أضحك وأتكلم مع نفسي كثيرا.. فهل من سبيل للتخلص من ذلك؟

0 614

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخوتي الكرام: أود استشارتكم بخصوص حالتي النفسية، أنا شاب أبلغ من العمر 28 عاما، حيث أنني منذ سبع سنوات حدث لي تدهور كبير في حالتي النفسية، وانقطعت عن الدراسة وأصبحت أضحك وأتكلم كثيرا مع نفسي بصوت واضح، لدرجة أن الناس من حولي يعتقدون أنني مجنون، وينظرون إلي بنظرة الشفقة والرحمة، لدرجة أني فقدت الثقة في نفسي بدرجة كبيرة، بعدها قرر والدي أخذي إلى طبيب نفسي، وذهبت إلى الطبيب، عندها أبلغ والدي الطبيب أنني أتحدث وأضحك كثيرا مع نفسي، فشخص الطبيب حالتي على أنها ( انفصام الشخصية )، ووصف لي الدواء zyprexa 10mg مرتين يوميا صباحا ومساء لمدة ثمانية أشهر بالضبط، بعد الشهر الثامن من استخدام علاج zyprexa قرر الطبيب تغيير العلاج، واستخدام علاج آخر اسمه Risporida 4mg مرتين في اليوم واستمريت فترة طويلة، وكل مرة أراجع الطبيب يصف لي نفس الدواء لغاية ما أتممت 6 سنوات، وأنا أتناول Risporidal مرتين باليوم جرعة 4mg .

بعدها تحسنت حالتي قليلا، وعدت إلى الدراسة -والحمد لله- تخرجت وحصلت على وظيفة، لكن المشكلة في الوقت الحالي أني لازلت أتحدث مع نفسي كثيرا وأضحك؛ مما سبب استغراب واندهاش الناس، وأي شخص يكلمني أو ينادي علي أن لا أستجيب له بسرعة، إنما استجيب بعد ربع دقيقة تقريبا، وهذه تحدث معي بشكل يومي.

فهل من سبيل للتخلص من مشكلة الضحك الهستيري، والتحدث مع النفس بصوت واضح، لكي أعود إلى طبيعتي مثل باقي الناس؟ لأني صراحة تعبت كثيرا واستخدمت العلاج فترة طويلة zyprexa ثمانية أشهر Risporida ست سنوات، لكن مع ذلك لم أتمكن من ضبط نفسي، وعدم الحديث معها، مع ملاحظة أني كثير المشي والحركة، ولا أستطيع الجلوس في مكان معين فترة طويلة.

وبعض الأحيان يظهر لون احمرار في الجلد في منطقة الرقبة، والصدر، والطبيب يقول: إنها طبيعية بسبب تناول Risporida ولكنها تسبب لي إزعاجا.

أرجو توجيه النصح والإرشاد لي، مع خالص شكري وتقديري لكم، ولجهودكم المتميزة في خدمة الإسلام والمسلمين، وفقكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضل/ حسين محمد جباري حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب.

أخي رحلتك مع هذا المرض، والعلاج فيه مؤشرات إيجابية، وأهمها أنك صابر، بجانب الصبر التزامك بالعلاج وهو السبب الرئيسي الذي أدى إلى هذا التحسن الكبير في حالتك.

مرض الفصام -أيها الفاضل الكريم- له أعراض ذهانية إيجابية مثل الهلاوس، وله أعراض سلبية مثل الانسحاب الاجتماعي، وله أعراض معرفية، ومنها ضعف التركيز، وله أعراض متعلقة بالشخيص تتعلق حول تدهور الشخيصة، فإذن هو ليس مرضا فقط يصيب الناس في أفكارهم كما يعتقد البعض.

أنت -الحمد لله تعالى- من الواضح أن كل هذه الأعراض لديك قد انحسرت تماما، والتزامك بجرعة العلاج، ثم استمرارك على الجرعة الوقائية هو عمل عظيم، أنا أود أن أشيد به مرة أخرى؛ لأن من أهم القضايا أو المشاكل أو الصعوبات التي نواجهها مع هذه الأمراض هو عدم التزام الكثير من المرضى بالدواء، خاصة بعد أن تظهر لديهم بوادر التحسن، ويعتقدون أن الشفاء قد تم، الفصام لا شك شفاؤه هو الوقاية منه، والوقاية منه تكون بتناول العلاج، وأنت -الحمد لله تعالى- على الخط السليم.

