السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
جزاكم الله خيرا -الحمد لله- متزوجة، وحملت، وفي نهاية حملي جاءتني فكرة تقول لي: إن الخوف يسبب الإجهاض! حاولت دفع هذه الفكرة بالايجابيات ولكن لا فائدة! تطور الأمر، وأصبحت أشعر بوجع في بطني وباستمرار، حتى لو يرن الجوال، حتى لو تناديني الممرضة في المستشفى لأجل الفحوصات المعتادة للحمل – الحمد لله-، تم حملي على خير، كان هذا قبل أربع سنوات.
وقبل أشهر رزقني الله وحملت، ولكن رجعت لي نفس الفكرة ونفس الشعور، أشعر وكأن شيئا في بطني أو معدتي ينزل، مثل من يقفز من مكان مرتفع ويشعر بشيء في بطنه، لا أدري كيف أصف ذلك الشيء؟! ولكنه مزعج! كأنني أتوجع، ولكنه من لاشيء، هكذا أصابني اكتئاب وأصبحت قلقة، زاد الأمر وأصبحت أوسوس وأقول: أنه لن يكون للجنين نبض، عملت أول أشعة وكان النبض ظاهر – الحمد لله-، ولكن شيئا لم يتغير، نفس الخوف والقلق والوساوس بطرق مختلفة، أصبحت أتمنى وأتخيل أني في الشهر التاسع حتى ألد وأستريح من الحالة النفسية السيئة التي أشعر بها، جاهدت نفسي للتغلب على تلك الفاجعة.
قرأت كثيرا في موقعكم، ولجأت إلى الله بالدعاء والرقية، ولكن - قدر الله - أن أجهض في منتصف الشهر الثالث، حيث توقف نبض الجنين فجأة، وهنا بدأ الخوف يزيد، بل أصبحت أشعر برجفة في رجلي وبطني، وأن السبب كان ذلك الخوف الذي لم أستطع منعه أو حتى التخفيف منه، أصبت بضيقة وحزن حتى أني بدأت أفكر إذا كتب الله لي الحمل فإنه لن يخلو من ذلك الخوف، ويزيد الخوف بمجرد التفكير في الحمل.
أريد أن أعرف هل فعلا أن هذا الخوف من أسباب الإجهاض، هذا ما أريد أن أعرفه؛ لأني إن - شاء الله- إذا تأكدت أنه ليس من الأمور المسببة للإجهاض، ذلك سيكون بداية التغلب على مشكلتي - إن شاء الله- لأني حتى لو خفت وشعرت بذلك الشيء ستكون نفسيتي مرتاحة ولن ألقي له بالا.
ملاحظة -زوجي يرفض العلاجات-.
دعواتي لكم وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حواء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
إن حالتك حالة مخاوف وسواسية ظرفية مقترنة بالحمل، والخوف الظرفي هذا يكون مرده لتجربة سلبية حدثت متوافقة مع ذاك الظرف، وهذا نقصد به أنه ربما تكون عملية الخوف هذه قد بدأت حين قرأت شيئا عن الإجهاض وأن الخوف قد يسببه، أو سمعت قصة حول هذا الأمر، ومن ثم تثبتت لديك الفكرة، وبدأت تعتريك متى ما فكرت في الحمل أو حدث حمل.
هذه وساوس ومخاوف كما ذكرت لك، ونعتبرها حالة ظرفية، والمخاوف لا تؤثر على الحمل، لا تؤخره ولا تؤدي إلى إجهاض، هذه بالنسبة للمخاوف العادية مثل التي تعانين منها.
هنالك في حالات قليلة جدا ونادرة: ربما يتعرض الإنسان لنوبة هرع أو خوف شديد وحالة فزع، وهذه في بعض الحالات قد تؤدي إلى الإجهاض، لكن هذا نادرا، والشيء العام هو أن قلق الخوف الوسواسي لا يؤخر الحمل، ولا يؤدي إلى الإجهاض - بإذن الله تعالى -.
