السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا أبدأ بشكركم على هذا الموقع المتميز، وأسأل الله أن يجزيكم خيرا على أعمالكم الجبارة.
أنا فتاة أبلغ 28 عاما، تزوجت وأنا في المرحلة الثانوية وأكملت دراستي وأنا حامل، وتخرجت من الثانوية – والحمد لله-.
كان حلمي دائما أن أدرس الجامعة في تخصص لغة انجليزية لحبي لها، ولكن هيهات هيهات للمتزوجة، ما إن بلغت سن 21 سنة إلا ولدي طفل وتوأم أي 3 أطفال، ودخلت عالم الأمومة بقوه من أوسع أبوابها، من سهر وتنظيف وعناية بالصغار فلم أستطع إكمال دراستي.
بعد سبع سنوات حصل زوجي على منحة دراسات عليا إلى ماليزيا وذهبنا معه، إلى الآن لنا أربع سنوات في ماليزيا، وكل هذه الفترة أتألم لأني لم أدرس جامعة، وبحكم أن لي فترة طويلة لم أسجل في الجامعة كنت إذا كلمت أحدا عن هذا الموضوع يقول لي انتهت الفترة، وضروري أن أعيد الثانوية العامة لأحصل على شهادة جديدة أدخل بها الجامعة، فأصبح عندي الموضوع من سابع المستحيلات.
في يوم من الأيام، بالتحديد شهر يناير 2012 سمعت أن هناك جامعة للتعليم عن بعد وهي جامعة المدينة العالمية في ماليزيا، فأخبرت أمي وهي شجعتني، وقالت حاولي ربما يقبلونك، فأخبرت زوجي وسجلني أون لاين وكنت خائفة أن لا يقبلوا شهادة ثانوية لها 11 سنة، ولكن – الحمد لله- قبلوني.
-والله العظيم- كانت فرحتي عظيمة لدرجة أني بكيت من الفرحة، وسجلت تخصص قرآن كريم وعلومه من أجل ديني ولكي لا يذهب عمري سدى فأستفيد وأفيد، ولكن حصل ما لم أتوقعه وهو رسوم الدراسة في السنة 6000 رنجت ماليزي، أخبرت أمي وقالت هي قادرة على أن تعطيني 2000 والباقي يجب أخبر أبي وأخي ليساعدوني، لكن للأسف لم يوافقوا، فكانت صدمة بالنسبة لي بل فاجعة بعد أن أتاني القبول لا أجد الرسوم.
زوجي لا يستطيع أن يدفع لي لأنه طالب مرسل من الدولة ولأن النقود التي يأخذها بالكاد تكفي الإيجار ومصروفنا الضروري، أصابتني نوبة من البكاء، كرهت نفسي والناس من حولي، كرهت حظي كرهت الفقر.
أنا كنت دائما أطور نفسي بالقراءة والمطالعة حتى إني درست نفسي الانجليزي في البيت، وأجيد التحدث به أفضل من طالبات درسن في كليه الانجليزي، ومن لا يعرفني يحسبني جامعية -ولله الحمد- أعرف أمورا في الحاسوب والكمبيوتر ومتمكنة من إصلاح بعض الأشياء المعطلة من أجهزة أو غيرها، لكن ماذا حققت لدراستي؟ لا شيء، أقول هذا حظي، يئست من الحياة فتركت كل شيء، أصبحت أنام إلى الساعة الواحدة ظهرا، وأشاهد التلفاز كل يومي لأني لا شيء في هذه الحياة.
تأخر تأجيل للقبول في شهر فبراير 2013 القادم، أحيانا أقول في نفسي أقدم وأسجل 2000 رنجت وأدرس وأتركها على الله، وأحيانا أقول من يدفع لي باقي الرسوم؟ ربما سأطرد وسيكون الألم علي شديدا، وما يزيد ألمي أن أولادي يقولون لي ماما لماذا أنت لم تدرسي جامعة؟
ادرسي يا ماما.