أيها الكريم: ما تبقى من أعراض هي ثلاثة:
- موضوع الضحك الهستيري كما ذكرته.
- وحديث النفس بصوت عال.
- وهنالك عرض مهم جدا أنت ذكرته، وهو كثرة المشي والحركة، وعدم استطاعة الجلوس في مكان واحد، هذا عرض يهمني جدا؛ لأن علاجه معروف وسهل -إن شاء الله تعالى-.

بالنسبة لهذا الضحك الهستيري كما وصفته، وما دمت أنت متأثر به، فلابد أن يكون هنالك من جانبك درجة التحكم فيه، وذلك من خلال تحقيره، ومن خلال أن تكون أكثر حزما مع نفسك، مادام الاستبصار موجودا، ومادام الارتباط بالواقع موجودا، فهنا أقول لك أن تحقير هذا الأمر، وعدم استحسانه، أنت لا تستحسنه بالطبع، لكن أريدك أن ترفع درجة استحقار الذات فيه، وهذه -إن شاء الله تعالى- توصلك إلى التوقف عنه.

التحدث مع النفس بصوت عال في بعض الأحيان حين يكون الإنسان وحده هذا فيه نوع من التنفيس، لكن بالطبع أمام الآخرين هي ظاهرة اجتماعية غير مقبولة، وأنا أقول مرة أخرى أنه يجب أن تضبط نفسك، يجب أن تكون صارما جدا في هذا الأمر، وعليك أن تقوم بتدريبات يوميا، وتجلس مع نفسك، وتقول أنا الآن سوف أضحك ضحكة هستيرية، وسوف أتكلم بصوت عال، وبعد ذلك تضع هذه الآليات العلاجية، وتقول هذا الضحك خطأ، هذا أمر مهين لي اجتماعيا، وهذا الحديث بصوت عال، لماذا أقول بمثل هذا، يجب أن تعيش الحدث، ثم تقبحه هذا علاج سلوكي معروف.

النقطة الأخرى المهمة جدا فيما يخص زيادة الحركة لديك، هذا قطعا أثر جانبي من أثار رزبريادال Risporidal هو دواء ممتاز، ولكنه في بعض الأحيان قد يؤدي إلى هذه الخاصية، وهذه تعالج من خلال تناول عقار يعرف باسم أندرال، تناوله بجرعة (10)مليجرام صباحا و(10) مليجرام مساء، لمدة شهرين أو ثلاثة ثم تتوقف عنه.

هنالك دواء يعرف باسم آرنت تناوله يوميا بجرعة (2) مليجرام لمدة شهر، ثم توقف عنه، تناول هذه الإدخالات الدوائية الجديدة من أجل كبح الآثار الجانبية للرزبريادال Risporidal يمكنك مشاورة طبيبك فيها.

أيها الفاضل الكريم: أنا على ثقة تامة أن الأدوية البسيطة التي وصفتها لك سوف تساعدك كثيرا، وسوف تنتهي هذه الأعراض تماما.

أيها الفاضل الكريم: أنت أنجزت بفضل الله تعالى، وتحصلت على مؤهلك العلمي، وهذه غاية عظيمة قد بلغتها، أريدك أن تعيش حياة طبيعية، تتواصل اجتماعيا، وأن تعمل، وأن يكون لك حضور حقيقي على مستوى الأسرة، وعلى مستوى الزملاء والأصدقاء، كن حريصا على عباداتك، وهذا -إن شاء الله- كله يؤهلك اجتماعيا؛ لأن التأهيل النفسي والاجتماعي والسلوكي هي من المتطلبات الرئيسية جدا لتدعيم العلاج في مثل حالتك -وإن شاء الله تعالى- استمرار التعافي ومنع أي انتكاسة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد .

مواد ذات صلة

الاستشارات