فإذن حقري هذه الفكرة، وقاوميها، وحاولي أن تطرديها، وإذا فرضت نفسها عليك فهنا اذهبي وقابلي الطبيب النفسي؛ لأنه يمكن أن تتناولي أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف الوسواسي، وهنا سوف يكون عقار (برزواك) والذي يعرف علميا باسم (فلوكستين) هو الأفضل والأجود؛ لأن البروزاك يتميز أنه يمكن استعماله حتى في أثناء الحمل.
بالنسبة لأي علاج في حالتك: يجب أن يكون تحت الإشراف الطبي، أكرر ذلك، وزوجك الكريم قراره يقدر، لكن إن صعب عليك الأمر حاولي إقناعه بأن يذهب معك إلى الطبيب، على الأقل ليستمع وجهة نظر الطبيب.
أرجو أن تطمئني، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا
انتهت إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم - استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان - وتليه إجابة الدكتورة، رغدة عكاشة استشارية أمراض النساء والولادة وأمراض العقم.
..................................ز
عوضك الله بكل خير، وجعل صبرك واحتسابك في ميزان حسناتك يوم القيامة - إن شاء الله-.
إن العلاقة بين الخوف أو بين الشدة النفسية بكل أشكالها وبين الإجهاض، هي علاقة غير مؤكدة، فالدراسات بهذا الشأن متضاربة إلى حد كبير، والبعض يرى بأن الخوف الشديد قد يسبب الإجهاض، بينما البعض الآخر يرفض هذه القول تماما، ولا يرى في الخوف مهما كانت درجته سببا للإجهاض، وحجته في ذلك هي: لو كان الخوف يسبب الإجهاض، لأجهضت كل أو غالبية النساء الحوامل خلال الحروب أو الكوارث الطبيعية.
لكن الشيء المؤكد والمنطقي وهو الذي تم الإجماع عليه هو: أن الخوف أو التوتر العادي لا يعتبر سببا للإجهاض؛ لأن الخوف هو شعور طبيعي، وهو جزء من حياة الإنسان، وبالطبع إن كل سيدة حامل لابد وأن يكون لديها درجة ما من الخوف سواء كان خوفا بشأن الحمل، أو خوفا بسبب أمر آخر، ومع ذلك فإننا نرى بأن غالبية هؤلاء الحوامل يكملن الحمل بشكل طبيعي، رغم هذه المخاوف، - بإذن الله -.
إن الإجهاض لمرة واحدة، هو أمر كثير الحدوث، وهو لا يستدعي القلق، فنسبة حدوث الإجهاض في أي حمل تبلغ تقريبا من 15-20% ،حتى لو كان كل شيء طبيعي عند الزوجين.
وما يحدث للسيدة عادة بعد حدوث الإجهاض، خاصة إن لم يظهر بأن هنالك سببا واضحا للإجهاض، هو أن السيدة تمر بحالة تسمى مرحلة ما بعد الصدمة النفسية، فتبدأ في مراجعة الماضي، وتحاول إيجاد سبب لهذا الإجهاض، وتبحث عمن تلومه، وغالبا ما تتهم نفسها فتعزي سبب حدوث الإجهاض إلى جهد ما كانت قد قامت به، أو إلى طعام ما كانت قد تناولته، أو كما في حالتك إلى حالة الخوف التي أصابتها، رغم إن كل هذه الأشياء لم يثبت بأنها تسبب حدوث الإجهاض.
إذا يا عزيزتي، وبناءا على الدراسات المتوفرة بين أيدينا لغاية الآن والتي لم تثبت بعد بأن الخوف له دور، فإنني أرى بأنه لا يمكننا القول بأن الخوف الذي أصابك كان هو السبب في حدوث الإجهاض؛ ولذلك لا داعي لئن تلومي نفسك، أو تشعري بالذنب، بل يجب أن تتحلي بالتفاؤل والصبر، وأن يكون يقينك تاما بأن الذرية هي رزق من عند الله، وهي كباقي الرزق، وستنالين رزقك عندما يشاء الله عز وجل.
نسأل الله العلي القدير أن يرزقك بما تقر به عينك عما قريب.