السؤال
السلا عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أم لأربعة أولاد، ولكني أم فاشلة جدا، فأنا لا أحب أولادي، ولا أشعر بأي حنية أو عاطفة تجاههم، بل أشعر بأنهم عالة علي ومتضايقة منهم كثيرا، لا أعرف ألاعبهم أو أضمهم، أشعر بأني قاسية كثيرا عليهم، وأشفق عليهم، باختصار لا أعرف أتعامل معهم، وبالأخص ابني الكبير، عمره سبع سنين، كنت أضربه كثيرا، وأنتقده باستمرار، وأصرخ بوجهه بكل عنف، وأنا صوتي عالي، وضخمة، أشعر وكأني غولة، وهو يخافني كثيرا، وأصبحت شخصيته ضعيفة جدا، فهو يخاف الناس ولا يستطيع أن يتعامل معهم، ولا يريد أن يخرج من المنزل، ويبقى أغلب وقته على التلفاز، ويكذب كثيرا خوفا مني، فهو لا يخبرني إلا ما يرضيني، ويسألني في كل شيء، لا يتصرف إلا بعد استشارتي، ولا يريد أن يفعل إلا ما أريد، ومع أصدقائة يفعل أي شيء لإرضائهم.
أشعر أن الأولاد يستغلون هذا وينادونه بالأهبل، وابن جيراننا أكبر منه سنا يضربه كثيرا، وأخاف على ابني منه، فهو مستعد لفعل أي شيء لإرضائه، على العلم أن ابني ذكي جدا، وحساس، وفي مدرسته من الأوائل، ولكنه يتأتئ، ويضرب إخوته كثيرا، ويغضب بشكل جنوني، فلا يستطيع أن يسيطر على نفسه، ويتحكم بأخيه، أحس أن الذي يعانيه خارج البيت يطبقه على إخوته، فهو يغار منهم كثيرا، وأخوه ابن ال6 سنين يتاتئ كثيرا، ولا يستطيع أن يعبر عن نفسه، ولا يوجد لديه أصدقاء، وهو يبكي كثيرا، ويقول لي باستمرار بأن لا أحد يريد أن يلعب معه، وأن لا أحد يريد أن يصاحبه ولا يخرج من البيت، ولا يفعل شيئا سوى مشاهدة التلفاز بشكل مبالغ فيه كثيرا، ولا يستطيع أن يدافع عن نفسه، ويبكي كثيرا على أتفه الأسباب، فهو لا يعرف التعامل مع الأولاد.
أرجوكم ساعدوني فأنا أشعر أن أولادي ضائعون، ولا أعرف أتعامل معهم، والكل يلومني على تربيتي لهم، فأمي تقول بأني أنا من أهبلت الأولاد بضربي لهم وصراخي عليهم، وتحقيري لشخصهم، فأنا تائهة أكثر منهم فشخصيتي أضعف منهم! وأستقوي فقط عليهم!
أرجوكم ساعدوي ماذا أفعل، باختصار أشعر أن ابني الكبير نسخة مني بضعفه وعصبيته.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ اشراقة شمس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك في الموقع، وكم تمنينا لو أنك تواصلت مع الموقع منذ البداية، فهذه أخطاء كبيرة، ولكن مع ذلك العلاج ليس بالصعب، ويبدأ العلاج بتغيير نفسك أنت، وأن تصلحي هذه الجوانب التي تشعرين وتعرفين أنها خلل، فالاستمرار على هذه الأخطاء المعروفة بالنسبة لديك سيكون لها آثار مدمرة عل أبنائك لا قدر الله.
ولست أدري أين الأب؟ وما هو دور الأب في هذا الذي يحدث؟
فإن الأب ينبغي أن يتدخل، وإذا لم يكن الأب موجودا لأي سبب من الأسباب، سافر أو نحو ذلك، فأرجو أن يكون للأعمام والأخوال دور في إنقاذ هؤلاء الأطفال، ولن ينجحوا في المهمة إلا إذا وجدوا منك التعاون، وجدوا منك الاهتمام والرعاية لهم، ونحذرك من الإهمال والاستمرار على هذه الطريقة، حتى يخرجوا من هذه المرحلة العمرية، فإن خروجهم من هذه المرحلة العمرية بهذه السلبيات – بهذا التأثر – سيدخلهم إلى نفق مظلم، وسيعود عليك بأتعاب شديدة، وعليك أن تتوقعي أشياء سيئة إذا لم تتوبي وتعودي إلى الله، أكرر (تتوبي) لأن هذه جريمة في حق هؤلاء الأطفال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير.
