السؤال
السلام عليكم
كيف يتعامل ابني مع زوجته المريضة.
تزوج ابني من فتاة على خلق، ولها خطوات في الالتزام، وهو إمام مسجد بالإضافة لعمله الأساسي، مر على زواجه عشرون شهرا، نتج عنها طفلة عمرها أربعة أشهر.
في بداية الأمر كان يشكو من نظافتها الزائدة، وغيابها الكثير في الحمام، وكثرة استخدامها للمنظفات، ثم تفاقمت المشكلة بعد إنجابها طفلتها، وبعد رجوعها من عند أهلها بعد الوضع، فذهب بها لطبيب استشاري علاقات أسرية، والذي أخبرهم بإصابتها بوسواس قهري.
أخبرها أنها كانت تعاني منه منذ سنوات، لكنها لم تعرف واستفحل المرض بعد الوضع، لتعرضها لضغوط عصبية خاصة من والدها أثناء وجودها معهم.
استحلفت الزوجة ابني ألا يخبر أهله، لكن مع الضغط النفسي عليه وملاحظتي لذلك أخبرني، وعرضت عليه بعض الحلول، وقرأت عن هذا المرض على موقعكم الموقر، فاستسمحته أن نطلب استشارتكم بعد أن أخبرهم الطبيب أنه لا يستطيع إعطاءها العلاج العادي لهذا المرض، لأنها مرضعة، وأعطاها نوعا خفيفا يقلل الفكر عندها، وأخبرها كيف تتعامل لكنها منذ ذهبت للمرة الثانية عند أهلها لا تستطيع الرجوع لابني، متعللة بأنها تخشى أن تتفاقم بينهما المشاكل، لأن ابني يصبر أحيانا وأحيانا يثور!
عندما سألته لماذا تفعل معها ذلك, وأنت تعلم أنها مريضة؟ فيقول إن له طاقة، وأكثر ما يؤلمه انفعاله على صغيرته، وهي تقول له انفعل علي أنا ولا تنفعل على الصغيرة، مما يؤثر على نفسيتها.
هو يحبها كثيرا جدا، فلا يقوى على بعدهم، ثم عندما تأتي يصبر ويثور، فكيف يتعامل معها؟ لأنه يشعر بضيق شديد ويشعر قد أنه أصبح هو الآخر يحتاج لطبيب، وكيف نتعامل نحن معها؟ أثابكم الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم الأولاد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أشكرك على ثقتك في إسلام ويب، وأسأل الله تعالى العافية والشفاء لزوجة ابنك، وأنا أقول لك إن الوسواس القهري من الأمراض المنتشرة، وهو لا يعتبر (حقيقة) مرضا عقليا، إنما هو حالة نفسية قد تكون خفيفة أو متوسطة، والوسواس القهري دائما يأتي للطيبين وأصحاب الضمائر الحية، لكنه بالفعل متعب لصاحبه ولمن حوله.
هذه المرأة – شفاها الله – من الواضح أن وساوسها أدت إلى ما نسميه أيضا بالاكتئاب الثانوي، أي أصبح لديها عسر في المزاج، وأصبحت انفعالية، ولذا وجد ابنك صعوبة في التعايش معها.
أرجو أن تطمئني ابنك أن هذه الحالة يمكن علاجها تماما، وهو بحكم أنه إمام مسجد يجب أن يعرف أن الوساوس موجودة، وحتى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قد اشتكوا منها، وأحيانا تكون في شكل أفعال، وأحيان تكون في شكل أفكار، وهي -الحمد لله تعالى- أصبحت الآن يمكن أن تعالج علاجا ممتازا، وذلك من خلال مقابلة الطبيب النفسي وتناول أدوية معينة مع بعض الجلسات السلوكية.
أيتها الفاضلة الكريمة: حثي ابنك على حفظ زواجه، وزوجته يمكن أن تعالج تماما، والتخلي عنها أو انفعالاته الزائدة في حالة ضعفها هذا ليس أمرا مستحسنا، وهو رجل ملم بأمور الدين، والإحسان فيما بينهما أفضل، فيجب أن يكون رفيقا، يجب أن يكون لطيفا معها، ويجب أن تتعالج.
هي الآن مرضع، وهذا أمر يقدر تماما، الأدوية في أثناء الرضاعة هناك محاذير حولها، لكن هناك أدوية سليمة نسبيا، مثلا عقار (مودابكس) والذي يعرف علميا باسم (سيرترالين) نعتبره سليما في فترة الرضاعة، خاصة حين يتعدى عمر الطفل ثلاثة أشهر.
كذلك عقار (زيروكسات) والذي يعرف علميا باسم (باروكستين) أيضا من الأدوية الممتازة جدا، وهو سليم نسبيا.
هنالك أدوية سليمة وتساعد في إضعاف هذه الوساوس القهرية، وهذه الزوجة الكريمة لو جلست مع الأخصائي النفسي جلستين أو ثلاث، سيوجهها في كيفية تحقير الوساوس وعدم اتباعها، فإن شاء الله تعالى تتحسن أحوالها، وتستمر على علاجها، وليس هنالك أي مشكلة.
الحل الآخر هو: أن تتوقف عن إرضاع الطفلة، أعرف أن هذا قد يكون له بعض التبعات السلبية على والدها، خاصة أنه رجل قطعا يكون حريصا لأن تكمل طفلته الرضاعة، لكن الأمر فيه شيء من الضرورة، ويمكن أن تتناول هذه الزوجة جرعة الأدوية كاملة، وتشفى تماما.
إذن هناك حلول، والحلول موجودة، وأنا من جانبي أؤكد لك – وأرجو أن تؤكدي لابنك – أن زوجته يمكن أن تتعالج، وأنه من المفترض أن يقف بجانبها في مثل هذه اللحظات، يجب ألا يكون انفعاليا، ليس هنالك ما يدعو لأن يفكر هو في العلاج وأنه يحتاج للطبيب، فهو ليس بمحتاج لطبيب.
المشكلة الأساسية لدى زوجته، وزوجته يمكن أن تعالج، وهذا هو الحل، وأرجو أن تنصحيه وتقولي له إن الحكمة ضالة المؤمن، فالأمر محلول ومحلول تماما، ومن جانبي أسأل الله لها العافية والشفاء، وأشكرك على اهتمامك بأمرها، فهي في مقام ابنتك بالطبع، ويهمك أمرها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.