كيف نتعامل مع طفلة كفلناها صغيرة ولا تعرف نسبها؟

0 557

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

منذ ست سنوات ونصف كفلت أم زوجي بنتا عمرها ثلاثة أيام من أمها؛ لأن أمها كانت لا تستطيع إخبار أهلها بزواجها العرفي -والله أعلم- وأصبحت أم زوجي هي أمها, ربتها, وكبرت في بيتها, وهي تعلم أن أم زوجي هي أمها, وأباها زوج أم زوجي, وزوجي أخوها.

وأمها الحقيقية تأتي كل فترة تراها, وأخبرنا البنت أنها عمتها أخت أبيها, مع العلم أن جميع المحيطين بنا يعلمون حقيقة أمرها, ويعلمون من أمها الحقيقية.

كبرت البنت وسط الجميع, ولكن دللت دلالا شديدا للغاية, فنادرا ما تعاتب على تصرفاتها, فأصبحت شديدة العناد, وأصبحت تعامل أمها (أم زوجي) بأسلوب سيء, ولا تسمع كلامها, وتحدثها بأسلوب لا يليق, وترفع صوتها عليها كثيرا, وكأنها تحدث طفلة صغيرة, ولا تشعر بها, وإذا لم تستجب لأي طلب تفعل ما يضايقها إلى أن تستجيب.

ولا تهتم ولا تتأثر حتى في حالة مرضها, رغم شدة حنانها عليها, وتعامل أباها (زوج أم زوجي) أسوأ من ذلك بكثير, رغم حبه وتدليله الشديد لها.

أما زوجي فهو مثل الجميع, يدللها ويحبها بشدة, ولكنه الشخص الوحيد الذي تخاف منه إلى حد ما, ولكن عندما رأت أمها أنها تقف كثيرا أمامه، من أجلها أصبح غير مؤثر.

بالإضافة إلى كل ذلك معاملتها مع أصدقائها -وهم جيرانها - سيئة للغاية, فهي تعاملهم بمنتهى الغرور, وإذا وجدت غيرهم تعاملهم معاملة سيئة جدا, والكل لاحظ ذلك.

أم زوجي تشتكي منها كثيرا, وأبوها كذلك, وكل من يتعامل معها يشكون من عيوبها, ولكن الأم شديدة الحنان والدلال المبالغ فيه معها, فكل أخطاء الفتاة تأخذها بضحك وتهاون.

منذ فترة زيد على هذا كله بعض الأمور مثل:

أنها أصبحت تنقل الكلام, ولكن بصيغة تهديد, كأن تسمع أمها تتحدث عن أي أمر, أو غير أمها, وتقوم بنقل الكلام, ولكنها لا تنقل الكلام كله, تأخذ الجزء الذى يثير أي مشكلة, ولا تخبر بحقيقة الأمر كله.

بالإضافة إلى تدخلها في كلام الكبير دائما, وعندما يذكر أحدنا أمامها أن هناك فتاة جميلة, أو يذكرها بخير تغضب, ولا تريد أحدا أن يذكر أي فتاة أنها حسنة, وهنا يكون رد الأم عليها أنت الأجمل والأفضل, ولا يوجد مثلك, وكل ذلك لا تجد من يلومها عليه, أو يوضح لها, وترفض الأم دائما من يحاول التدخل في تربيتها, أو إصلاح عيوبها التي تشكو منها طيلة الوقت.

ومنذ فترة تعهدت أن أذاكر لها دروسها, ولكن الفتاة لم تستجب؛ لأنها لا تريد غير أن تلعب مع أصدقائها, فاستخدمت وسائل الضغط على أمها, وكالعادة لم يكن من الأم غير الاستجابة, وكل ما يهم الأم أن الفتاة تنجح بأي طريقة, وليس أن تكون متفوقة, رغم ذكائها الشديد, فأصبح الأمر غير مهم عند الجميع.

كثيرا ما تحدثت مع الجميع أن هذه الفتاة يجب أن تتحلى بكثير من الأخلاق الكريمة لكي تساعدها في يوم ما عندما تعلم حقيقة أمرها, وأن الله سوف يحاسبنا على تربيتها وتعليمها ودينها, وليس على الحنان عليها فقط.

كان الجميع يوافقني على هذا الكلام, ويعلم صحته, ولكن بدون جدوى.

