السؤال
السلام عليكم
بدأت مشكلتي في 2006م عندما كنت سنة أولى جامعة، وكنت أدرس اللغة الإنجليزية، وكنت أحب التخصص، ولكن مضت عدة أيام، أو أشهر بالأحرى، بدأت أصاب فيها بالقلق والأرق، ولا أستطيع النوم، ثم واجهت مشكلة مع مشرفي الجامعي مما دفعني للتحويل من تخصصي إلى الرياضيات، لكني لم أستطع الاندماج في التخصص الجديد، ولم أحبه، وكرهت كل شيء فيه حتى أساتذتي والطلاب.
بدأت أفكر، وأهم، وأهرب من الواقع، لكني تخرجت بمعدل منخفض، وتوظفت مدرسا، وكرهت مهنة التدريس بسبب كرهي للتخصص، ولأني لا أجيده.
ازداد وزني كثيرا، ولا أظن أني عشت يوما سعيدا من ذلك اليوم، وفي 2012 خطبت فتاة، وبحت لها بمشاكلي فأقنعتني أن أعيد التسجيل في الجامعة تخصص لغة انجليزية، فعلا سجلت، لكني بسبب كثرة الهموم، وحزني الدائم لم أستطع التركيز أو الحفظ.
مؤخرا ظهر علي عرضين جديدين هما: ألم مستمر، وأصوات في البطن، ولامبالاة غير طبيعية.
أصبحت أفكر في الانتحار كل دقيقة؛ لأني أشعر أن حياتي انتهت وأنها بلا معنى، وثقتي بنفسي معدومة.
أرجو مساعدتي بأقرب وقت.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
إن الأسباب التي سقتها – وهي أنك اضطررت لأن تغير التخصص – جعلتك تفتقد القدرة على التوائم أو ما نسميه (عدم القدرة على التكيف) وفي مثل هذه الحالات – أي أن يفقد الإنسان تخصصه المفضل، وينتقل إلى تخصص آخر وربما تكون رغبة فيه أقل – يجد عسرا في التكيف، وهذا ناتج أصلا من اضطراب المزاج وعسر المزاج.
سبب هذا ربما لا يكون سببا قويا يؤدي إلى كل هذا الشعور بالاكتئاب والكدر للدرجة التي تفكر فيها بالانتحار، لكن الذي دفعك لكل هذا أعتقد أنه بسبب أن شخصيتك ربما تحمل بعض السمات التي تجعلها لا تتكيف بسرعة، والذي يظهر لي أن شخصيتك قابلة لأن تفتقد الدافعية بعض الشيء، وهذا كله يؤدي إلى الاكتئاب النفسي.
إذن حالتك هي حالة من حالات الاكتئاب النفسي، نتجت من ظروف نسميها (ظروف لا تكيفية) وهذا النوع من الاكتئاب -إن شاء الله تعالى- ليس خطيرا، نعم كل نوع من الاكتئاب هو مؤلم، لكن هذا الاكتئاب الذي تعاني منه – على وجه الخصوص – إن شاء الله تعالى ليس بالخطير، ولذا ليس هنالك ما يدعوك للتفكير في الانتحار، أبدا، هذه منطقة مظلمة - منطقة الانتحار – سوداء، المسلم لا يفكر فيها أبدا، والحياة بخير، وحين تحصل بعض الإخفاقات أو التوترات أو لا تسير الأمور كما نبتغي، هذا لا يعني نهاية الأمر، على العكس تماما، هذه تحديات، والتحديات هي التي تشعل الهمة لدى الإنسان، وتجعله يكون أكثر يقظة واندفاعا واستعدادا من أجل أن يغير واقعه إلى واقع جديد.
أيها الفاضل الكريم: أنت لست في مصيبة، يجب أن تتفهم هذا، وأنت في بدايات أعتاب سن الشباب، وهنا توجد طاقات نفسية وجسدية وفكرية قوية جدا، حتى وإن كانت هذه الطاقات مختبئة، -فإن شاء الله تعالى- بشيء من ترتيب الأمور تستطيع أن تندفع اندفاعا إيجابيا ممتازا.
أنت الآن رجعت لتخصصك، فلا تأس على ما فاتك، لم يفتك أصلا كثيرا، توجه هذا التوجه، نظم حياتك، كن إيجابيا، موضوع زيادة الوزن هذا يحدث في حوالي عشرة إلى خمسة عشر بالمائة من الذين يعانون من الاكتئاب النفسي، وهنا تعتبر الرياضة علاجا أساسيا، وأن تعرض جسدك للشمس بقدر المستطاع، وأن تنظم طعامك، هذه أسس ضرورية جدا لعلاج هذا النوع من الاكتئاب النفسي.
في ذات الوقت أنصحك بأن تذهب وتقابل طبيبا نفسيا إذا كان هذا ممكنا، وإذا لم تتمكن من ذلك، فلابد أن تتناول أحد الأدوية المضادة للاكتئاب، وهي كثيرة، ومتعددة، -وإن شاء الله- كلها فاعلة وجيدة.
من هذه الأدوية دواء يعرف تجاريا باسم (سبرالكس) واسمه العلمي (إستالوبرام) والجرعة المطلوبة في حالتك هي أن تبدأ بخمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تتناولها ليلا بعد الأكل لمدة أسبوع، بعد ذلك تجعلها حبة كاملة (عشرة مليجرام) تتناولها يوميا لمدة شهر، ثم اجعلها عشرين مليجراما – وهذه هي الجرعة العلاجية – تناولها يوميا لمدة شهرين، ثم خفض الجرعة إلى عشرة مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
-إن شاء الله تعالى- سوف تجد في هذا الدواء فائدة عظيمة جدا، وهو دواء سليم وفاعل وغير إدماني، وفي حالة ذهابك إلى الطبيب دعه يختار الدواء الذي يراه مناسبا بالنسبة لك، وإن وصف لك دواء غير السبرالكس فلا تنزعج لذلك، فهذه الأدوية كثيرة جدا ومتشابهة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.