السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي هي أنني أصبحت لا أشعر بالسعادة مع أنني أحاول أن أكون سعيدة، ولكني لا أشعر بالفرح، أريد أن أكون كما كنت قبل سعيدة ومرحة ومحبة للحياة، وأشعر بأنه ليس لدي شيء أعيش من أن أجله، وحتى أنني ليس لدي أصدقاء، فكلهم ابتعدوا عني بسبب أني انطوائية.
أحيانا أتمنى أن أتخلص من العذاب الذي بداخلي، وأمي تقول عني بأنني مجنونة، والوحدة أثرت بي كثيرا، أريد منكم حلا ماذا يجب أن أفعل لأشعر بالسعادة؟
علما أن أخي يعاني من الفصام فما الحل لعلاجه؟ وأرجو أن تردوا علي بأسرع وقت ممكن، وشكرا جزيلا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ علياء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فمفهوم أنك غير سعيدة، وأنك حزينة، ولا تشعرين بشيء تعيشين من أجله: هي أفكار، والأفكار من هذا النوع تجعل مشاعر الإنسان سلبية، فأنت مطالبة بوقفة حقيقية إلى أن تتأملي وتتفكري في هذه الأفكار، لا تقبليها بكل تلقائية وترحبي بها، الأفكار السلبية أحيانا تتسلط على الإنسان ولأسباب غير معروفة، ولكن بعض الناس لا يقاومونها ولا يقومون بتحليلها ويأخذونها كمسلمات أو أنها لا مفر منها، ومن ثم تبدأ مشاعره في التغيير السلبي.
أجمع علماء السلوك أن صغار السن من أمثالك هذا هو الذي يؤدي إلى الاكتئاب في حالاته – أي هذا النوع من التفكير – أن تنشأ فكرة سلبية ويتم قبولها، لذا أنا أو أن أذكرك أن العلاج في مثل هذه الحالة هو رفض هذه الأفكار تماما، وتحليلها بصورة متأنية، ما الذي يجعلك غير سعيدة؟ أنت الحمد لله شابة، لديك الإرادة، لديك القوة، لديك الطاقات النفسية والجسدية، لديك الأسرة، ونواقص الحياة يجب أن تكون دافعا إيجابيا للإنسان من أجل الاجتهاد والمثابرة ليصلح ويتم هذه النواقص، وهذا يشعر الإنسان بالرضا والسعادة.
فعملية التغيير الفكري هذه هي الوسيلة التي أود أن أنبهك أنها هي التي سوف تخرجك من هذا النوع من التفكير السلبي.
الخطوات الأخرى هي خطوات عملية، وهي أن تسعي دائما أن تكوني فعالة، على مستوى الأسرة (مثلا).
سؤالك حول أخيك، واهتمامك بأمره، هذا أمر جيد، اسعي دائما في مساعدة هذا الأخ، كوني شمعة متقدة في داخل البيت، انصحي هذا، وساعدي ذاك، ورتبي وقتك، واحرصي على الدراسة، وتواصلي مع صديقاتك، احرصي على تلاوة القرآن الكريم، وأن تكون الصلاة في وقتها... من خلال هذه التدابير - والحياة تتطلب التدابير – تستطيعين (حقيقة) أن تبني في داخل نفسك المكون الإيجابي الذي يساعدك لتشعري بالرضا حول نفسك.
أهم شيء نحن ننصح به هو حسن إدارة الوقت، الملل، والشعور السلبي يأتي من سوء إدارة الوقت، والذي يدير وقته بصورة ممتازة وفاعلة جيدة يحس بأنه مفيد لنفسه ولغيره، وتكون نظرته للحياة إيجابية جدا، وللمستقبل ينظر إليه برجاء وأمل كبير، فكوني على هذا النسق، وأنت لست في حاجة لأي نوع من العلاج الدوائي.
هناك نقطة مهمة، وهي علاقتك بوالدتك، لابد أن تتوقفي وتسألي نفسك (لماذا تقول أمك عنك مجنونة؟) وإن قالت هذه الكلمة دون أن تقصد معناها الحقيقي فهنا يجب أن تتوقفي وتسألي نفسك، وتراجعي علاقتك مع والدتك، وهذه العلاقة يجب أن تكون على الاحترام، وعلى التقدير، وعلى البر، وأعتقد أن عدم التجانس والتواؤم ما بينك وبين والدتك هو الذي جعلك أيضا تحسين بالإحباط.
فأنا أنصحك بأن تتقربي من والدتك، وأنا أؤكد لك من جانبي أن والدتك تحبك، وتريد لك كل خير وكل توفيق، فأصلحي ما بينك وبينها، وهذا نعتبره عاملا نفسيا أسريا قويا جدا لأن يتحسن - إن شاء الله تعالى – مزاجك وتحسين بكل سعادة وارتياح، فاحرصي على إصلاح ذات البين ما بينك وبين والدتك.
بالنسبة لأخيك: أولا أشكرك على اهتمامك به، وهذا أمر جيد منك (حقيقة) وأقول لك أن مرض الفصام ليس من الأمراض النفسية السهلة، لكنه ليس مستحيل العلاج أبدا، توجد أدوية ممتازة جدا، فأرجو أن تكون هناك متابعة دقيقة مع الطبيب، والأدوية الفعالة كما ذكرت لك الآن موجودة، وهنالك توجيهات سلوكية وتحليلية كثيرة جدا يقوم الأطباء بها، فأرجو أن تكون هنالك متابعة طبية، ومن جانبكم تأكدوا أنه يتناول دوائه، وأن يكون أيضا فعالا في داخل الأسرة، وأن نشعره دائما بأهميته، هذا يساعد كثيرا مرضى الفصام.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.