال سيئة فعلتها في الماضي، وفي نهاية المطاف تعبت من كثرة محاولاتي بشتى السبل وهو مازال يذهب للشيشة ولا يهمه أمري رغم أنه يتظاهر بالاهتمام بي.

الآن أنا مهمل ولا مبالي بأهم الأمور، وكسول، ومشتت، وشارد الذهن، لدرجة أنني أجاهد لكتابة هذه السطور ونومي غير منظم، ولا أذهب إلى عملي في أغلب الأيام، ولم أذهب إلى المعهد، منذ فترة لا أستطيع التركيز على شيء أشعر أنني أقوم بعمل أشياء سخيفة لم أكن أعيرها اهتماما مثل الألعاب في الجوال أو الكمبيوتر، وأتجاهل أعمالا بسيطة ومهمة مثل تفريش الأسنان، رغم أنني حاولت كثيرا أن أنظم نفسي، وأن أكون نشيطا وأهتم بعملي ودراستي، لكن سرعان ما أعود إلى حالتي.

أعتذر على الإطالة أريد رأيكم بصديقي وبحالتي، وما الحل؟ وهل يوجد دواء يناسب حالتي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالمحسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نشكر لك هذا الحرص على الصديق، ونشكر لك التواصل مع الموقع، ويشرفنا أن نرحب بك وبهذا الصديق، ونسأل الله أن يرده إلى الصواب، وأن يعيد العلاقة بينكما إلى ما كانت عليه من الزلفى والمحبة، ونتمنى أن تظل مع هذا الصديق وتجتهد في النصح له والاهتمام به، لعل الله تبارك وتعالى يجعلك سببا لهدايته وعودته إلى الصواب، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقر عينك بصلاحه.

نشكر لك أيضا الطموح العالي والحرص على أداء العمل والحرص على تطوير النفس، فإن شعور الإنسان بأنه في حاجة لمثل هذه الأشياء هي البداية المهمة وهي البداية الصحيحة في السير في الطريق الصحيح، ونسأل الله تبارك وتعالى لك التوفيق والسداد.

عليك أن تتعوذ بالله من الشيطان الذي يريد أن يثبطك، وشغل هذا الشيطان أن يحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله؛ ولذلك أرجو أن تتعوذ بالله من الشيطان، وتتذكر أن الذي كان يوفقك بالأمس (سبحانه) هو الذي إذا لجأت إليه سوف يأخذ بيدك ويخرجك مما أنت فيه.

إذا كان الناس قد ظنوا أنك متدين فأحسنوا بك الظن فارتفع لتكون عند حسن مستوى ظنهم، هكذا المؤمن، إذا ظن الناس به خيرا فإنه يجتهد في الارتفاع ليكون عند حسن مستوى ظنهم، بل يكون أفضل مما يظنون، ويستغفر الله أن يغفر له ما لا يعلمون، ويجتهد في الرضا والتقرب إلى الله تبارك وتعالى.

أرجو أن تعلم أن ذلك الصديق وأن الاحتيال وأن كل ما كان يحدث هو أن هذا الصديق يريد أن يخفي عنك ذلك الخطأ، وقطعا هذه طريقة غير صحيحة، ولكن بعد أن ظهر لك أنه يمارس تلك الممارسة ويجلس في مجالس الشيشة – بل هو من أهلها – ندعوك إلى أن تظل معه، وإلى أن تجتهد في النصح له، وإلى أن تجتهد حتى يعود إلى الصواب وإلى الخير.

بالنسبة لك أيضا: ينبغي أن تقف مع نفسك وقفة للتصحيح، وأرجو أن تكون البداية بأداء الصلاة في وقتها، والمحافظة عليها حيث ينادى بها، ثم بعد ذلك عليك بتنظيم الوقت وتنظيم العمل على الطريقة التي تحقق لك المصلحة، وتوفر لك وقتا تستطيع أن تطور به المهارات، واعلم أن ما أنت فيه هذا لا يسر سوى الشيطان، الذي يحزنه أن ينجح الإنسان، يحزنه أن تصلي، ويحزنه أن تكون المودة بينك وبين هذا الصديق، وإذا كان العظيم قد أخبرنا أن الشيطان عدو لنا فإن العلاج لهذا العدو أن نعامله بنقيض قصده، لأن الله قال: {إن الشيطان لكم عدو} ثم قال: {فاتخذوه عدوا} ولا تتحقق العداوة للشيطان إلا بطاعة مالك الأكوان، إلا بطاعة الرحيم الرحمن سبحانه وتعالى.

لذلك نحن ندعوك إلى أن تنظر للحياة بأمل جديد وثقة في الله المجيد، ثم تبدأ بتوبة نصوح، وتلجأ إلى الله تبارك وتعالى، وتحرص على أن تواظب على الصلاة، ثم بعد ذلك بعد أن تتمكن منك هذه المعاني الإيجابية، وتؤدي الصلاة في وقتها، عليك بعد ذلك أن تبحث عن هذا الصديق، وأرجو أن تعان على هدايته وعلى النصح له، ولا أعتقد أن ذلك من الأمور الصعبة، لكن يحتاج منك إلى عزيمة، ويحتاج منك إلى تواصل معه، وإلى المحافظة على العلاقة، لأن بعدك عنه أثر عليه، وبعدك عنه أثر عليك أيضا، فنتمنى أن تعود الأمور إلى وضعها، مع الاستمرار في النصح لذلك الصديق، الذي نسأل الله تبارك وتعالى أن يقر عينك بصلاحه وبهدايته وبعودته إلى الطريق الذي يرضي الله تبارك وتعالى، وأرجو أن تواصل النجاحات التي بدأتها في تطوير نفسك وفي تطوير اللغة وفي تنظيم أوقاتك وعلاقاتك مع الآخرين، وأرجو أن تعطي النفس حظها من الراحة، وحقها من الطعام، نصيبها أيضا من الترويح والترفيه، واجتهد في أن تتواصل مع والديك ومع أهلك، وكن في مساعدة الضعفاء ليكون العظيم في حاجتك.

نسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات