السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد أن أحكي لكم حالتي المرضية التي أعاني منها منذ سنوات، أعاني من الاكتئاب، أبقى بمفردي في غرفتي، لا أتكلم مع الناس، حتى مع أهلي، إلا في وقت الحاجة، وإن أتى ضيف في بيتنا أغلق على نفسي في غرفتي، وأتظاهر بأني نائم.
الشيء الثاني: أبقى لمدة طويلة بالبيت، تصل لأيام بدون خروج، وهذا راجع للخوف والتوتر الذي يصيبني، كلما أكون بالشارع أو حتى أذهب لمسافات قصيرة، وحين أخرج من البيت، أحس بالاكتئاب والتوتر وفقدان الثقة بالنفس، وعندما يشتد التوتر أحس بجفاف في الفم، وخوف من الإغماء، أعود إلى البيت مسرعا، إلى بر الأمان.
أعاني أيضا من الأفكار السلبية، وعندما أكون في سيارة أو حافلة أتوتر إلى درجة كبيرة، حتى أشعر بالموت، وجفاف بالفم.
يا إخواني: والله العظيم حياتي التي أعيشها عبارة عن ميت حي، لا أستطيع أن أعمل، لا أستطيع أن أستخرج وثائق من البلدية، لا أستطيع أن أواجه الناس، لا أشعر بطعم الحياة ولا السعادة، ولا قليل من الفرحة، وهذا راجع لمرضي، أتمنى أن تنصحوني فيما أقوم به، عسى أن تكونوا سببا في شفائي، وأعود -بإذن الله- إلى حالتي الطبيعية.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن حالة الاكتئاب وعدم الارتياح وعسر المزاج وشعورك بالكدر، هذا ناتج كله من نوع من التفكير السلبي، والأفكار السلبية هذه قد تتساقط على الإنسان، وقد تكون بداياتها في مرحلة مبكرة من العمر، مثلا: في بدايات الطفولة المتأخرة، ومن ثم تأتي مرحلة البلوغ وبدايات الشباب، وهذه مرحلة حرجة نسبيا نسيبة للتغيرات الفسيولوجية والبيولوجية والوجدانية الكثيرة التي تحدث فيها، ونحن نعتبرها حلقة من حلقات العمر التي لا تخلو من شيء من الهشاشة النفسية، ولذا نشاهد الآن ونلاحظ أن الكثير من الشباب يعانون من درجات متفاوتة من الإحباط، لكن نقول: إن شاء الله تعالى هذا الأمر عابر، وأنا أريدك أن تفكر على هذا المستوى، أن الذي ألم بك من عدم ارتياح هو - إن شاء الله تعالى – أمر عابر، وهو نوع من القلق الاكتئابي المصحوب بشيء من المخاوف.
أيها الفاضل الكريم: الوضع الأمثل هو أن تذهب وتقابل الطبيب النفسي إذا كان ذلك ممكنا. الطبيب سوف يوجه لك الإرشاد المطلوب، وفي ذات الوقت أرى أنك في حاجة لأحد الأدوية المضادة لقلق الاكتئاب وكذلك المخاوف، والحمد لله تعالى الآن توجد مركبات ممتازة وفعالة وسليمة جدا. هذا من ناحية.
من ناحية أخرى: عليك أن توزع وقتك توزيعا تاما وجيدا وفاعلا، وأن تكون لك أنشطة مختلفة، لا تدع للفراغ مجالا. الفراغ الزمني يؤدي إلى الفراغ الذهني، والفراغ الذهني يؤدي إلى التفكير السلبي وعدم الثقة في النفس. أما الإنسان الذي ينتج ويعمل ويسعى دائما لأن ينفع نفسه والآخرين لا شك أنه سوف يستعيد ثقته بنفسه، فكن من هؤلاء - إن شاء الله تعالى – وأنت الحمد لله في سن وقاد، سن يتمتع بطاقات نفسية وجسدية عظيمة جدا، فأخرج نفسك من هذا الإحباط من خلا التفكير الإيجابي.
وممارسة الرياضة أيضا فيها نفع كبير جدا وفائدة، ولابد أن تبدأ في عمل (وظيفة). ذكرت أنك لا تعمل، هذا بالطبع يحزننا كثيرا، ونحن نقدر الظروف الاجتماعية وقلة الوظائف وشحها، لكن الإنسان يحاول ويحاول وفي نهاية الأمر - إن شاء الله تعالى – ترزق الوظيفة التي تناسبك، وعليه أنا أدعوك للعمل؛ لأن العمل سوف يشعرك بقيمتك، العمل يؤكد لك ذاتك، وفي ذات الوقت يطور مهاراتك الاجتماعية، وإن شاء الله تعالى يساعدك في الصعوبات الاقتصادية، وتبدأ في بناء حياة طيبة هانئة، تتوجها - إن شاء الله تعالى – بالزوجة الصالحة، فأرجو أن تسير على هذا المنهاج، وعليك بالصحبة الطيبة – مهمة جدا – والصلاة في وقتها مع الجماعة، تبعث - إن شاء الله تعالى – فيك الطمأنينة والكثير من الثقة في نفسك، وتجد النماذج الطيبة المشرقة التي تتعرف عليها، وتجد فيها القدوة والنموذج الحسن.
بر الوالدين ننصح به (حقيقة) فهو يجلب خيري الدنيا والآخرة - إن شاء الله تعالى – ولا شك أنه باب من أبواب الخير العظيمة التي ضيعها الكثير من الناس بكل أسف.
كما ذكرت لك مسبقا: الأفضل هو أن تقابل الطبيب النفسي، أما إذا كان غير ممكن فطبق ما ذكرته لك من إرشاد، وأضف إليه أن تتحصل على دواء من الصيدلية، دواء ممتاز جدا يعرف باسم (زيروكسات) ويسمى في الجزائر بـ (ديروكسات) ويسمى علميا باسم (باروكستين) أنت تحتاج له بجرعة صغيرة جدا، وهي نصف حبة - من الحبة التي تحتوي على عشرين مليجراما – لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة ليلا، تناولها بعد الأكل، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم بعد ذلك توقف عن تناول الدواء.
أؤكد لك أن هذا الدواء دواء ممتاز، وفعال وسليم جدا، ولا يؤدي إلى أي نوع من الإدمان أو التعود.
أسأل الله تعالى أن ينفعك بما ذكرت وأن ينفعك بالدواء، وبارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على ثقتك في إسلام ويب.