السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سأبدأ مباشرة، كنت مع عمي نشكل علاقة قوية منذ الصغر أكبر مني بثلاث سنوات، كنت متعلقة فيه جدا، أفرح كثيرا إذا رأيته، وأحزن إذا لم أره، وأحيانا أرتبك في وجوده، كنت مراهقة، وكان يحادثني دائما، يفضفض لي كل ما يجول في خاطره، من مواقف ضيقة تصيبة، أو حزن وإلى ما آخره.
كان يقول لي : أنت الوحيدة التي أتحدث وأفضفض معها، وأقدرهذا، وأتحادث معه كثيرا.
أحيانا أتخيل مواقف عنه وعني فأتوقف فجأة، وأقول احذري إنه عمك فحسب، إلى أن أحسست بأني أعمل شيئا خاطئا، بدأت أقرأ وأشاهد بعض حلقات برامج مفيدة، وعرفت بأنه التعلق بغير الله، وبأنها علاقة ليست صحيحة وغير طبيعية، إذ أنه عمي فقط ولا يجوز هذا ".
سلكت هذا الطريق، وكان أول خطوات العلاج، الابتعاد تماما عن المحبوب، والتواصل معه وكل شي يتعلق به ومنع التفكير به وحتى ذكره.
بدأت، شيئا فشيئا أرتاح، وكنت مرتاحة أكثر، أحسست إن هذا هو الوضعي الطبيعي، صرت متعلقة أكثر بالله.
مر شهران ونصف تقريبا، سلمت عليه مرتين فقط، ومشيت بسرعة، حتى أني حذفت برنامج (الواتس أب) والرقم أيضا، بسببه وبسبب الدراسة أيضا، المشكلة هي : بأنه لم يعد يزورنا قط، ولم يحادث أو يرد على أخواتي "بالهاتف أو برنامج الواتس "، منذ شهرين، حتى عندما يأخذ عمتي من بيتنا لا يدخل أبدا، هي تخرج إليه، صحيح بأنه شي جيد بالنسبة لي حتى أتخلص من حبه الغير طبيعي، ولكن خفت كثيرا، سألت عمتي تقول بأنه أحيانا تأتيه ضيقه، ولا يحب الخروج و`المشاوير، وأنه متعب قليلا، ويحتمل أن يكون فيه القولون، وأرجو أن لا يكون ذلك، وأقوال لم أقتنع فيها صراحة لأنه في السابق كان يأتينا دائما.
هل يا ترى أنا السبب ؟ أنا المتسببة له بتغير طبيعته وضيقته؟ ماذا أفعل ؟ هل أرجع أحادثه أي أشتري رقما وأكلمه؟ هل أعود كما السابق؟ أختار قلبي الذي يقول :أنت السبب، كان يرى فيك الوفاء ثم تقاطعينه فجأة،
أم أختار عقلي الذي يقول : لا ليس لك دخل، فقط هو يحب جلب الانتباه،
أو ربما كان هو أيضا يسلك الطريق الذي سلكتيه للعلاج، أو إن هذه الظنون من الشيطان ليصرف عنك الطريق الصحيح.
هل أنا السبب أم لا؟ أرشدوني بالله عليكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ من الناس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نرحب بك ابنتنا الفاضلة، ونشكر لك هذا الحرص على الخير، ونسأل الله أن يزيدك خيرا وتوفيقا، ونتمنى أن تكون العلاقة مع هذا العم في حدود الاعتدال وفي حدود المعقول، وما فعلته وما قلته هو الصحيح، ولكن الآن لو فرضنا لو جاء ليأخذ العمة ما المانع من أن تخرجي مع العمة لتسلمي عليه وهو في السيارة؟ وتسأليه عن أحواله، ثم تنصرفي عنه بعد ذلك في منتهى الهدوء.
لا شك أن ما قمت به صحيح، - والحمد لله- الذي نبهك لهذا الخلل، ولكن في مثل هذه الأحوال - كما قلنا - عندما تكون هناك جمع للأسرة، أو عندما يأتي العم لأخذ العمة، أو عندما تتاح لك الفرصة، أو عندما تأتي مناسبة عيد، لا مانع من أن تسلمي عليه كما تسلمي على الآخرين، وتجنبي أيضا الخلوة به أو طول الكلام معه والمكالمات، لأن هذا سيجر معه ما لا تحمده عقباه، ولا شك أن العم أيضا يتأثر بهذا الذي حدث، ولكن لابد أن يأخذ المريض الدواء حتى ولو كان مرا، وعلى كل حال أنت لم تفعلي شيئا، وأرجو أن تجتهدي دائما في أن تكون علاقته معك ومع سائر الأعمام متوازية في خط واحد تقريبا، كل عم له مكانة، وعم الرجل صنو أبيه، ولكن مثل هذه المشاعر عندما تتمدد كان لابد مثل هذا العلاج، والذي يبعد عن العين ويبعد عن الأذن يعبد عن القلب، والإنسان ينبغي أن يعمر قلبه بحب الله تبارك وتعالى، ولا شك أن حب الأعمام وحب الأخوال وحب الوالدين، هذا حب فطري، لكن هذا الحب - كما قلت - له حدود ما ينبغي أن يزيد عليها ليأخذ أكبر من حجمه، فكل شيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده، وقد أحسنت فيما قمت به، وليس هناك داعيا للوم النفس.
لكن - كما قلنا - عندما تأتي المناسبات، عندما يأتي ليأخذ العمة، تخرجي وتودعي العمة وتسلمي عليه، فهو عم أيضا، وتهتمي بالسؤال به وبمجيئه، ولو أن تأخذي له عصيرا أو ماء أو نحو ذلك وتقدميه له، حتى يشعر أنك تريدين أن تكون العلاقة في حدودها الطبيعية، حتى لا تؤثر على مشاعرك ولا على دراستك ولا على قلبك ولا على قلبه، والإنسان دائما إذا أحب شيئا غير الله عذب به، ولكنك -ولله الحمد- فهمت الرسالة، وعدت لتحبي العظيم سبحانه وتعالى، فاجعلي حب الله هو القاعدة، وانطلقي من حبك لله تبارك وتعالى فتحبي الخير للناس جميعا، وأولى الناس بمن تحبي لهم الخير هو هذا العم والأهل الذين تربطك بهم صلة، ونسأل الله تبارك وتعالى لك التوفيق والسداد.