عمري 40 سنة ولم يقدر الله لي الزواج.. ما مشورتكم؟

0 594

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، بلغت من الكبر عتيا، ولم أكن بدعاء ربي شقيا، فقد تجاوزت سن الأربعين، ولم يقدر الله لي الزواج.

علما أني ناجحة في العمل، مستقرة اجتماعيا مع عائلتي، وهدفي في الحياة إرضاء ربي، وإسعاد نفسي، ومن حولي، كنت أحلم كأي فتاة بالزوج الصالح الذي يعينني على أمر ديني ودنياي، ولم يقدر الله لي حتى الآن.

منذ عام استدعى عملي التعامل مع أحد الأشخاص هو أخو صديقة جديدة، وإذا بي من أول اتصال تخالجني مشاعر غريبة بالارتباك والميل له، وكلما اتصلت به تنتابني نفس المشاعر حتى استدركت أنها مشاعر حب تجاه إنسان لم أكن أعرف عنه شيئا البتة حتى لا أعرف شكله، ولا عمره، وما إذا كان متزوجا، أو على دين أم لا.

استغربت من هذه المشاعر فصارحت صديقتي بها ولم تستنكرها واكتفت قائلة لي ربما يكون هو قدرك وأنت قدره، واستحلفتها بالله أن تبقي الأمر سرا بيننا، وما عرفت عنه أنه غير متزوج هو مطلق، ويصغرني بثلاث سنوات، ولا يفكر بالزواج، ومن خلال تعاملي معه تبين لي أنه على خلق رفيع، هو يعمل بالتجارة، ولكنه غير موفق فيها، فلا يملك دخلا ثابتا ومتكاسلا لا يسعى لتطوير وتحسين وضعه، عرفت من أخته بعلاقة له غير مستقرة مع فتاة، ولكن أهله يرفضون الارتباط بها، ثم علمت منها أنها قد تكون انقطعت هذه العلاقة، وأنها هي من تلاحقه.

على الرغم من ذلك أدعو له كثيرا، وقد سعيت من خلال أخته، وبطريق مباشر على مساعدته في تجارته، وقد نجحت في مسعاي، ولكن هذه مساعدة مؤقتة، وانتهت.

لا توجد بوادر ولا علامات من طرفه، وأخته تعرف بمعاناتي، وأنا صابرة محتسبة، لا أملك من أمري شيئا سوى الدعاء، ربما فتحت باب المساعدة كي أشبع حاجة عندي بالتواصل، وربما تسخير من الله له، مر العام وأكثر وما زلت أعاني، وانقطع التواصل بانقطاع السبب فأحس مرات بفتور المشاعر، ومرات تنبعث من جديد، وسبيلي الدعاء والاستغفار، أحيانا اشعر أنه يبادلني المشاعر، ولكن ظروفه تمنعه من الارتباط، وقد أكون مخطئة.

العمر يمضي، ولا أعلم تدبيرا حتى سمعت وقرأت مؤخرا بجواز خطبة المرأة لنفسها.

صديقة أخرى تستغرب موقف الأخت أنها لم تحاول أن تسعى بالتلميح مثلا فقلت لها ربما فعلت، ولكنه رفض ولا تصارحني أو ربما قسمها لي يمنعها وربما ترى أننا غير مناسبين نظرا لظروفه، وهي تكتفي دائما بقول الأمر بيد الله، وما هو مقدر مكتوب، ما رأيكم وما مشورتكم لي؟