هذه التربية لها ثمار مرة إذا لم تدركي نفسك وتستعيني بالله تبارك وتعالى، ومن هنا فنحن ندعوك إلى أن تغيري هذه الطباع، وأن تعودي إلى ملاطفة أبنائك، وأن تكوني معهم كالصديق، تلاطفيهم وتهتمي بهم، وتجتهدي في تشجيعهم وإعطائهم ثقة، إعطائهم مسؤوليات، وتشجيعهم على فعل ما يرضي رب الأرض والسموات.
أرجو كذلك أن يكون لك اهتمام بالعدل بينهم، وحسن الرعاية لهم، ومن الضروري أن تخصصي لكل واحد منهم وقتا، قبل ذلك عليك أن تدعي الله تبارك وتعالى، توجهي إليه بالدعاء لنفسك ولأبنائك حتى يصلحهم الله تبارك وتعالى.
أرجو كذلك أن تلتحقي بدورات تربوية، وأن تقرئي الكتب، وأن تستمعي للناصحين والناصحات، وأن تحاولي أن تثقفي نفسك في طرائق التعامل مع هؤلاء الأبناء.
أرجو أن تعلمي أن اللمسات الحانية وأن القبلات وأن المسح على رؤوسهم، هذا يكون له أثر كبير، في إعادة الطمأنينة والثقة إلى نفوسهم.
لا تقولي هذا صعب، عليك البداية، عليك أن تحاولي، عليك أن تتكلفي هذه الأمور حتى تصبح سجية وعادة وخصلة ثابتة عندك، إننا بحاجة فعلا إلى أن نعطي أبناءنا حظهم وحقهم من الاهتمام والرعاية.
وطريقة الاستشارة والكلمات المكتوبة يدل على أنك تعرفين أنك مخطئة، فما عليك إذن إلا أن تتوقفي عن هذه الأخطاء وبسرعة، إلا أن تجتهدي في أن تتداركي هذا الخلل وفي أسرع وقت، عليك أيضا كما قلنا أن تحاولي أن تشركي الأب والطرف الآخر في التربية والتوجيه، وأن تتفقوا على خطة موحدة، إذا كانت عندك أمور -أمراض- أو أشياء هي التي تجعلك تتوترين فأرجو أن تقابلي الطبيب من أجل أن تبحثي لها عن علاج.
إذا كنت تغضبين من آخرين وتنتقمين من العيال فاعلمي أنهم مساكين، هؤلاء الأطفال لا ذنب لهم، ولذلك ينبغي أن تعاملي الأبناء بنفسية مستقرة، تحرصين على العدل بينهم، على تشجيعهم، وإذا اختصموا فلا تنزعجي، ولكن فرقي بينهم بهدوء، وأعطيهم وظائف، وأشركيهم في عمل إيجابي، وكوني معهم إلى جوارهم، فإنا لا نملك أغلى من أبنائنا الذين هم امتداد لعملنا بعد أن ندخل إلى قبورنا، والإنسان لا يخلف ثروة غالية وعظيمة مثل الأبناء الصالحين والبنات الصالحات.
تذكري أنك راعية، مسؤولة عن رعيتك، وأنه ليس بالخبز والطعام وحده يعيش الأبناء ويحيى الإنسان، بل لابد أن تعرفي أن حاجتهم إلى العطف والحنان لا تقل عن حاجتهم للطعام والشراب، كما أرجو أن تتواصلي مع المدرسة، خاصة مع هذا المتميز من أجل أن يمدحوه، ويشكر، وترتفع معنوياته، إذا علم أهل المدرسة بأنك مهتمة بابنك وحريصة على رعايته، أرجو كذلك أن توفري لهم من خلال المدرسة من يقف إلى جوارهم ويتفهم أحوالهم.
نسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يقر عينك بصلاح هؤلاء الأبناء، وأن يردنا جميعا إلى الحق ردا جميلا، وأستغفر الله العظيم لي ولك، وأشكر لك هذا التواصل، ونتمنى أن تتواصلي بعد أن تغيري أسلوبك كاملا في طريقة تعاملك مع الأبناء.