السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا بنت مسلمة عمري 30، ومحجبة أعمل في بلد غربي، وأعيش مع عائلتي، أحاول أن أرضي ربي في كل شيء أفعله، ولكني لم أتزوج إلى الآن لعدم تقدم الشخص المناسب، وعندما أقول الشخص المناسب أعني الرجل الصالح المتدين، كل الذين تقدموا لي غير متدينين! لقد دعوت الله أن يرزقني الرجل الصالح، وأن يكفيني بحلاله عن حرامه، فأنا أخاف من إغراءات المجتمع المنفتح، والفاسد هنا.
دعوت الله لمدة 5 سنين، وتحريت أوقات استجابة الدعاء، وليلة القدر وقمت الليل في رمضان، ولكن لم يأت الشخص المناسب بعد.
أنا أعلم أن الله سبحانه وتعالي إن لم يعطني ما أريد، فسيتحول دعائي إلى حسنات، ويجزيني بخير منه، وأنا -الحمد لله- حسنة الظن بالله سبحانه وتعالى، ولكني كما قلت أخاف على نفسي من الشيطان، ومن المجتمع الفاسد الذي أعيش فيه.
أنا بحاجة جدا إلى النصيحة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مؤمنة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا العزيزة الفاضلة- في إسلام ويب، ونسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح التي تقر به عينك، وتسكن به نفسك، ونحن نشكر لك -ابنتنا العزيزة- هذا النهج الذي سرت عليه من حسن الظن بالله تعالى، واللجوء إليه والثقة به سبحانه وتعالى والإكثار من الدعاء، وهذا يدل على رجاحة في عقلك، ونحن نرجو الله تعالى ألا يخيب ظنك، وأن يعطيك ما سألت، وكوني على ثقة -أيتها البنت العزيزة- بأن ما يختاره الله تعالى لك خير مما تختارينه أنت لنفسك فإنه سبحانه تعالى أعلم بمصالحك، وأرحم بك من نفسك وأقدر على تحقيق ما يريد سبحانه وتعالى.
فإذا اجتمعت هذه الصفات من العلم والقدرة والرحمة؛ فذلك يبعثك على الاطمئنان التام إلى ما يقضيه سبحانه وتعالى ويختاره لك، وربما حرصت على شيء والله يعلم أن الخير في خلافه، فيقدر لك الخير، فارضي بما يقدره الله لك، وداومي على ما أنت عليه من الدعاء والتقرب من الله من الأعمال الصالحة، فإن ما عند الله لا ينال بمثل طاعته، وأكثري من الاستغفار؛ فإنه سبب أكيد لجلب الأرزاق، واعلمي أن ما قد يقدره الله لك في حياتك سيأتيك لا محالة فقد جف القلم بما كتب وقدر لك.
ولكن هذا كله لا يعني إهمال الأسباب، وعدم الأخذ بالمشروع منها، ومن هذا -أيتها الأخت الكريمة- أن تعلمي بأننا في زمن قد لا نستطيع تحصيل صفات الكمال مجتمعة في الشخص التي نريد، فإذا تقدم لك ممن يؤدي الفرائض ويجتنب المحرمات، وإن كان ناقص الدين، وأعني به ناقص الصلاح، وكنت ترين إن فرص الزواج قليلة، فنصيحتنا لك أن تستخيري الله تعالى وتقبلي به.
أما إذا تقدم لك ممن لا يرضى دينه كأن يكون فاسقا مضيعا للصلوات، أو مرتكبا لكبائر الذنوب كشرب الخمر والزنا ونحوها، فإن صبرك حتى يرزقك الله تعالى الزوج المناسب خير لك من الارتباط بمثل هذا النوع من الأشخاص.
وحتى يقدر الله لك الخير، فنصيحتنا لك أن تأخذي بأسباب العفة، وهذه وصية الله تعالى للمؤمنين فقد قال سبحانه: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله}.... وهذه الآية فيها توجيهان مهمان:
التوجيه الأول:- طلب العفة في قوله تعالى: {وليستعفف} ...فخذي بالأسباب التي تعينك على العفة، ومن ذلك غض البصر واجتناب تعاطي المثيرات سواء كانت مرئية، أو مسموعة، والمداومة على الصيام، وإشغال النفس بالنافع من الدنيا من ذكر الله تعالى، ومجالسة النساء الصالحات، فإن شغل النفس بالحق يلهيها عن الباطل.
والتوجيه الثاني:- للآية انتظار الفرج، وإحسان الظن بالله، فقد قال سبحانه وتعالى:- {حتى يغنيهم الله من فضله}.
وهذا فيه إشارة بأن الغنى بفضل الله تعالى قريب، وأن الفرج قريب وحتى يحصل لك ذلك ينبغي أن تجاهدي نفسك على الأخذ بأسباب العفة، وأن تحاولي التعرف على النساء الصالحات، فإنهن خير من يعينك على البحث على الرجل الصالح، فكل واحدة منهن لها أقارب يريدون الزواج، إما أخ يريد زوجة، أو أب، أو قريب، أو نحو ذلك فثقي بما يقدره الله لك، واعلمي بأن ما قد قضي سيكون.
نسأل الله بأسمائه الحسنى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به,.