وأخيرا: الفتاة تنشأ صحيا بطريقة خاطئة, تكاد تكون لا تأكل إلا أقل القليل, ودائما هي مصابة بالأمراض؛ لأنها تعتمد في أكلها على الحلويات, وعندما يجهز الطعام ترفضه بشدة, ولا يكون من الأم إلا الاستجابة؛ مما جعلها دائما عند الطبيب.

في النهاية أعتذر على الإطالة, وأريد من سيادتكم إخباري عن الحلول لهذه الأمور, وذكر التصرف الطبيعي معها, وغير الطبيعي, وكيف نقومها لكي نكون قد قمنا بدورنا أمام الله عز وجل, وما هو دور كل واحد منا معها أمام الله عز وجل.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سحر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نشكر لك التواصل مع الموقع، ونسأل الله أن يهدي هذه البنت، وأن يلهمنا السداد والرشاد، وأن يعين من قاموا بالإحسان إليها على إكمال هذا الإحسان –كما أشرت– بأن يربوها على آداب وأحكام هذه الشريعة التي شرفنا الله تبارك وتعالى بها، فإن في الأدب غنية عن كثير من الأشياء، والإنسان بأدبه، كما قال الأول:

كن ما شئت واكتسب أدبا *** يغنيك محموده عن النسب

لكن إذا كان الأمر فيه إشكال من ناحية النسب، ومع ذلك ليس عندها نسب في الأدب، فهذا سيكون نهاية السوء والشر، وكم تمنينا أن مثل هذه الأحوال لو عرضت على شرعيين منذ البداية.

ولست أدري هل تمكنت والدة الزوج من إرضاعها لتكون أختا بالرضاعة لمن حولها حتى تجري عليها الأحكام الشرعية، ولا يكون هناك حرج في اختلاطها بغيرها، لأنهم يعتبرون أجانب بالنسبة لها إذا لم ترضع من ثدي هذه الأم.

وكم تمنينا في مثل هذه الأمور أيضا أن يكون هناك اهتمام بها وتواصل مع جهات للعلاج النفسي، وجهات دعوية، حتى يتدرجوا في تنبيهها وفي إظهار التوجيهات المناسبة، حتى لا تفاجأ هذه البنت في آخر المطاف بأمور سيكون لها تأثيرات كثيرة وسالبة عليها.

وعلى كل حال فإننا نريد أن نتكلم عن الجانب الذي يعنينا وهو مسألة: ضرورة تأديبها بالآداب الحسنة، فإن في الدلال إساءة وأي إساءة، والدلال الزائد والقسوة الزائدة كلاهما وجهان لعملة واحدة في الفشل، وعواقب الدلال خطيرة، وقد أشرت إلى بعضها من خلال السؤال، ولكن الأخطر هو ما سيأتي بعد ذلك، فإن الأمر لن يقف عند هذا الحد، وعندما تصل هذه الفتاة مراحل عمرية معينة سيزداد منها الشر والتمرد؛ لأنها وجدت ذلك الدلال الذي (دائما) عواقبه –بكل أسف– وخيمة.

ونتمنى أيضا أن تكون هناك خطة موحدة في التربية، فإن الذي أضر بهذه الطفلة هو أن لها ظهرا يحميها، ولها من يدافع عنها، وهي في الحقيقة هي التي تربي أهل البيت وتحكمهم إذا كان الأمر كما وضح في السؤال، وفي الاستشارة، ولذلك وجب التنبيه بلطف، ونحن نتمنى أن يقوم زوجك بالكلام وبالتدخل والتنبيه، لأن هذا أدعى للقبول، بأن يكلم والدته، بأن يكلم أهله، بأن ينصحوا لهذه الطفلة.

ومن النصح لها: إحسان التربية، ومن النصح لها: التمهيد لها وإصلاح شأنها حتى تعرف الحقيقة منهم قبل أن تعرف من آخرين، فإنها لو تفاجأت بالحقيقة من الآخرين ستكون ردة الفعل عنيفة جدا على الأسرة وسالبة جدا عليها.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يعين المسلمين على التمسك بآداب هذا الشرع، فما من شيء من ديننا تركناه إلا ودفعنا الثمن غاليا، إلا وندمنا عليه.

نسأل الله أن يردنا إلى دينه وإلى كتابه، وأن يجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات