السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم على جهودكم لما تقدمونه للأمة الإسلامية والعربية, وأسأل الله لكم الأجر والمثوبة.
مشكلتي أن أبي الغالي يمر بحالة نفسية صعبة جدا, أبي من الشخصيات الهادئة والمحترمة, وعزيزة النفس, ولا يحب أن يطلب أحدا, أكرمه الله سبحانه وتعالى بعد تقاعده مزرعة, وأرضا يبني فيها بيته الجديد, فابتلاه الله جل في علاه والذي نحمده على كل شي؛ ابتلاه بديون لا نعلم من أين أتت, فاضطر إلى بيع مزرعته وأرضه وسيارته.
وصار يعاني من ظروف قاسية, ومن كثرة التفكير, وبعد فترة لوحظ عليه تغيرا كبيرا جدا, فبدأ جسده يضمحل, ثم بدأ يفعل أشياء غريبة, كالتصفيق وهو سائق, وتحريك رأسه بشكل غير طبيعي, وعندما نخبره ونقول له هون على نفسك, ولماذا تفعل مثل هذه الحركات, كان يسكت؛ لأنه يشعر بماذا يفعل.
بعد فترة بدأ يتكلم مع نفسه من غير سكوت, ويتأوه بشكل مسموع للكل, ويشعر أنه مراقب, أو أن أحد سحره, أو أن الموت سوف يباغته في أي لحظة, وعندما يرى أي أحد من أولاده تنقلب الآهات إلى ابتسامة لكي لا يشعر أحدا بما فيه, ويقول أنا والحمد لله طيب, فلا تشغلوا حالكم بي.
تطور الوضع وجلسنا نكلمه عما فيه, وهو يحرك رأسه على السرير ويقوم, ويجلس, ويلتوي على نفسه, ويصفق برجله على الأرض, أو برأسه, ولا يستقر أبدا, ولا ينام, لدرجة أنه بكى من أجل أولاده, يقول أنا لم أستطع أن أتمالك نفسي فجعلت أبنائي يحزنون علي؛ لأنه خائف أن نتأثر عليه.
وعندما نقول له اذهب لدكتور نفساني يقول: لا. أنا بخير والحمد لله, أنا بخير, وقد يكرر الكلام كثيرا, مثلا لو أراد أن ينادي أحدا باسمه؛ ناداه عدة مرات, حتى بعد أن ينهي معه موضوعه يستمر في النداء, وإن أجبناه مرة أخرى يقول: لا. لم أناد أحدا.
اضطررنا أن نأخذه من غير رضاه إلى دكتور نفساني, وكان يقول يا أبنائي أنا بخير والحمد لله, هي أزمة وتنتهي, ويقول لا أنا مجبور على الذهاب, أنا مجبور, أنا مجبور, والأفضل أن تتركوني وأنا أتحسن أتحسن أتحسن -المريض هو يكرر من أثر المرض-.
بعد أن وصلنا به إلى الدكتور لم يتلكم بشيء, مع العلم أنه يعلم أن ثم حالة تفسية صعبة يمر بها, وكان يقول لأمي الغالية منذ متى كنت أمشى وأتأوه, ولا أستقر في جلوسي, ولا أنام, وأتكلم بصوت مسموع؟
وبعد أن خرجنا به من عند الطبيب كان يقول صار لي ملف عند الدكتور النفساني, ويكررها كثير جدا, ويقول اسحبوا الملف, ولا تخبروا أحدا, مع العلم أن أبي كان لا يفعل هذا أبدا, والكل يشهد له بخلقه ورجاحة عقله, ولا نزكيه على الله.
النقطة الأخيرة والأهم في الموضوع أن أبي يشعر بالخوف الشديد المبالغ فيه, حتى نظرات عيونه مملؤة بالخوف والرعب والقلق, ويشعر بخوف أيضا من مكان كان يحبه كثيرا, وكان يقضي معظم حياته فيه, فصار لا يطيق الجلوس فيه, ويشعر بالرعب إن شجعناه على الذهاب إليه.
علما أن الدكتور قال إنه يشعر باضطرابات نفسية شديدة فقط, فما رأيكم؟ مع العلم أنا فتحنا جواله فوجدنا رسالة تهديد.
مع خالص الحب والتقدير.