الوساوس أصبحت جزءا رئيسيا من جدولي اليومي للأسف

0 355

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

منذ فترة طويلة وأنا أعاني من الوساوس والشكوك منذ صغري، لكن لم يكن لها تأثير كبير أو خطير في حياتي، إلا في بعض الأوقات، ولكنني سرعان ما أتغلب عليها، وبعد فترة وعندما أصبح عمري 12 سنة تقريبا، بدأت أعاني من وساوس حول سب الخالق -والعياذ بالله- وكانت تسبب لي قلقا شديدا، وبعد فترة طويلة تغلبت عليها، ثم عاد الوسواس مرة أخرى، لكن عن الإلحاد هذه المرة، ثم بعد فترة طويلة تغلبت عليه، وتحول الوسواس إلى الشك في الصلاة، ومن ثم الشك في الطهارة، وسرعان ما أصبح يشمل جميع نواحي الحياة، منذ ثلاث سنين وأنا في كل يوم وفي كل لحظة أعاني من الوساوس، حتى أني أعاني منها في منامي، وأصبحت لا أحب الحديث مع الآخرين، والعبادات أصبحت شاقة جدا علي، وعندما أرى شيئا لا يعجبني يجب علي أن أخرج الهواء بقوة من الأنف، لكي لا أفكر فيها، وكنت كل يوم أستمع إلى نصائح حول التغلب عن الوساوس، وأقرر تركها، وفي كل مرة أتجاهلها ولا أستجيب لها، ولكن بعد يوم أو يومين أفشل، وأصبحت الوساوس تعود بقوة، ولا أستطيع التركيز في الدراسة.

أريد علاجا سلوكيا لحالتي، ولا أريد العلاج الدوائي، وشكرا.

الإجابــة

أختنا الفاضلة/ lamoo حفظها الله
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب.

الوساوس من سيماها أنها تتبدل وتتشكل وتتغير، خاصة إذا مال الإنسان لإجراء حوار مع هذه الوساوس وتحليلها، هنا تتشعب الوساوس، ويغلق عليها الباب من هنا، ولكن يفتح عليها من الجوانب الأخرى، وهكذا.. وهذه مشكلة، لذا تجد حتى وإن حاولوا دفعها تكون نتائجها مؤقتة، ويشعرون بالراحة لفترة وجيزة، وبعد ذلك تأتيهم الوساوس، وهذا هو الذي ينطبق عليك.

أيتها الكريمة: أنا أقدر طلبك جدا أنك تحتاجين إلى العلاج السلوكي، وهذا أتفق معك فيه، وأؤكد لك بصورة قاطعة جدا أن العلاج مهم ومهم جدا، وأنصحك بأن تقابلي طبيبا نفسيا، حتى يشرح لك بصورة مسهبة حول هذا الموضوع.

الوساوس لاشك أنها حتى وإن كانت في مجملها مكتسبة ذات طابع نفسي، إلا أن المكون البيولوجي لا يمكننا أن نتجاهله الآن، خاصة بعد وجود أدلة وبيان قوية تتحدث عن دور التغير الذي يحدث في كيمياء الدماغ، ويؤدي إلى الوساوس، ولاشك أن المتغير البيولوجي لا يمكن تصليحه إلا بيولوجيا.

الحكمة الطبية تقول الآن أن الوساوس علاجها بيولوجي ونفسي واجتماعي، هذه المكونات الثلاثة لابد أن تلتقي مع بعضها البعض، والآن أصبحت نسبة الشفاء أو التواؤم مع الوساوس أصبحت نسبة عالية تصل إلى ( 70- 80%) فيما مضى قبل دخول الأدوية الحديثة كانت نسبة علاج الوساوس -أي نسبة النجاح- لا تتعدى عشرين في المائة، حتى عند أفضل المعالجين .

بالنسبة للعلاج السلوكي هنالك برامج كثيرة جدا، أولا أن هذه الوساوس متسلط على الإنسان ومستحوذة، وأيضا أنها ليست دليلا على ضعف في الشخصية والإيمان، لابد أن تدركي أن الوساوس مكتسبة ومتعلمة، والشيء المتعلم يمكن أن يفقد من خلال التعليم المضاد، وهذه حقيقة مهمة جدا، عمليا يجب أن يكتب الإنسان وساوسه في ورقة ويبدأ بأضعفها، ويتدرج حتى يصل إلى أقواها وأشدها، وبعد ذلك يتعامل مع هذه الوساوس من خلال الربط والتحقير وأن يربطها بأمور كريهة ومقزز ومرفوضة.

هذا يؤدي إلى نوع من الارتباط الشرطي الذي يضعف هذه الوساوس، ألا يستكين لوساوسه ولا يستجيب لها، ومقاومة الوساوس وردها، والقيام بما هو ضدها مطلوب جدا، دراسات كثيرة أشارت إلى أن تمارين الاسترخاء مهمة جدا لعلاج الوساوس، لأن المكون القلقي مرتفع جدا في الوساوس القلقية، ولاشك أن القلق أي كان نوعه يساهم على الاسترخاء كثيرا في علاجه، والإنسان لابد أن يصرف انتباه من وساوسه، وذلك من خلال استثمار الوقت وإدارته بصورة صحيحة، وألا يترك مجالا للفراغ ليسيطر على الإنسان ويستدعي هذه الوساوس، مما يجعلها تستحوذ وتلح على الإنسان أكثر.

هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وأحتم وأقول لك أن الدواء مهم، وأرجو أن تتفاهمي مع أسرتك الكريمة حول هذا الأمر، وقابلي الطبيب مرة أو مرتين وسوف تحسين بفرق كبير جدا حين تتناولين الأدوية المضادة للوساوس، ولابد أن نشير أن الأدوية هي التي تمهد الطريق نحو تطبيق العلاج السلوكي، والإنسان لا يستطيع أن يطبق العلاج السلوكي لوحده في معظم الأحيان، لأن إرادته تكسر وتفشل أمام حدة الوساوس.

لذا أفضل أنواع العلاج السلوكي هو الذي تسبقه الأدوية، أو الذي يكون تحت استرشاد وتعليمات وتوجيهات معالج نفسي مختص، هذا مهم جدا، ودور المعالج كنموذج يقود ويدير ويوجه أمر ضروري في العلاجات السلوكية.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات