الرهاب الاجتماعي جعلني أفكر بترك الدراسة والانتحار فما العلاج؟

0 436

السؤال

السلام عليكم

أنا طالبة بعمر17سنة في الثانوية, ومن المفترض أن ألتحق بالجامعة بعد عدة أشهر, لكن عندي - على ما أعتقد - رهابا اجتماعيا, سبب لي قلقا منعني الدراسة, فكلما أذاكر دروسي أفكر في كيفية تأقلمي مع جو الجامعة, وأنه لن يكون لي أصدقاء, وأني سأظل وحيدة في الجامعة, وبعد أن أنهي الدراسة الجامعية سأعمل في أي وظيفة, وأفكر أن أدرس تخصصا يليق بشخصيتي الصامتة الضعيفة – كالصيدلة - أما الطب - وهذا ما أتمناه - فلا يليق بشخصيتي؛ لأن الطب سيجعلني أحتك بالناس كثيرا, وهذا ما لا أطيقه, وأريد منكم أن تصفوا لي العلاج في أقرب وقت ؛ لأني لا أستطيع الذهاب إلى الطبيب؛ حتى أمارس حياتي كبقية الناس, فأنا أفكر في ترك الدراسة - مع أنها مهمة - بسبب هذا المرض, وهذه أعراضي؛ فأرجو أن تصفوا لي العلاج:

- أتجنب كل المناسبات الاجتماعية العائلية, وكل المواقف التي تجمعني بالناس, وأتجنب الذهاب للأماكن العامة – مثل: المطاعم, والأماكن الترفيهية, والسوق, والسوبر ماركت - لأنني لا أعرف كيف أتعامل مع الناس, ولا أدري ماذا أقول في كل موقف, وأصاب بالإحراج والتوتر دائما.
- أرتبك عند أداء الأعمال أمام الناس, مثل: الصلاة, والكتابة, وصب القهوة, وغيرها.

- أتجنب السير في طرق النقل العامة والوقوف في مواقف العربات مخافة أنظار الناس, فأنا لا أستطيع التحكم في تعابير وجهي, وأصاب بارتجاف في عضلات الوجه, وعدم توازن في الرقبة عندما ينظر إلي الناس.

- عندما أتحدث مع شخص أو أكون مع مجموعة من الناس تظهر علي بعض الأعراض, كالتلعثم في الكلام, وانخفاض الصوت, وتجنب النظر في العينين, وعدم التركيز في كلام المتحدث, وأفكر: ماذا أقول بعد أن يتوقف عن الكلام, وأتعثر في المشي, وعند الذهاب لأماكن جديدة أحيانا أو الذهاب لمقابلة شخص مهم ذي منصب عال أشعر بأن معدتي تؤلمني - كأني أود الذهاب إلى الحمام - وعندما ينظر إلي شخص أصاب برجفة في عضلات الوجه وعدم توازن في الرقبة, وسرعة في ضربات القلب, وأخيرا ضيق في الصدر وتوتر عندما أكون مع الناس.

هذه أعراضي, فأرجو أن تصفوا لي العلاج في أقرب وقت؛ لأني أفكر في أترك الدراسة, وأتمنى الموت في أي لحظة, مع أني لست مستعدة له, وأفكر في الانتحار؛ لأني تأتيني أفكار تقول لي: إن قطعك لأرحامك, وانعزالك عن الناس ستدخلك النار, ولأني أعلم أن صلة الأرحام والأخلاق الحسنة من أفضل الأعمال, فلا جدوى من العيش, وأنا عندي حالة من الاكتئاب واليأس من الحياة, وأصبحت كسولة لا أهتم بنفسي, وأقطع الصلوات بسبب هذا المرض.

أعتذر للإطالة, فهذا ما استطعت أن أختصره, وشكرا - جعل الله هذا الموقع في ميزان حسناتكم -.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سماح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

إن رسائلك الأربعة هي ذات محتوى واحد، والذي لاحظته أنك بالفعل تعانين من أعراض قلق الرهاب الاجتماعي من الدرجة البسيطة، والذي يسيطر عليك هو ما نسميه بـ (القلق الاستباقي الوسواسي) أي: أنك تضعين بعض الفرضيات السلبية لأحداث حياتية عادية جدا، وبعد ذلك تأتيك هذه الوسوسة عما سوف يحدث مستقبلا، وتكون أفكارك كلها قائمة على التشاؤم وعلى الفكر السلبي.

