كيف أتخلص من الوساوس في الصلاة؟ وهل يحاسبني الله عليها؟

0 829

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة ملتزمة بصلاتي، وأحاول أن أتقرب من الله، وأن أكون فتاة صالحة، لكن هناك شي يزعجني ويسبب لي مشكلة وهي أني عندما أبدأ صلاتي يبقى ذهني مشغولا بأمور دينية أو ما هو أسوأ، حتى لو حاولت التركيز تأتيني أفكار جدا بشعة وفيها شي من الكفر سواء كلمات أو تخيل منظر معين يكون شيئا معاكسا لما أقول في الصلاة، وهذا الشيء يجعلني أخاف جدا من حساب الله، وأحاول أن أتعوذ وأن أركز في كلمات وتخيل القرآن، وأحاول الخشوع كي لا تأتي هذه الأفكار لكنها مع ذلك حتى لو كنت خاشعة تأتيني وكأنه صوت يزعجني.

هل سيحاسبني الله على هذا؟ وماذا أفعل؟ لأنني أشعر أنه وسواس قوي وأتمنى أن يخلصني الله منه، مع العلم أن هذه الأفكار لا تأتيني أبدا أبدا إلا حين أبدأ صلاتي.

أرجو نصحي كيف أتخلص منها وكيف أركز في الصلاة؟ وهل هذا أمر حدث لأحد من قبل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فمرحبا بك - ابنتنا العزيزة – في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله تعالى أن يذهب عنك ما تجدين من وساوس، ونحن نطمئنك أولا إلى أن إيمانك - إن شاء الله تعالى – لن تؤثر فيه هذه الوساوس، بل وجود هذه الوساوس مع كراهتك لها وخوفك منها دليل على وجود إيمان صريح في قلبك، فقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم – نفور الإنسان من هذه الوساوس وكراهته لها علامة على إيمانه، فقال - عليه الصلاة والسلام – لمن شكى إليه ما يجد في صدره من هذه الوساوس، قال: (ذاك صريح الإيمان) وفي رواية: (محض الإيمان)؛ وذاك أن الشيطان لا يحاول أن يخرب البيت الخراب، إنما يحاول أن يهدم المعمور، فلجوؤه إلى الوسوسة ومحاولته إفساد قلوب بعض المؤمنين دليل على وجود إيمان في تلك القلوب، ثم كراهتهم لها وخوفهم منها دليل ثان على وجود هذا الإيمان المنافي والمغاير لتلك الوساوس.

ولهذا فنصيحتنا لك - أيتها البنت العزيزة – ألا تلتفتي إلى هذه الوساوس، ولا تعيريها اهتماما، ودواؤها لخصه النبي - صلى الله عليه وسلم – في أمرين: الأمر الأول الانتهاء عن هذه الوسوسة وعدم الاسترسال معها، وقطعها، والثاني: اللجوء إلى الله تعالى بالاستعاذة به سبحانه وتعالى فقد قال - عليه الصلاة والسلام – لمن يشكو هذه الوساوس، قال: (فليستعذ بالله ولينته).

وهذه وصية عظيمة نحن على ثقة أنك إذا عملت بها؛ فإنك ستتعافين - بإذن الله تعالى –، فجاهدي نفسك بالإعراض عن هذه الوساوس وصرف الذهن عنها كلما خطرت لك، وعندما تقومي إلى الصلاة حاولي أن تشغلي نفسك بالتفكر في ألفاظ ما تقولين في صلاتك، فتفكري في معاني الآيات القرآنية ومعاني الأدعية والأذكار التي تقولينها، وتفكري أيضا في معاني حال الصلاة، فالقيام وما فيه من حركات من وضع اليدين اليمنى على اليسرى على الصدر، وما يعني ذلك من الأدب بالوقوف في مناجاة الله تعالى، ثم الركوع وما فيه من الدلالة على الخضوع والاستسلام، ثم السجود وفيه ذلك المعنى ولكن بشكل أعمق وأدق، (وهكذا) إذا تفكرت فيما أنت فيه من أعمال الصلاة وأقوالها، فإن ذلك سيكون شاغلا لك عما يحاول الشيطان أن يفسد به أوقاتك، ويكدر عليك عباداتك.

وينبغي أيضا أن تأخذي بالأسباب الحسية من التداوي، فما أنزل الله من داء إلا أنزل له دواء، كما قال رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم – وقال: (فتداووا عباد الله ولا تتداووا بحرام).

وسيقوم الإخوة الأطباء - إن شاء الله تعالى – بتوجيه ما ينفعك من النصح.

نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى أن يمن عليك بالشفاء العاجل.
.........................................................................................................
انتهت إجابة الشيخ أحمد الفودعي مستشار الشؤون الأسرية والتربوية
وتليها إجابة الدكتور مأمون مبيض استشاري الطب النفسي
..........................................................................................................

