السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
استشرتك سابقا, وقد استفدت من توجيهاتك من حيث استخدام الأدوية, حيث إن لي مدة طويلة مع مرض الاكتئاب -ما يقارب خمس عشرة سنة- ولله الحمد.
باختصار: بدأت الحالة معي بالخوف, والقلق, والتوتر, وتوهم المرض, ثم تطورت الحالة إلى اكتئاب نفسي, ومع استمراري على بعض الأدوية -خاصة البروزاك والسيروكسات- زال عني الخوف والقلق.
استمرت المعاناة من الاكتئاب, يخف مدة شهرين إلى ثلاثة أشهر ثم يعود, وكنت في الستة أشهر الأخيرة منتظما على الأفكسور 150م, وميرزاجين 15م, علما بأني مستمر على الميرزاجين, والذي يعرف بـ (الريمرون) منذ أكثر من خمس سنوات, وذلك أنني لا أستطيع النوم إلا به, ولكنه في الفترة الأخيرة بدأ يفقد مفعوله معي, وقمت بتخفيف الافكسور لأني أعاني من الضغط.
توقفت عن الريمرون فعادت نوبات الهلع والخوف, وعند زيارة الطبيب النفسي قبل أسبوع قال لي سوف أغير العلاج, وأرسم لك خطة لاستخدام الوصفة الجديدة, وهي على النحو التالي:
(20 م) بروزاك صباحا, و(20 م) سبرام ظهرا, و(50 م) لوسترال مساء قبل النوم, ومن (100) إلى (200 م) دوغماتيل مساء, حيث إنني أعاني من القولون, والدوغماتيل يريحني كثيرا في القولون, وأنا مرتاح لهذه الوصفة جدا, إلا أنني بدأت تنتابني الحالات التالية:
1- أشعر بآلام فظيعة في عضلات جسمي كلها.
2- أشعر بعدم التركيز, حتى إنني لا أستطيع قراءة سطرين.
3- أشعر بتعرق وبرودة داخل جسمي, وضيق نفس, وقلق.
سؤالي يا دكتور محمد: هل هذه الأعراض الانسحابية لـ افكسور والريمرون؟ أم أنها أعراض جانبية للوصفة الجديدة المذكورة أعلاه؟ أم أنها زيادة في مادة السيروتينين؟
لدي رغبة للعودة إلى الريمرون, وأريد منك أن توجهني: هل أضيفه مع أدويتي المذكورة أعلاه؟ أم أستبدله مكان أي واحد منهم؟ وهل تنصحني بإيقاف أي من البروزاك أو السبرام أو اللوسترال, وأضع بدله الريمرون, أو أستخدم السيروكويل؟ حيث إنني سمعت عنه أنه محسن للنوم, ومثبت للمزاج.
علما بأنه يسبب خمولا طيلة اليوم التالي, ويقال إنه لا يصلح لمرضى السكر, حيث إن عندي السكر, ولو نصحتني به بدلا من الريمرون فكم الجرعة المناسبة لاستخدامه؟ وهل جرعة الدغماتيل مناسبة؟
شاكرا لك صبرك علينا, وجزاك الله كل خير.
والسلام.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو وائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فأشكر لك تواصلك مع إسلام ويب، وعلى ثقتك في شخصي الضعيف، وأسأل الله تعالى لك العافية.
رحلتك الطويلة مع الاكتئاب لا تحسب أنها شر، هو ابتلاء, وأنت والحمد لله تعالى أصبحت لك الاندفاعات النفسية, والآليات القوية التي من خلالها تستطيع أن تتعامل مع الاكتئاب, فليس من الضروري أن نزيل المرض تماما، لكن من الضروري جدا هو كيفية التعايش معه والتواؤم معه، والتكيف معه، وهذا ممكن جدا.
وأنا من وجهة نظري الشخصية الضعيفة أن الإنسان الذي يتواءم مع صعوباته الصحية -مثل مرض السكري مثلا– هذا أفضل كثيرا من كثير من الناس الذين يعتقدون أنهم أصحاء لكنهم في حقيقة الأمر لا يعيشون حياة صحية.
فيا أخي الكريم: إن شاء الله تعالى أنت بخير, وانطلاقاتك إيجابية، وهذا سوف يساعدك كثيرا.
