أذاكر وأجهتد كثيرا ولكن الفشل يلاحقني.. ماذا أفعل؟

0 556

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب ملتزم، -ولله الحمد- حكايتي أني فاشل، وهي كلمة كانت تزورني، ولكن بعد أن دخلت الجامعة أثبت أنني فاشل، وأصبحت هذه الكلمة تلازمني، حياتي أصبحت أشبه بورق انسكب عليه حبر فتلخبط وضاع، فشلي ليس مشكلة نفسية، لا، هي حقيقة أثبت فشلي بنفسي، لماذا أجامل نفسي دائما اجتماعيا، فاشل دراسيا، فاشل اقتصاديا، فاشل في كل شيء.

أحببت هذه الكلمة على كرهي لها من ملازمتها المستمرة لي، أذاكر جيدا، واعد العدة، وفي الأخير درجاتي تأتي بالقنوط واليأس، لا أريد أن أكون من القانطين من رحمة الرحيم سبحانه، ولكن هناك صوت بداخلي يوحي ويخبر بالفشل، وأقول يا ليتني لم أخلق.

ووالله لقد وصلت بي الأمور إلى أن قلت يا ليتني حيوان لا يلقى له بال، لا صديق، ولا أهل يعذرون، بل يقولون لم تذاكر، ومن هذا القبيل، ولا يمكن أن يصدقوا مذاكرتي، بل يزجرون، ووالله الذي لا إله إلا هو أني أجتهد، ولكن تأتي الدرجة متدنية، الأصدقاء يذاكرون، ويبذلون جهدا أقل بكثير، ومع ذلك يتفوقون! لماذا؟!

بكيت مرارا، وانحرقت تكرارا، بي حزن، وجرح عميق، لا أجد له تفسيرا إلا لأني فاشل، أنا في السنة الأولى من الجامعة، وبالمناسبة أفشل شخص فيها، بل في العالم كله.

ليتني يتيم، فلا أحد يسال عني، ولا أحد يدري عني! الطلاب لا يذاكرون نصف مذاكرتي، ويحصلون على درجات عالية، ومحدثكم قمة الفشل والغباء المستحكم، لا أدري لماذا، قد يكون قدرا وابتلاء!.

صرت أحب الانعزال مع أني إذا جلست مع الناس أضحكهم كثيرا، ولكن صرت أحب الانعزال لوحدي دائما، هل أعترف للمجتمع بفشلي، وأرتاح بحيث أكون معدوم الهوية معزولا عنهم؟!

ولكم أن تتخيلوا أن كل الأصدقاء والأهل حصلت بيني وبينهم عداوات، الآن أصبحت وحيدا محطما فاشلا لا أصلح لشيء أبدا، أطمئن نفسي دائما بقول الشاعر:

ولرب نازلة يضيق بها الفتى *** ذرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها *** فرجت وكنت أظنها لا تفرج

أين الفرج؟ فيا رب فرجها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل: الملثم حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا والكتابة إلينا.

إننا وفي كثير من الأحيان نجد أنفسنا نحمل فكرة ما عن أنفسنا، وربما من حادث أو موقف سلبي واحد، أو من طريقة التربية التي تلقيناها، ومن ثم نضخم هذه الفكرة ونعممها، فيستنتج الواحد منا أنه عاجز، أو غير كفء، أو أنه "فاشل"، وأن عنده بعض النقص، ونبقى أسرى لهذه الفكرة لسنوات وسنوات، وهي في الواقع غير دقيقة، ونحن لسنا مضطرين لنبقى أسرى لها!

من وضعنا في أسر هذه الفكرة، وهذا الانطباع؟ نحن من أسر نفسه في هذه الفكرة، أو هذا السجن، أو ظروفنا التي عشناها ومررنا فيها، تجربة بعد أخرى، فإذا نحن تماما في هذا السجن!

والمشكلة أننا عندما نحمل مثل هذه الفكرة، فإننا نبدأ بتصيد الحوادث والمواقف التي تؤكد هذه الفكرة، ففي حالتك من الواضح أن الفكرة التي تحملها هي أنك "فاشل"، وبالتالي فلا نعود نرى أو نتجاهل بالكلية الحوادث والمواقف الإيجابية الكثيرة التي قد تمر بنا أو في حياتنا، مما يعزز عندنا تلك الفكرة السابقة والمتأصلة، ولا نعود نرى مخرجا منها.

والخطورة أن تصبح الفكرة التي نحملها عن أنفسنا، تصبح هي المسيطرة، وهي التي تصوغ كامل حياتنا، كالذي يرتدي نظارة صفراء فلا يعود يرى الدنيا من حوله إلا صفراء.

والحقيقة الكبيرة في الحياة، وهي مذهلة لو فكرنا فيها وتوقفنا عندها، أننا نحصل من حياتنا ما نتوقعه منها! وكذلك ما نتوقعه من الناس، فإذا توقعنا أننا سنكون من المتفوقين والناجحين، فسنرى الحوادث والمواقف المؤيدة لهذا التوقع تحيط بنا من كل جانب، وسنصبح من المتفوقين، وكذلك إذا ما توقعنا عكس هذا من الفشل أو غيره، فهيا افتح باب السجن هذا، فمفتاحه في يديك، وفي يديك فقط، وليس في يد غيرك.

أقبل على الحياة بأنها فرص كثيرة متاحة، وسترى ذلك من حولك في كل جانب، أقبل على الحياة بتفاؤل، وكما قال الرسول الكريم: (تفاءلوا بالخير تجدوه) افتح عينيك حقيقة على تفاصيل حياتك، هل حقيقة كلها، وكل ما فيها، فشل في فشل في فشل.

ومن خلال سؤالك فقط أكاد أرى الكثير من الإيجابيات، والتي يمكن أن تكون سببا لنجاحك في الحياة، ومنها على سبيل المثال، وليس الحصر: التزامك، وصولك للجامعة، والتي لم يصل لها الكثيرون، قدرتك على حسن التعبير، استشهادك وتذوقك للشعر، قدرتك على الدراسة والاجتهاد، عزمك أن لا تكون مع القانطين، أملك في المستقبل، ولذلك كتبت لنا، قدرتك على التواصل الاجتماعي مع الناس، وإدخال السرور لأنفسهم، فهذا قليل من كثير مما يمكن أن يساعدك على الصعود، وعلى تحقيق أهدافك في الحياة.

غير نظرتك لنفسك من اليوم، وأعط نفسك حقها من التقدير والاحترام، وسترى النجاحات أمامك.

وفقك الله، وكتب لك الصحة والسلامة والنجاح.

مواد ذات صلة

الاستشارات