أرجوكم أريد استشارتكم بأقرب وقت لأن الدراسة تبدأ بعد 22 يوم، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مغتربة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
فبداية نرحب بك في موقعك، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ونهنئك بهؤلاء الأطفال الذين - إن شاء الله – سيكونون سببا للسعادة، وبهؤلاء الأطفال تنال الأم الرفعة عند الله تعالى، فهنيئا لك بما أعطاك الله من نعم، وأرجو أن تعلمي أن من يحملن أعلى الشهادات تتمنى أن تسمع صوت (ماما)، وتتمنى أن تجد أطفالا تلاعبهم وتحملهم لتشبع في نفسها الحاجة إلى الأمومة، فاحمدي الله على هذه النعمة الكبرى التي أولاك الله إياها.
وأنا سعيد جدا لأنك أكملت الثانوية، وانتهيت من هذه المرحلة المفصلية في التعلم، أما المرحلة المتبقية فهي مرحلة الجامعة، فبالإمكان أن تدرسي بعد ذلك في أي وقت عندما تتاح لك الظروف، وأرجو أن تعلمي أن هناك نماذج جميلة وناجحة من نساء تخرجن من الثانوية ثم تزوجن، ثم بعد مدة بدأت تدرس مع أبنائها وفي صف واحد، فتخرجت ونالت الشهادات العليا، وهي تمشي في هذا الطريق، فإن طالبة العلم إذا كان عندها العزيمة لن يقف أمامها شيء، فحافظي على هذه العزيمة وعلى هذه الروح، ولا تتأثري للموقف، واعلمي أن من درسن وواصلن الدراسة ربما كان يأتيها هذا التوقف، تدرس وتستعد للامتحان ثم يأتيها حمل أو يأتيها وضع فيعطلها، لكن ما يئسن، وحقيقة المرأة التي تنجب وتدرس وتعمل هذه تستطيع أن تفعل هذا، بل بعد الزواج يكون الإنسان له أهداف كبيرة، إذا كان الإنسان سيفرح وحده بنجاحه فالآن سيفرح بنجاحه الزوج والأولاد والأهل، وهذا فعلا دافعا معنويا كبيرا للإنسان.
لذلك ينبغي أن يكون لك عزيمة، ونتمنى أن تحاولي توفير رسوم لتبدئي الآن، وإذا لم يتيسر هذا فلا تحزني، فإن المشوار أمامك طويل، ولا زلت - ولله الحمد- في عمر الشباب، وبإمكانك إكمال الدراسة، فثقي بالله تبارك وتعالى، وابذلي الأسباب، وتذكري أن هؤلاء الصغار نعمة من الله تبارك وتعالى، فاجتهدي في تربيتهم وفي الإحسان إليهم وفي العناية بهم، وفي إعدادهم لمراحل الدراسة، وبعد ذلك عندما يكونوا كبارا والجو جو دراسة وتعليم تستطيعين أن تواصلي التعليم الجامعي، بل ما فوق الجامعة؛ لأن العلم ليس له حد، والإنسان ينبغي أن يظل طالبا للعلم، فإن الإنسان لا يزال عالما ما طلب العلم، فإن ظن أنه علم فقد جهل، ونحن أمة ينبغي أن تحمل المحبرة إلى المقبرة، كما قال الإمام أحمد – رحمة الله عليه - .
وإذا كان العلم مهما عند الآخرين، فالعلم عندنا عبادة، طلب العلم عندنا عبادة، وبذل العلم عندنا صدقة، والسفر والتعب من أجل العلم عندنا جهاد، ومذاكرة العلم تسبيح، ومن أراد الدنيا فعليه بالعلم، ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم، ومن أراد الدنيا والآخرة فعليه بالعلم، مهما كانت المادة التي يدرسها الإنسان إذا أخلص النية وحرص على أن يخدم بها أبناء وبنات هذه الأمة، أن يقدم بها دعوة إلى الله تبارك وتعالى، أن يرفع عن نفسه الجهل، فإنه ينال الأجر والثواب على ما تعلم وعلى دراسته.
نسأل الله لك التوفيق والسداد.