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نسأل الله أن يديم لك النجاح والتوفيق، وأنت على خير ونعمة، ونعم الله مقسمة، فهذه ترزق زوجا وتفشل في حياتها، وتلك ترزق زوجا وأولادا وتحرم الأموال، وهذه يعطيها الله وظيفة وصحة ودين، وقد يتأخر عليها الزواج، فنعم الله مقسمة، والسعيد منا – يا ابنتي الفاضلة – هو الذي يرضا بما قسم الله له، هو الذي ينظر إلى من هم أقل منه في كل أمور الدنيا، فيحمد الله تبارك وتعالى، وأنت -ولله الحمد- على خير، فاحمدي الله على ما أولاك، واعلمي أن لكل أجل كتابا، ونتمنى أن تخرجي من هذه العزلة، وتحشري نفسك في مواقع ومواطن الصالحات، وتحضري معهن المحاضرات، وتشاركي في الأعمال الاجتماعية، فإن وسط هؤلاء النساء – بل جزء كبير من هؤلاء النساء – تبحث عن زوج لأخيها، أو زوج لابنها، أو زوج لمحرم من محارمها، ونحن نريد من المرأة المسلمة أن تظهر ما حباها الله من جمال، وقدرات، ومهارات في العمل، وذكاء في العقل، أن تبرز هذه المواهب أمام أخواتها حتى يطلع الناس على ما وهبها الله تبارك وتعالى، فيكون ذلك سبيلا ودعاية لها من أجل أن تخطب وتتزوج، لأن بعض البنات – بكل أسف – ليس لها علاقات، ليس لها معارف، ولا تحرص على أن تبرز ما وهبها الوهاب (سبحانه) فكيف يعرفها الناس؟

وبالنسبة لهذه الأخت: أنت أخطأت في أنك أقسمت عليها، وهذا مدخل جميل جدا، يعني أخوات الرجال وبنات الرجال هن أقرب من يوصلن مثل هذه المشاعر، فيكفي الثناء على أي رجل، فإن الثناء يصل إليه، وعند ذلك يبدأ يميل، وهذا مشروع من الناحية الشرعية لا غبار عليه، فإنه تلميح مقصود ومفيد طالما كان الرجل صاحب دين وطالما توسمت فيه الخير، فإن إظهار مثل هذه المشاعر النبيلة، إظهار الرغبة بين النساء في أنك تريدين رجلا صالحا متدينا، إظهار ما عندك من عناصر الخير والقدرة على المساعدة، هذه كلها من الأمور مهمة جدا للفتاة أن تظهرها، ولا تتوقفي عند هذا الرجل وحده، فالرجال كثير، والخير عند ربنا لا تحده حدود، بيده مقاليد الأمور سبحانه وتعالى، فالجئي إلى الله تبارك وتعالى، واجتهدي في إبراز ما وهبك الله تعالى من مواهب وجمال وقدرات ونجاحات في العمل، فإن الناس يبحثون عن مثل هذه الأشياء.

واعلمي أن كل امرأة جميلة بحجابها وحيائها وسمتها، وكل امرأة ستجد من أهل الأرض من يعجب بها، لذلك قالوا: (لولا اختلاف وجهات النظر لبارت السلع) فتوجهي إلى الله تبارك وتعالى، واعلمي أن الأمر لله من قبل ومن بعد، واطلبي كذلك مساعدة الزميلات، مصارحة الفاضلات، وأرجو أن يكون لأهلك وللعمات وللخالات أدوار كبيرة في هذا الجانب، فإن النساء يحسن ذلك كما قال النبي عليه صلوات الله وسلامه، لأنها تستطيع أن تعرف بالفتاة وترفع الحرج عن الفتاة وعن الرجل، كأن تقول للرجل: (أما تريد أن تتزوج) كما فعلت نفيسة عندما خطبت خديجة للنبي - عليه الصلاة والسلام – رغم أن خديجة أرسلتها، إلا أنها أخرجت المسألة إخراجا جميلا، حيث قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: (هل لك في الزواج؟ قال: من أين؟ أين المال؟ قالت: أرأيت إن دعيت إلى المال والحسب؟ قال: من؟ قالت: خديجة) فرضي النبي - صلى الله عليه وسلم – وهذا الكلام قاله النبي - صلى الله عليه وسلم – لخولة بنت حكيم أيضا، لما عرض عليها أن تخطب له عائشة وسودة، قال: (إن كن يحسن ذلك) عليها من الله الرضوان.

فابحثي عن مثل هذه المخارج، ولا تقفي مكتوفة اليدين، فإن الإنسان يفعل الأسباب، ثم يتوكل على الكريم الوهاب، وما يقدره الله لنا، وما يختاره العظيم لنا أفضل من اختيارنا لأنفسنا، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

مواد ذات صلة

الاستشارات