نابني الفشل والإحباط بعد أن كنت متفوقا

0 469

السؤال

السلام عليكم

كنت متفوقا دراسيا حتى الصف الأول ثانوي, وكنت أعمل منذ الصف الثامن في المسجد؛ لأن أبي تزوج مرة ثانية وطلق أمي, ثم أعادها بعد 3 سنين, فاضطررت للعمل في المسجد حتى أساعد في مصروف البيت, ومع ذلك كنت متفوقا دراسيا, ومنطويا عن سكان المنطقة, وبداخلي شعور بالخوف من كل من هم خارج المنزل.

استمرت حياتي على هذا المنوال حتى الأول ثانوي, وبداية المرحلة التوجيهية, ثم طردنا من المنزل, وعملت في مسجد بعيد عن البيت, وبقيت أعيش حالة من القلق الحاد, ومحاولات للعودة للمسجد القديم طوال سنة كاملة, وخلالها قررت أن لا أقدم الفصل الأول من التوجيهي؛ بسبب الظروف النفسية.

تعرضت لمضايقات كثيرة من أهالي الحي, وكنت متوترا أغلب الوقت, وتغيبت كثيرا عن المدرسة, وعندما كنت أدرس كان الضيق يملأ صدري, ولا أتحمل الدراسة أكثر من ربع ساعة, مع أني لم أكن كذلك من قبل, ولذلك قدمت بعض المواد -رفعا للعتب- ولم أكن مستعدا لها, وبعد ذلك عدت إلى المسجد القديم, ومع ذلك بقي الوضع كما هو, ولم يعد لي رغبة في عمل أي شيء.

أصبحت انطوائيا, ولا أخرج من البيت إلا للضرورة القصوى, مع أني أرغب في الخروج, وأصبحت لا أريد فعل شيء إلا البقاء في البيت والنوم, وأصبحت عندي رغبة في الموت, وإحساس بالفشل, وكل فصل دراسي أدفع قيمة الاشتراك في الامتحانات ولا أقدمها, مع أني أتحمس في أول أسبوع من الفصل, ومن ثم آمل, وهكذا...

وصلت لمرحلة أني لا أمتلك الإرادة للصلاة, وأجلس على النت والتلفاز لساعات, إضافة إلى مشاكل الرهاب الاجتماعي, والتوتر, والقلق, وهذا الوضع مستمر منذ ثلاث سنين, حتى أني كرهت نفسي.

أرجوكم أرشدوني إلى خطوات عملية؛ لأني راجعت طبيبا نفسيا فوصف لي بعض الأدوية, ولكن التحسن كان ضعيفا, إضافة إلى أني أتغير للأفضل يومين ثم أنتكس مما يحزنني جدا.

فما الحل جزيتم خيرا؟

والسلام عليكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أسامة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنك صاحب إنجازات وإيجابيات، صبرك وعملك في المسجد ومثابرتك من أجل الدراسة والصبر على الظروف الأسرية؛ هذا أمر يحسب لك، ومثل هذه التجارب وفي المرحلة التي قابلتك فيها هذه الصعوبات وقابلتها أنت بتلك الإنجازات والتصميم والعزيمة والإصرار، هذه نعتبرها من التجارب النفسية العظيمة جدا، والتي لا شك أنها ساعدت كثيرا في نضوجك النفسي.

إذن أنت محتاج لأن تعيد تقييم ذاتك على الأسس التي ذكرتها لك -أي أسس الصبر والقوة والإنجاز- وهذا يعطيك الثقة في النفس لتواجه حالة الاكتئاب القلقي البسيط الذي تواجهه الآن، وأنا أقول (بسيط) لأني حقيقة غير متخوف عليك كثيرا، حيث أرى أن ثوابتك النفسية قوية وأصيلة.

فيا أيها الفاضل الكريم: ادفع نفسك دفعا إيجابيا، ووجودك في المسجد سيكون فرصة عظيمة لك لاكتساب المزيد من العلم والمعرفة، العلم الشرعي والعلم الدنيوي، وأمامك فرصة لتساعد الناس ولأن تدعو، وهذه قيمة كبيرة وعظيمة في الحياة، فلا تتحسر ولا تأسف، وأهزم عسر المزاج من خلال معرفتك لقيمة ذاتك، والتي أحسبها –إن شاء الله تعالى– تجسيد واضح ينتج عنه همة عالية.

أنا لا أمانع أبدا، بل ربما أنصح بتناول جرعة بسيطة من مضادات الاكتئاب، والتي قطعا سوف تساعدك في القلق والرهبة الاجتماعية البسيطة التي تعاني منها.

من الأدوية الطيبة والجيدة عقار يعرف تجاريا باسم (فافرين) ويعرف علميا باسم (فلوفكسمين) يمكنك أن تتناوله بجرعة خمسين مليجراما ليلا بعد الأكل، استمر على هذه الجرعة لمدة أسبوعين، ثم اجعلها مائة مليجراما ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى خمسين مليجراما ليلا لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

الإقدام على الصلاة يكون من خلال العزيمة والإصرار، وأن تتذكر قوله صلى الله عليه وسلم: (أرحنا بها يا بلال) لا تدع للشيطان مدخلا أبدا، وأنا من وجهة نظري أنك أفضل مما تتصور.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات