السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبلع من العمر 24 عاما، معاناتي مع الرهاب الاجتماعي طويلة، الرهاب الاجتماعي دمر حياتي، تركت الدراسة بسبب الرهاب، لا أشارك في المناسبات الاجتماعية، منعزل في الغرفة، وسبب هذه المشكلة أني لا أجيد الكلام، حتى مع أهلي فأنا قليل الكلام.
بدأت مشكلتي منذ المرحلة الابتدائية وأنا لا أتكلم مع زملائي، حتى المدرسين والزملاء يسألون ويقولون: لماذا لا يتكلم؟ تركت المدرسة رغم أني كنت من الأوائل، بسبب الرهاب، لا أعرف كيف أفتح المواضيع حتى مع أهلي، معظم الوقت أفكر في الانتحار وتأنيب الضمير يقتلني بسبب ترك المدرسة، أفكر في زملائي السابقين، منهم من توظف، ومنهم من يدرس في الجامعة، أفكر فيهم وأشعر بالقهر والغيرة منهم، وأنا لا أزال في غرفتي، لم أخرج من البيت منذ خمس سنوات.
أهلي يلومونني دائما بسبب الجلوس في البيت، وينظرون لي نظرة استحقار، أخاف من نظرة المجتمع، صرت لا أهتم بالنظافة، فقدت الإحساس بمتع الحياة، ضائع في الحياة ولا جديد عندي، اليوم كالأمس، حتى أني لا أمتلك الجوال بسبب الرد على المكالمات، كما ذكرت كنت من الأوائل في المدرسة، واستغرب الناس من تركي للمدرسة، وتأنيب الضمير يقتلني على ما فات ودائما ألوم نفسي.
أعاني من الإمساك، وأمارس العادة السرية، لا أمتلك مهارات اجتماعية، كل يوم أبكي بسبب الرهاب الاجتماعي، أفكر في العودة إلى المدرسة، ولكن الرهاب الاجتماعي يعيبني، شخصيتي ضعيفة، حتى في البيت أهلي يتضايقون مني.
أطلب منكم بعد الله سبحانه وتعالى المساعدة في الخروج من هذه المشكلة، وإعادة بناء ثقتي في نفسي، والاندماج في المجتمع، والإحساس بالمتعة في الحياة، وآسف على الإطالة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
خلال فترة الخمس سنوات التي لم تخرج فيها من البيت، من المؤكد أنه قد حدثت متغيرات كثيرة جدا في الحياة، ومن المتغيرات التقدم البديع في مجال الطب النفسي، وأصبح الرهاب الاجتماعي وغيره، في متناول العلاج، وهنالك أدوية فعالة جدا وأدوية حديثة ممتازة، وهي كذلك متميزة، وهذا هو الشيء الأساس الذي أود أن أذكرك به، وأحتم عليك؛ وهو أن تذهب اليوم قبل الغد للطبيب النفسي، فحالتك يمكن علاجها عن طريق تناول أدوية مضادة للمخاوف، وأدوية محسنة للمزاج؛ لأنه من الواضح أنك قد أصبت بمزاج اكتئابي كدري، وذلك نسبة لانقطاعك الاجتماعي الذي سببه لك الرهاب.
أيها الفاضل الكريم: ليس هناك ما يدعو للتفكير في الانتحار، فأنا أتعاطف معك جدا، وأعرف أن الإنسان حين ينعزل وتقل فعالته الاجتماعية الفكرية والجسدية يصاب بإحباط وخيبة أمل؛ لكن المعالجة موجودة، فأنت صغير في السن، والوسائل العلاجية أصبحت ممتازة جدا، فأرجو أن تخرج وتذهب إلى الطبيب النفسي من أجل تناول العلاج الذي سوف يصفه لك، والقيام بالفحوصات اللازمة، وكذلك الاستماع إلى إرشاداته.
الإرشادات معظمها ستكون في حدود أنك يجب أن تغالب نفسك، وأن تصر إصرارا قاطعا أن تكون فعالا، والدواء سوف تبدأ فعاليته من أسبوعين إلى ثلاثة، وسوف تحس أن الأمور أصبحت أسهل بالنسبة لك، كذلك أن تضع لك مخططا بسيطا جدا، أن تقلل أو تتوقف عن هذه العادة السرية، أن تكون حريصا على الاستحمام صباحا ومساء، وهناك برامج بسيطة، أن تخرج للمسجد حتى ولو مرة أو مرتين، وتصلي وقتا أو وقتين مع الجماعة، وهكذا - أخي - من خلال البرامج البسيطة، والتي لن تكلفك وقت ولا جهدا، وفي نفس الوقت تعود عليك بالخير والنماء الاجتماعي والتطوير المهاراتي، وتحس أن الأمور تأتيك دون أن تبحث عنها، وأقصد بذلك التفاعل الاجتماعي الإيجابي.
أيها الفاضل الكريم: شعورك السلبي هذا سببه الخوف وسببه والاكتئاب، وشخصيتك ليست ضعيفة؛ إنما شخصيتك وقفت فعاليتها الآن؛ لكن أسسها، وجوهر المقدرات، والبنيان الصحيح، متواجد، فاسع لتغيير نفسك وسوف تستفيد من طاقتك، وتعود ثقتك في نفسك، والثقة في النفس لن تأتي من خلال المشاعر، وإنما من خلال الأفعال والأعمال والإنجازات، وأنت قادر بإذن الله تعالى.
أسأل الله الشفاء والعافية، وبارك الله فيك، ووفقك، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.