السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أنا شاب أدرس في الجامعة في أول سنة، والجامعة عندنا مختلطة، وأنا ملتزم -الحمد لله- لكن الفتن كثيرة، وأريد أن أحصن نفسي وأتزوج، لكن أنا لا أعمل، وما زلت طالبا، ولا أقدر أن أصوم، فماذا أفعل؟
أبي يمكنه أن يصرف علي وأتزوج، لكن هذا يعتبر في مجتمعنا عارا، وإذا فعلت هكذا أعتبر لست رجلا، فماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل / مصعب حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نرحب بك ابننا الفاضل في الموقع، ونشكر لك هذا الاهتمام والسؤال، ونحيي فيك الرغبة في الحلال، فإن الإنسان ينبغي أن يسعى لإكمال نصف دينه، ونسأل الله أن يفقه الآباء وأن يهديهم إلى الحق والصواب، ونذكرهم بما قاله الشيخ ابن العثيمين: (يجب على من ملك سعة أن ييسر على بناته في المهور، وأن يساعد أولاده الذكور على الزواج)، وقد أحسن الشيخ فإن حاجة الأبناء على العفاف لا تقل عن حاجتهم إلى الطعام والشراب، قال سعيد بن زيد -رضي الله تعالى عنه-: (إذا علم الرجل ولده الكتاب وحج به بيت الله الحرام، وزوجه فقد خرج من حقه) هذا كلام جميل وفهم عميق من سلف الأمة عليهم من الله الرحمة والرضوان.
من هنا فنحن ندعوك إلى أن تعرض حاجتك على الوالد، فإن لم يستجب فابحث عن العقلاء من الأعمام والعمات والأخوال، والدعاة إلى الله الذين يستمع الوالد لكلامهم من أجل أن يبينوا له أهمية هذه المسألة، ولا تبالي بكلام الناس، وفي إمكانك أن تقول للناس أو حتى تقول للوالد: (اجعل هذا الذي تنفقه علي وعلى زوجتي دينا سأرده لك يا والدي العزيز) فإنك بهذه الطريقة تخرج من الحرج.
الحرج لا يكون في الأمور التي ترضي الله، وإنما الحرج والضيق والسوء والشر في أن يقع الإنسان في الفاحشة وفي المعصية، أو يعرض نفسه للفتن ثم يضعف أمام تلك الفتن، والعياذ بالله.
حتى يحصل هذا ينبغي أن تجتهد في شغل نفسك بالمفيد، وفي البعد عن مواطن النساء، ثم التعاون مع الشباب الذكور، ثم بالاجتهاد في غض بصرك، ثم في البحث عن أسباب العفة، فإن الله لم يقل لمن لا يستطيع الزواج افعل كذا، وإنما قال: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله} واعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
إذن نحن ندعوك إلى السير في اتجاهين، اتجاه غض البصر، اللجوء إلى الله، البعد عن مواطن النساء، شغل النفس بالمفيد، عدم التفكير في هذه الأمور بقدر المستطاع، والاتجاه الأول والأساسي: السعي في إقناع الوالد وطلب مساعدة الوالدة، وطلب مساعدة الأعمام والفضلاء والعمات والأخوال، وكل من يؤثر على الوالد، ثم بعد ذلك عليك أيضا ألا تهتم وتغتم لكلام الناس، فإنا لسنا مطالبين بسماع كلام الناس، ولكن المسلم مطالب بأن يسعى في رضا رب الناس سبحانه وتعالى، وإذا رضي الله عن الإنسان أرضى عنه خلقه، فقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها، وإذا لم يستطع المتعلمون من أمثالك من طلاب الجامعات وأصحاب الوعي والنضج إذا لم يستطيعوا أن يغيروا عادات الناس السالبة فمن الذي سيغير في هذه المجتمعات.
نسأل الله أن يصلح لنا ولك النية، وأن يصلح لنا ولك الأحوال، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.