أشعر بالتشتت ولا أعلم هل أنا أرغب بحياة أخرى أم عائلة أخرى أم ماذا؟

0 494

السؤال

السلام عليكم.

لا أدري من أين أبدأ, ولكن مشكلتي أنني أشعر بأنني مشتت, والكثير من وقتي يضيع في التفكير والسرحان, وأشعر بالوحدة والعزلة, فقد نشأت في تربية عسكرية - إن جاز وصفها بذلك - فأمي شخصية عصبية, وصارمة في أغلب الأحيان, واهتمامها بالغ بالنظافة, وبنظام البيت, وأن يكون كل شيء على ما يرام، وهذا ما يستغرق يومها كله, وأولت اهتماما كبيرا بمذاكرتي في مراحل التعليم المختلفة, وربما كانت صرامتها - بفضل الله - دافعا لي على التفوق, والالتحاق بأحد كليات القمة, إلا أنها شديدة التسلط على تصرفاتي وتصرفات جميع من بالبيت، ولا تريد أن يتم شيء دون علمها, فكل شيء ممنوع, وتتشاجر معنا على أتفه الأسباب, وأبي رجل يعمل في منصب إداري حكومي, ومنذ التحقت بالمدرسة الابتدائية وعلاقتي به تضعف شيئا فشيئا, وأشعر بوجود فجوة بيني وبينه, فقد اقتصر دوره على جمع المال, ولا يولينا اهتماما كبيرا - ومع ذلك لن أنعته بالسوء أو سوء الخلق - وأخي الوحيد يكبرني بسبع سنوات, ونشأ في البيئة ذاتها, إلا أن استجابته كانت مختلفة, فقد أصبح من أعند الكائنات معنا, ولا يرضى بطعام أو شراب أو كساء أو أي شيء, ويشاهد القبيح من الأفلام على الإنترنت, ولا يسمع النصيحة, وربما عوقب بأنه لم يتزوج إلى الآن على نقيض كثير من أقرانه, والمشكلة ليست في هذا, فربما أستعيض بأحبة أو أصحاب, ولكن عائلتي مقطوعة الصلات بغالبية الأقارب, ولا ندخل بيت أحد, ولا يدخل أحد بيتنا, وربما يكون التواصل - بمن يتم التواصل به - عبر الهاتف فقط؛ لذا فلا أقارب لي, وحتى من أصاحبهم فالقيود الموضوعة على كاهلي تعوقني: (فلا تخرج هكذا, ومتى ستنهي محاضراتك؟ ومتى ستبدأ؟ ولماذا تأخرت؟) - نظام عسكري - وأرغب في دراسة العلوم الشرعية, ومرافقة الإخوة الملتزمين, ولكن لا تتأخر فهناك درس علمي في المكان الفلاني, لا, بل هناك ندوة, لا,... فأمي تسيطر, وأبي يعينها؛ لأنه يريد أن يريح رأسه, وأشعر برغبة في أن يكون لي رفيق يكون بمثابة الأب والأخ, وأستشعر معه بما افتقدته من إحساس الأخوة, وأتمنى أن تكون لي رفقة وأصحاب تقتل إحساس الوحدة الذي طالما عشته, لا أدري أهذا دافع لما أشعر به من حب, أم شغف شديد لبعض الإخوة ممن أستشعر منه اللطف والقرب مني من حين إلى آخر؟ بالرغم أن علاقتي بهم ليست قوية, ولا أقصد شيئا معيبا - أعاذنا الله - ولكنه كان شعورا لشيخ في المسجد, وكان لصديق, ومعلم في الدعوة, وهكذا, وقد صرت كثير التفكير والسرحان, وقصرت كثيرا في مراجعة القرآن, وصرت في اليوم الواحد لا أزيد عن الربعين من المراجعة, وكدت أن أنسى بعض ما حفظت؛ حتى أن ذهني في الصلاة عادة ما يكون مغيبا, وأشعر بفراغ نفسي وعاطفي, ولا أعلم هل أنا أرغب بحياة أخرى أم عائلة أخرى أم ماذا؟
أخيرا: جزاكم الله خيرا عن هذا الموقع, فقد أتيح لي من خلاله - بفضل الله - قدر من التنفيس, ربما لا أستطيع أن أنفسه مع شخص آخر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

شكرا لك - يا أحمد - على التواصل معنا, والكتابة إلينا.

لاشك أنها ظروف صعبة عشتها, وتعيشها الآن، وقد وصفتها في رسالتك وصفا جيدا، ولا غرابة أنك تشعر بالفراغ النفسي والعاطفي، فأعانك الله على تجاوز هذا الحال.

وربما يفيد أن تضع أولويات لاهتماماتك, وما يمكن أن تفعله أو تقوم به، فمهما حاولت فهناك حدود لما يمكنك عمله، فأنت لن تستطيع كل شيء، ومن الأمور الهامة أن تكون في وضع نفسي مريح لتستطيع تحمل كل هذا, وتتابع طريقك بشكل سليم.

ركز الآن على ظروفك أنت، وأجل موضوع أخيك الأكبر مثلا، وحاول رويدا رويدا أن تحدد ما تريد عمله من الأعمال الصالحة والمفيدة، وأنا متأكد من أنك ستتواصل مع والدتك بالشكل السليم، ومن حقائق الحياة أن الوالدين, وبالرغم من محبتهما لأولادهم, إلا أن هذا لا يعني أن كل قراراتهم صائبة، ولابد لك من تحديد ما تريد, والسعي له، وهذا تطبيق لقوله تعالى: "وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا".

ومع الأسف فقد يضطر الإنسان أحيانا أن يعزل نفسه عن الجو الأسري, وخاصة إذا كان الجو جوا سلبيا، فيحافظ على الحد الأدنى من العلاقة مع الأسرة, إلا أنه يتجه لتحقيق أهدافه التي فيها خيره، وخير أسرته كذلك - وإن هم لم يلاحظوا هذه الفائدة التي تعود عليهم - كما ذكرت في رسالتك، فيمكنك أن تحيا حياة جديدة عن طريق تعديل بعض علاقاتك بأفراد أسرتك، ومن دون أن تغير أسرتك.

وفقك الله, وخفف عنك ما أنت فيه.

مواد ذات صلة

الاستشارات