السؤال
السلام عليكم.
أعاني من كثرة التفكير والوساوس في مختلف الأمور، أنا الآن مخطوبة، وخطيبي يريد الابتعاث للخارج –ما شاء الله-
دائما أشعر بالخوف بأنه سوف يتركني أو يخونني، أو أنه لن يحدث شيء بيننا، أيضا دائما أشعر أن كل من حولي يكرهوني، وبأن أمي وأبي غير فخورين بي!
تألمت من كثرة التفكير، دائما أخاف بأن الله ليس راضيا عني، وأن أموري قد تتعسر بسبب ذنب ارتكبته، أريد أن أقوي إيماني بربي، ولكن لا أعرف كيف؟! أريد التخلص من قلقي وكثرة وساوسي.
أرجوكم، أحتاج للمساعدة جزاكم الله خيرا، وأسعدكم في الدنيا والآخرة، لكم مني جزيل الشكر والتقدير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
شكرا لك على السؤال.
بعض هذا الخوف أو القلق من المستقبل، ومن السفر ومما يمكن أن تأتي به الأيام لأمر طبيعي، وهو يعيننا أصلا على اتخاذ التدابير اللازمة لترتيب أمورنا والاستعداد لهذه المرحلة الجديدة من حياتنا.
أرجو أن تطمئني، فما يدور في ذهنك من هذه الوساوس، وربما غيرها كثير لم تذكريها لنا، لارتباكك من ذكرها، كلها وساوس، لست مسؤولة عنها، لأن من تعريف الوساوس أنها أفكار أو عبارات أو جمل أو صور تأتي للإنسان من غير رغبته ولا إرادته، بل أنت لاشك تحاولين جاهدة دفعها عنك، إلا أنها تقتحم عليك أفكارك وحياتك، وأنت لا تريدينها.
صحيح أن بعض الناس، وخاصة ممن لم يصب بالوسواس، يجد صعوبة كبيرة في فهم هذا الأمر، إلا أن هذا لا يغير من طبيعة الأمر شيئا، ويبقى الوسواس عملا ليس من كسب الإنسان، وليس من صنعه.
الوسواس ليس دليلا أو مؤشرا على ضعف الإيمان، كما قد يشعر المصاب، بل هو يشير لعكس هذا، فهو يشير لقوة الإيمان، نعم قوة الإيمان، لأن الوسواس يصيب أعز ما عندك وهو إيمانك بالله تعالى، وإنما هو مجرد مرض نفسي، أو صعوبة نفسية قد تصيب الإنسان لسبب أو آخر، كما يمكن لاضطرابات أخرى أن تصيب أعضاء أخرى من الجسم كالصدر والكبد والكلية.
كما أن لهذه الاضطرابات الأخرى علاجات، فللوسواس وغيره من الأمراض النفسية علاجات متعددة، دوائية ونفسية وسلوكية.
في هذا الموقع وغيره الكثير من الأسئلة التي تدور حول الوساوس، مما يعكس أولا مدى انتشارها بين الناس، وإن كان من المعتاد أن لا يتحدث الناس عنها، ولا حتى المصاب، إلا بعد عدة سنوات ربما، حيث يعاني أولا بصمت ولزمن تطويل قد يصل لسبع أو تسع سنوات، ولذلك أشكرك على أن كتبت لنا تسألين.
إن وضوح التشخيص، وفهم طبيعة الوسواس، وأن تطمئني لصلتك بالله تعالى، فهذا من أول مراحل العلاج، وربما من دونه قد يستحيل العلاج والشفاء.
من أهم طرق العلاج هو العلاج المعرفي السلوكي، وهو الأصل، وهناك بعض الأدوية التي تساعد، والتي هي في الأصل مضادة للاكتئاب، إلا أنها تخفف من شدة الوساوس، وتحسن الحالة المزاجية العامة للشخص.
أنصحك بمراجعة طبيب نفسي أو أخصائي نفسي قريب من مكان سكنك، ليشرح لك طبيعة الوسواس وليقوم على العلاج ويشرف عليه.
عافاك الله وخفف عنك ما أنت فيه، وأراح بالك، وحافظي على الصلاة وتلاوة القرآن، ولا تجعلي الشيطان يوحي لك بغير ذلك، فهو يحاول بكل طريقة، ومنها الوساوس.
وفقك الله، ويسر لكما الزواج السعيد، ومن ثم السفر، والنجاح والذرية الصالحة.