بالنسبة للوصفة الدوائية التي تتناولها الآن: أنا (حقيقة) لا أحب أبدا أن أعلق على منهجية إخوتي وزملائي الآخرين من الأطباء النفسانيين في العلاج، لكن قطعا الأمانة العلمية تقتضي أنني ألا أقوم مطلقا بوصف ثلاث مضادات للاكتئاب في مرة واحدة, هذا لا أجد له سندا علميا (حقيقة), وفي ذات الوقت لم أطلع عليه في أي من البروتوكولات العلاجية المعروفة لدي، لكن بعض الزملاء الأطباء يعتمدون على خبرتهم، وتكون رؤاهم صحيحة.
وفي حالة أن يتناول الإنسان أكثر من مضاد للاكتئاب في نفس الوقت يجب أن تحسب الجرعة، مثلا: أنا أرى أن جرعة عشرين مليجراما من البروزاك, وعشرين مليجراما من السبرام, وخمسين مليجراما من اللسترال؛ هذه لم تتعد أبدا الجرعة السليمة، وإذا حسبناها بالمقادير الدوائية يعني كأنك تتناول ثلاث كبسولات من البروزاك، والبروزاك يمكن أن يكون حتى أربع كبسولات في اليوم، وإذا حولنا الجرعة إلى سبرام هذا يعني أيضا أنك تتناول تقريبا ثلاث حبات –أي ستين مليجراما– في اليوم، وهذه جرعة صحيحة أيضا، وإذا حولناها إلى لسترال فهذا يعني أنك تتناول مائة وخمسين مليجراما من اللسترال، علما بأن الجرعة يمكن أن تكون حتى مائتي مليجراما في اليوم.
فهي حسب المقاييس المعيارية جرعة صحيحة، أو سليمة، هذا هو الأصح، لكن قطعا هنالك تفاعلات ما بين هذه الأدوية، قد لا تكون واضحة, وعموما هذه قضية طويلة, ولا أريدك أبدا أن تخوض في غمارها, ومناقشتها مع طبيبك ربما يكون هو الأفضل والأحسن.
بالنسبة للأعراض التي تعاني منها: كل الاحتمالات التي ذكرتها صحيحة –أيها الأخ الكريم– الآثار الانسحابية للإفكسر قد تظل حتى أربع أسابيع، أما بالنسبة لمتلازمة السيروتونين فهي (حقيقة) مزعجة، وأنا دائما أحذر منها, واحتمالية أنها هي التي سببت لك الآلام احتمالية ضعيفة؛ لأن الجرعة لم تتعد الحيز والنطاق المعياري، لكن قطعا الخلط بين الأدوية قد تنتج عنه أيضا تفاعلات جانبية سلبية.
الريمارون ليس له أعراض انسحابية على الشاكلة التي ذكرتها، وهناك احتمالات أخرى: مثلا نقص فيتامين (د) ربما يكون سببا، السكر ربما يكون سببا، وربما تتجمع هذه الأسباب مع بعضها البعض وتؤدي إلى هذه الحالة الإكلينيكية.
عموما -أخي الكريم– أرجو أن تذهب إلى الطبيب الباطني, وتقوم ببعض الفحوصات الأساسية للتأكد من وضعك الصحي.
من الناحية النفسية الدوائية: طبعا لا أنصحك بأن تضيف أي دواء على هذه الأدوية، على العكس تماما لو اختصرتها في مضادين للاكتئاب مع تعديل في الجرعات ربما يكون هذا أفضل، لكن هذا يجب أن يكون باستشارة طبيبك.
أما فيما يخص السيروكويل فأنا (حقيقة) أفضل هذا الدواء كثيرا, حيث إنه بالفعل محسن للنوم، وفوق ذلك هناك الآن دراسات كثيرة جدا تقول إن السيروكويل نفسه مضاد للاكتئاب، له فعالية في هذا السياق, وبالنسبة لما يسببه من خمول: هذا لا يحدث إذا كانت الجرعة تدرجية، مثلا: تبدأ بخمسة وعشرين مليجراما ليلا لمدة أسبوعين، بعد ذلك تجعلها خمسين مليجراما ليلا، وتستمر عليها، وإذا لم يتحسن النوم يمكن أن ترفع الجرعة حتى مائة مليجراما، وهذه تعتبر جرعة صغيرة وبسيطة، وعلى هذه الشاكلة لا تؤثر أبدا على مستوى السكري.
التأثيرات السلبية فيما يخص الدهنيات والسكر للذين يتناولون السيروكويل والأدوية المشابهة تكون مع الجرعات الكبيرة، لكن لا بد أن تراقب نفسك، لا بد أن يكون هنالك فحص دوري، ولا بد أن تمارس الرياضة أخي الكريم، فهي مفيدة لك جدا، خاصة في مثل هذا العمر.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأشكر لك تواصلك مع إسلام ويب.