الأمة تحتاج إلى المربيات والمعلمات

0 311

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكر القائمين على هذا الموقع عظيم النفع، جزاهم الله عن المسلمين الجنة.

أما بعد: فإني طالبة في المرحلة الثانوية، وكما الحال في بلدنا فإننا ندرس تخصصنا من الثانوية، وقد اخترت منذ سنتين أن أتخصص في الهندسة، وفعلت، وها أنا عاكفة على الدراسة في آخر سنة من الثانوية، لكني صرت أفكر بعدم الدراسة الجامعية، لما فيها من مشاكل: كالاختلاط، والتضييق على الرجال في تخصصهم وعملهم، كما أنه لا حاجة للمجتمع بمهندسات، فالمهندسون كثر حتى البطالة، وذلك علاوة على أن في ذلك ضياعا لوقتي في شيء قليل الفائدة، وقد لاقيت معارضة من جمع معتبر، فهم يقولون: من سينفق عليك إن لم تدرسي وتعملي؟ ستظلين عالة على أهلك، فالنصح بورك فيكم.

أما مشكلتي الثانية: فهي الوساوس التي أنزه الله سبحانه عما فيها، فقد بلغت بي الجهد، لذلك أريد تقوية صلتي بربي، أريد أن أحبه، أريد أن تكون الصلاة أحب إلى من الدنيا وما فيها، أريد أن أقول الحق لا تأخذني فيه لومة لائم، أريد أن أكون من البكائين من خشية الله، أريد أن أكون قليلة الضحك قليلة الكلام قليلة الأكل، أرجوكم أفيدوني.

جزاكم الله عني خيرا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك - ابنتنا الفاضلة – ونشكر لك هذا الحرص على الخير، ونسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يستخدمك فيما يرضيه.

وأرجو أن نبدأ بالمشكلة الثانية، وهي الوساوس، فإن الإنسان إذا جاءته مثل هذه الوساوس وجاءه الشيطان في أمور يكره الكلام والحديث عنها، فإن هذا دليل على صريح الإيمان، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم – عندما قال له الرجل: (يجد الواحد منا من الأمر لزوال السموات أحب من أن يتكلم به) قال - صلى الله عليه وسلم -: (أوجدتموه؟ الله أكبر، ذاك صريح الإيمان) ثم وجهنا إلى أن نتعوذ بالله من الشيطان، ثم ننتهي فنقطع هذه الوساوس؛ لأن الشيطان إذا لم يستطع إلا أن ينال من الوسوسة ولم تتحول هذه الوسوسة إلى ممارسات وعمل فإن هذا فيه خذلان لهذا العدو، الذي همه أن يحزن الذين آمنوا، وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله.

ونشكر لك (حقيقة) الرغبة في أن تكوني من المصلين وممن يقول الحق وممن تبكي من خشية الله، وممن (كذلك) يقل عندهم الضحك ويحرصون على الجد والعمل بما يرضي الله تبارك وتعالى، فهذه نيات – ما شاء الله – كبيرة وطيبة، نسأل الله تبارك وتعالى أن يحشرنا وإياك في الصالحين المصلحين، في صحبة رسولنا الأمين، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.

أما بالنسبة للجزء المتعلق بمسألة الدراسة وأنك رغبت في أن تتخصصي في الهندسة، ودرست ذلك في الثانوية مراحل، فإنا نريد أن نقول: الدراسة بلا شك فيها فوائد، ولكن من المفيد للفتاة أن تختار المجال الذي تنتفع منه، وإذا كان هناك نظام التعليم يسمح لك في أن تختاري (مثلا) جوانب شرعية أو جوانب تربوية، لأن هذه تلامس حياة الفتاة والمرأة المسلمة، ونحن أيضا بحاجة إلى داعيات وعالمات ومربيات وطبيبات لبناتنا ولنسائنا، هناك تخصصات نحن بحاجة فيها إلى الصالحات من أمثالك حتى تقوم بتعليم البنيات ومعالجة الأمهات والأخوات.

إذا كان هذا ممكنا فبها ونعمت، وإن لم يكن هذا ممكنا فإن الهندسة أيضا تخصصاتها واسعة، فابحثي عن جوانب تليق بالفتاة كهندسة الديكور، أو الأمور التي لا تحتاج إلى الخروج فيها أو الاختلاط بالرجال، أو هندسة التصميم، أو غير ذلك من الجوانب، الآن علم الهندسة أصبح علما واسعا جدا، فاختاري المجال الذي يليق بك كفتاة، والمجال الذي لا يجبرك على أن تختلطي كثيرا بالرجال، والمرأة (دائما) إذا أرادت أن تعمل فإن لعلمها شروط:

1- أن يكون المجتمع بحاجة إلى عملها.
2- أو تكون هي بحاجة إلى مردود العمل وعائد من العمل، ونحن يؤسفنا أن المرأة ما كانت لتحتاج لولا غياب الخلافة الإسلامية وبيت المال والشريعة الإسلامية.

فإما أن يحتاج المجتمع لخدماتها، أو تحتاج هي للأموال وعائد هذا العمل، وعند ذلك عليها أن تختار المكان الذي تبتعد فيه عن أنفس الرجال وعن الاختلاط بهم، وعليها كذلك أن تحافظ على حجابها الكامل، وعليها كذلك أن تجتهد في أن توفق بين واجباتها في البيت كأم وزوجة، وبين واجباتها في العمل، فإذا راعت هذه الضوابط فلا حرج في هذا العمل، والإنسان عندما يشاهد في واقع الحياة يجد عاملات محتشمات مؤدبات، يحافظن على الدين، ويقمن بخدمات جليلة في خدمة الناس، فأنت تستطيعين أن تكوني من هذه النوعية، فتجمعين بذلك بين الخيرات.

وأكرر مرة أخرى: المرحلة الأولى ينبغي أن تكون في تغير التخصص، فإن لم يكن ذلك ممكنا فاختاري من خلال فروع الهندسة المجالات التي لا يوجد فيها أعداد كبيرة من الرجال، أو في الأصل تعمل فيها النساء، ثم أهلي نفسك في هذا الجانب، فإن طلب العلم الإنسان لا يندم عليه، لكنه سيندم على توقفه، وسيندم على جهله، وسيندم على عدم إكماله في التحصيل الأكاديمي والقراءة والاطلاع الغير الأكاديمي، ونحن لا نريد أن يحصل لك هذا الندم، فواصلي هذا المشوار، واحرصي دائما قبله وبعده أن تكون صلتك بالله وثيقة، وحاولي أن تحفظي كتاب الله، وتتعلمي أحكام هذا الدين، لتكوني داعية لأخواتك في مجال تخصصك وفي أي مجال توجدين فيه وأي مكان تعملين فيه.

نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونرحب أيضا بالتواصل مع الموقع، ونحن على الاستعداد للإجابة على التساؤلات، ونسأل الله أن يعيننا على الوصول للحق والصواب.

مواد ذات صلة

الاستشارات