خلاصة الموضوع هي أن حالتك حالة قلقية وسواسية, مع مكون رهاب اجتماعي بسيط - كما ذكرت لك -.

أولا: ليس هنالك ما يدعوك للتفكير في الانتحار، فأنت لست في مصيبة، وأنت لست في ضائقة، وهذه أمور بسيطة وعادية، وفوق ذلك أنت شابة، ومسلمة، ولديك أسرة، ولديك أشياء طيبة في الحياة، والانتحار حرام، فالانتحار يضعف شخصية الفتاة، بل يعطي صورة سلبية عنها وعن أسرتها، فأرجو ألا تكون هذه الكلمة في قاموسك – أي: كلمة الانتحار – ولا هذه الأفكار في أفكارك، فالحياة طيبة، والحياة جميلة، والمستقبل لك - إن شاء الله تعالى – وحالتك هذه سوف تتم معالجتها.

ثانيا: كنت أتمنى أن تذهبي وتقابلي طبيبا نفسيا من أجل المتابعة، لكنك ذكرت أن هذا لا يمكنك القيام به؛ لذا أقول لك: إن علاجك يتكون من الآتي:

أولا: أرجو ألا تخافي من الفشل، فالفشل هو أكثر الأشياء التي يخاف منها الإنسان، والخوف منه أسوأ من الفشل، ومعظم الذين فشلوا كانوا قريبين جدا من النجاح، لكنهم لم يستمروا في محاولاتهم من أجل الإنجاز؛ لذا توقفوا وفقدوا الثقة في أنفسهم.

أنت جيدة، وأنت مثابرة، ورؤيتك حول الدراسة واضحة، لكن يجب ألا تغطيها بهذه التغطيات السلبية - أنك سوف تختارين تخصصا معينا؛ لأنك لا تودين الاختلاط مع الناس - فالحياة الجامعية حياة مختلفة تماما، وأعرف أن الجامعات في السودان فيها الكثير من الحيوية والتفاعل الاجتماعي والفكري، فانظري للأمور بإيجابية، فهذا أفضل لك بكثير.

هنالك علاجات دوائية ممتازة تزيل - إن شاء الله تعالى – هذا الخوف الاجتماعي, فهنالك دواء يعرف علميا باسم (سيرترالين) متوفر في السودان، وله مسميات تجارية كثيرة، ويمكنك أن تسألي عنه تحت مسماه العلمي، فتناولي منه نصف حبة – أي: خمسة وعشرين مليجراما – ليلا، واستمري على هذه الجرعة لمدة شهر، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول هذا الدواء.

هذا سيكون كافيا جدا من حيث العلاج الدوائي؛ لأن هذا الدواء مضاد للرهاب الاجتماعي, وللمخاوف, وللوساوس, والقلق، كما أنه محسن للمزاج، والجرعة التي وصفت لك هي جرعة صغيرة جدا، وهي حبة في اليوم، حيث إن هذا الدواء يمكن تناوله حتى أربع حبات في اليوم، لكنك لست في حاجة لهذه الجرعة.

أرجو أن تجعلي نمط حياتك فعالا، فشاركي أسرتك في أنشطتها، وركزي في دراستك في هذه الأيام، ولا شك أن الدراسة الجامعية مفيدة جدا، وتعطيك المزيد من الثقة في نفسك، وفي نفس الوقت تطور من مهاراتك الاجتماعية.

في موقعنا (إسلام ويب) استشارة تصف كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء، وتمارين الاسترخاء نعتبرها مهمة جدا كعلاج سلوكي بسيط، لكنه فعال لاحتواء القلق والتوتر، فأرجو أن تطلعي على هذه الاستشارة، ورقمها هو: (2136015), فاطلعي على التفاصيل الموجودة بها وطبقيها، وسوف تجدين فيها فائدة وخيرا كثيرا - بإذن الله تعالى -.

هذا هو مجمل ما أود أن أذكره لك، وأؤكد لك أن حالتك حالة بسيطة، وعلاجها واضح، وكوني مرتبة ومنظمة لوقتك، واحرصي على صلواتك، وعليك بالدعاء، وهنا - إن شاء الله تعالى – تجدين طمأنينة القلب، وتنطلقين انطلاقة إيجابية جديدة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات