السؤال
الله يسعد صباحك -يا شيخ- بكل خير
سؤالي: يا شيخ أنا تعرضت لمشاجرة بسيطة مع شخص لا أعرفه البتة, للأسف الشخص عنده شك في أهله, وتعرض لي, ومع حدة المشاجرة سقطت غترتي على الأرض, وأخذ شماغي, وذلك منذ سنتين.
سؤالي: يا شيخ أنا شديد التفكير في الموضوع, وأتمنى أن تطمئنني: هل يتم سحري بمجرد أخذ شماغي؟ أم أنه لا بد أن يعرف اسمك واسم والدتك؟
أتمنى التوضيح, ولك مني جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالرحمن محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يرد عنك كيد الكائدين وحقد الحاقدين، وحسد الحاسدين، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، وأن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن، إنه جواد كريم.
بخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل– فإنه مما لا شك فيه أن السحر له أنواع, وأن السحرة أيضا أنواع، وأن هناك من السحر ما يتم عن طريق الأسماء، وهناك ما يتم عن طريق الأثر، وأقصد بالأثر هنا: شيء من الشخص المطلوب سحره، فيأخذه الساحر ويحاول ما يريد من أعمال السحر, أو الكهانة, أو الشعوذة، هذا كله وارد، ولا يوجد هناك مانع من أن يتم ذلك على الشيء الذي سقط منك وأخذه هذا الرجل.
لا نستطيع أن نجزم جزما أكيدا أنه فعل شيئا، فقد يكون أخذه بنية إغاظتك، ثم بعد ذلك ألقاه في أي مكان في طريقه وانتهت المسألة، وقد يكون أخذه فعلا بنية أن يجري عليه بعض أعمال السحر، سواء أكان ذلك بنفسه, أو كان ذلك عن طريق استعانته ببعض هؤلاء السحرة المجرمين.
هذه كلها أمور واردة، ولكننا لا نستطيع -أخي الكريم الفاضل عبد الرحمن– أن نجزم بشيء منها، وما دام الله تبارك وتعالى قد أكرمك خلال هذه الفترة, ولم يحدث تغير في حياتك إلى الأسوأ, أو حدوث أمراض لم تكن موجودة, أو نفرة من شيء كنت تحبه, أو وجود خلافات في داخل الأسرة، أو تغير في أحوالك المالية للأسوأ، أو غير ذلك.
أنا أرى أن الأمر قد انتهى، لأن مرور هذه الفترة كاف، خاصة وأن الإنسان منا إذا كان في أول الغضب فإنه يحاول فعلا أن ينتقم ممن أساء إليه, أو سبب له هذا الإزعاج، أما بعد مرور فترة من الزمن فإن النفس البشرية شأنها شأن النار في الهشيم، ما إن تلبث أن تتحول إلى رماد، ودائما الغضب يكون عند اشتداد الخلاف، أما عندما ينتهي فإن الإنسان يكرمه الله تبارك وتعالى بشيء من التعقل والإدراك، وهذه سنة كسنة النسيان.
لو أن كل واحد منا ظل يتذكر الأشياء بنسبة قوية دائما, ولم ينسى شيئا من معالمها وآثارها لعله يجن بذلك، خاصة إذا كان قد فقد عزيزا له، إذا ظل يصاحب هذه حالة من الحزن والكآبة والعيش في الماضي، فإنه قد يدمر نفسه، ولكن من رحمة الله تبارك وتعالى أن الله جعل لكل شيء بداية وجعل له نهاية، والأول بلا ابتداء هو الله، والآخر بلا انتهاء هو الله، أما كل شيء عادة كالليل والنهار.
أنت ترى الليل عندما يدخل يكون له حالة، ولكنه لا يلبث أن يفارق الدنيا ليأتي النهار، ويخرج الناس من بيوتهم ومن أماكن نومهم يتحركون بحثا عن الأرزاق والأقوات والأعمال، وهذا أمر نراه يوميا بأعيننا، كذلك أيضا نوبات الغضب والخلاف يكون الأمر في أشده عند حدوث ووجود المشكلة، أما بعد فترة فالغالب والذي عليه معظم الناس أن الأمر ينتهي، ولو أن هذا الرجل أراد –فرضا– أن يصنع لك سحرا لفعله من أول الأمر، أما وقد مرت عليك هذه المدة في حدود سنتين, ولم يحدث هناك شيء سلبي -كما ذكرت– في حياتك، شيء ذو معنى، لأن الدنيا كما تعلم دار ابتلاء وامتحان واختبار، قد تكون عندك في حياتك بعض المشاكل, ولكن لا يلزم أن تكون بسبب هذا السحر.
لذلك أنا أرجو ألا تشغل بالك بهذا الأمر، لأن شغلك به نوع من تلبيس إبليس، ومن مداخل الشيطان، فإن الشيطان يريد أن يعكر على حياتك، وأن يكدر عليك صوفك، ولذلك يقول: (لعله فعل ولعله فعل) ولعل شيئا بسيط جدا من الاختلاف السلبي في حياتك يقول (هذا فعل لك كذا).
الشيطان كما تعلم يريد أن يفرق بين المسلمين، وأن يوقع بينهم العداوة والبغضاء، والشيطان يريد أن ينسج على هذه المشاكل نسيجا كبيرا حتى يجعلك دائما في حالة عدم استقرار نفسي أو راحة، وكذلك أيضا في حالة تحفز وتوتر، وفوق ذلك أيضا في حالة كراهية وبغض لأخيك الذي قد يكون قد نسي الموضوع كله.
أنا أرى -أخي الكريم الفاضل عبد الرحمن– ما دام لم يطرأ في حياتك تغيير جذري في بعض الأمور التي ترى أنها غير طبيعية، فأرى أن تصرف النظر تماما عن هذه المسألة، وأن تدخلها إلى طيات النسيان، وأن تودعها عقلك الباطن، وكلما مرت بخاطرك تدعو لهذا الرجل أن يغفر الله له، وأن يصرف كيده عنك وعن غيرك من المسلمين، وبذلك -إن شاء الله تعالى– ستكون الأمور طيبة، وأنا أتصور بأنك فعلا متوهم هذا الأمر، ولكن أقول لك, وأكاد أجزم بأنه لو أراد أن يصنع شيئا لصنعه لك خلال هذه الفترة الطويلة، أما وأنه لم يصنع شيئا فأنا أرى ألا تفكر في ذلك بارك الله فيك.
عليك التزام أذكار الصباح وأذكار المساء، فإنها مهمة جدا، والله تبارك وتعالى يدفع عنك بها ملايين الشرور التي لا تعلمها أنت, وقد لا أعلمها أنا كذلك أيضا.
عليك بالمحافظة على الصلاة في أوقاتها، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، خاصة التهليلات المائة، لأن النبي قال عنها -صلى الله عليه وسلم- : (وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، أو حتى يصبح) وهو قوله صلى الله عليه وسلم-: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) مائة مرة صباحا ومثلها مساء.
كذلك أيضا (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات صباحا ومثلها مساء.
كذلك (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات صباحا ومثلها مساء.
وفقك الله لكل خير، وقدر لك الخير حيث كان، وحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين.
هذا وبالله التوفيق.