شكرا لك على السؤال، وعلى التواصل معنا على هذا الموقع.

من أصعب الوساوس هي وساوس العقيدة والدين والصلاة، وكما ذكرت في سؤالك، وأعانك الله على هذه المعاناة، فصعوبة الوساوس أنها تأتي في أعز شيء على الإنسان، ومن هنا كانت صعوبات الوسواس، فالمحاسب الأمين تأتيه الوساوس على أنه غير دقيق وربما غير أمين أيضا في حساباته، والمؤمن قد تأتيه الوساوس في أعز شيء لديه وهو كل ما له علاقة بربه وخالقه والوضوء والصلاة، حيث تدور في ذهنه أفكار أو جمل أو عبارات أو حتى صور وخيالات كلها قد تتعلق بالذات الإلهية، وما يمكن أن يوحي بأنه "كفر" صريح، كأن يشك أصلا في وجود الخالق، أو يتصور أن هناك صفات النقص لله تعالى، أو قد يشك في مصداقية القرآن الكريم، كلام الله تعالى، أو أمورا أخرى تتعلق بالرسول الكريم، أو الملائكة، أو القدر أو اليوم الآخر.

وهكذا فقد لا يسلم شيء مما يعتز به الإنسان ويؤمن به، فتضيق الدنيا على هذا الشخص المبتلى بكل هذه الوساوس، ويبدأ يتساءل إن كان قد خرج عن الدين والملة، مما يضاعف في معاناته، وحتى يدخل في دائرة معيبة، وقد تتأثر أنشطته الحياتية من الدراسة والعمل، وكما حصل معك من تراجع الأداء الدراسي.

اطمئني، فكل ما يدور في ذهنك من هذه الوساوس، وربما غيرها كثير لم تذكريها لنا لخجلك منها، أو لارتباكك من ذكرها، كلها وساوس، لست مسؤولة عنها، لأن من تعريف الوساوس أنها أفكار أو عبارات أو جمل أو صور تأتي للإنسان من غير رغبته ولا إرادته، بل أنت لاشك تحاولين جاهدة دفعها عنك، إلا أنها تقتحم عليك أفكارك وحياتك، وأنت لا تريديها.

صحيح أن بعض الناس، وخاصة ممن لم يصب بالوسواس، يجد صعوبة كبيرة في فهم هذا الأمر، إلا أن هذا لا يغير من طبيعة الأمر شيئا، ويبقى الوسواس عملا ليس من كسب الإنسان، وليس من صنعه، والله تعالى الرحمن الرحيم ما كان ليعاقب إنسانا على عمل ليس من كسبه، ولا هو يريده، بل هو يبغضه ويدفعه عن نفسه.

والوسواس ليس دليلا أو مؤشرا على "الجنون" أو فقدان العقل أو ضعف الإيمان، كما قد يشعر أو يفكر المصاب، وإنما هو مجرد مرض نفسي، أو صعوبة نفسية قد تصيب الإنسان لسبب أو آخر، كما يمكن لاضطرابات أخرى أن تصيب أعضاء أخرى من الجسم كالصدر والكبد والكلية، وكما أن لهذه الاضطرابات علاجات، فللوسواس وغيره من الأمراض النفسية علاجات متعددة، دوائية ونفسية وسلوكية.

وفي هذا الموقع الكثير من الأسئلة التي تدور حول الوساوس، مما يعكس أولا مدى انتشارها بين الناس، وإن كان من المعتاد أن لا يتحدث الناس عنها، ولا حتى المصاب، إلا بعد عدة سنوات ربما، حيث يعاني أولا: بصمت ولزمن طويل قد يصل لسبع أو تسع سنوات، ولذلك أشكرك على أن كتبت لنا تسألين.

إن وضوح التشخيص، وفهم طبيعة الوسواس، وأن تطمئني لصلتك بالله تعالى، فهذه من أول مراحل العلاج، وربما من دونه قد يستحيل العلاج.

ومن أهم طرق العلاج هو العلاج المعرفي السلوكي، وهو الأصل، وهناك بعض الأدوية التي تساعد، والتي هي في الأصل مضادة للاكتئاب، إلا أنها تخفف من شدة الوساوس، وتحسن الحالة المزاجية العامة للشخص.

ولك أن تحاولي "العلاج" من طرفك بعدم الاكتراث بهذه الوساوس، متذكرة أنها مجرد وساوس قهرية، وأن لا تسمحي لها بتغيير نمط حياتك، ولا تصرفك عن الأعمال التي تريدين القيام بها، وخاصة العبادات.

ولكن إن وجدت صعوبة كبيرة في تحقيق هذا، أو طال الأمر و أزمن، فأنصحك بمراجعة طبيب نفسي أو أخصائي نفسي قريب من مكان سكناك، ليقوم على العلاج ويشرف عليه.

وفقك الله، وحفظك من كل سوء.

مواد ذات صلة

الاستشارات