السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا فتاة أبلغ من العمر 19 عاما ونصف، أعاني من الوسواس القهري والتفكير بالموت منذ 3-4 أشهر، وهذا بعد أن حدث فجأة في إحدى الليالي تغيرت ضربات القلب لدي، وأصبحت سريعة جدا، وبانت علي علامات السكتة القلبية، وفي وقتها طلب مني والدي أخذي إلى إحدى المراكز الطبية، ولكنني رفضت وبشدة؛ لأني كنت متيقنة وقتها أن الموت زارني، فكيف لي أن أخرج من البيت، وأنا لست بمحتجبة، وإذا مت ماذا أقول لربي؟
في اليوم الثاني ذهبت إلى طبيب العائلة لنفس السبب، فأعطاني موعدا لمختص الأمراض الباطنية – القلب، عملت كل الفحوصات، وكتب لي وصفة طبية للتخفيف من سرعة النبضات، وبعد أسبوعين أعود للمراجعة، وعند المراجعة لم يكن مطمئنا لحالتي، فبعثني لفحص “ هولتر “ نتائج الفحص أظهرت أن النبضات لدي لا تقل عن 114 في حالات الاسترخاء خلال النهار، ولكنه قال: إن القلب سليم، ولا يوجد أية مشاكل، وإن شعرت بتسارع الضربات فقط علي أخذ الجرعة الموصى بها.
منذ ذلك الحين تفاقم الوضع لدي، ولم أعد أخرج من البيت، ولم أعد أستطيع التفكير إلا في الموت، وأن اليوم هو موعدي، وإن لم يأت اليوم فهو غدا بكل تأكيد.
كان ينبغي أن أبدأ بتعليمي الجامعي، ولكن الخوف منعني حتى من الاختلاط بالآخرين، أنا أصلي -الحمد لله- منذ 3 سنين، لكني لست متحجبة، وعندما تأتيني فكرة أني أريد أن أتحجب يقول لي شيء ما بأن السبب أن ساعتي قد اقتربت، فأخاف أكثر، وما زاد الطين بلة أنه في إحدى الليالي شعرت باختناق شديد، وحسبت أن روحي تفارق جسدي، ولم أعد أستطع التحرك ولا التنفس، فأجهشت في البكاء من شدة خوفي -لا أنكر أن من وقتها لم أعد أتأخر في صلاتي - فذهبت للطبيب لتحليل حالتي.
في فحص الدم الأول تبين أن نسبة الـ tsh مرتفعة، لدي فعملت الفحص للمرة الثانية، ولكنها كانت نسبتها طبيعية جدا، وهذا زاد من قلقي أكثر فلا زلت حتى الآن أشعر بهذا الاختناق، ويرافقه نبضات سريعة.
أنا اليوم أقوم بعدة فحوصات، وعندما أتوجه لمختص ينقلني لمختص آخر، وهكذا، فكيف لي أن أتخلص من هذا الوسواس الذي سود حياتي؟ والذي يرافقني في صلاتي بأنها مردودة، وأي عمل خير لا يحتسب!
* بيتي يقع بجانب المقبرة، وهذا أيضا يزيدني خوفا، آسفة للإطالة، وأرجو منكم إيجاد حل لي
شكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ شيرين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن حالتك من الأساس ليست عضوية، لكن وجود الأعراض الجسدية - خاصة ضربات القلب المتسارعة - يعطي الشعور للإنسان بأن هناك علة قد أصابت القلب.
الحالة معروفة لدينا في الطب النفسي، وأصبحت منتشرة في الآونة الأخيرة، هذه الحالة تسمى بنوبات الهلع أو الهرع، وهو نوع من الفزع القلقي الحاد الذي يجعل الإنسان يشعر بأن المنية قد قربت، ويكون هنالك شعور بالضيق، الشعور بالإجهاد النفسي الشديد، والشعور بالتغرب عن الذات والابتعاد عنها، وبعد أن تنتهي النوبة يبدأ الإنسان في مسلسل الوساوس، ويكون قلقا، وهذا القلق استباقي في طبيعته توقعي مما يجعل الإنسان يعيش تحت التهديد بأن النوبة سوف تأتيه، وهذا يولد الكثير من الوساوس، وهكذا يكون الإنسان في حلقة مفرغة، وأعتقد أن هذا هو الذي حدث لك.
أيتها الفاضلة الكريمة: حالتك حالة نفسية، هذا هو الذي أود أن أؤكده أولا.
ثانيا: تعتبر من الحالات النفسية البسيطة حتى وإن سببت لك الكثير من المضايقة والانزعاج.
ثالثا: العلاج النفسي ناجح جدا في هذه الحالات.
إذن خذي هذه النقاط الثلاثة السالفة الذكر كبشريات، والحل الأمثل هو أن تذهبي إلى الطبيب النفسي، ولا تذهبي إلى تخصص آخر، وإن صعب عليك الذهاب للطبيب النفسي أرجو أن تقتنعي بما ذكرته لك وتصرفي انتباهك عن هذه الأعراض، ولا تعزلي نفسك أبدا، حقري فكرة الخوف، تواصلي مع أسرتك، كوني فعالة في حياتك، وهنالك تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، لدينا في إسلام ويب استشارة تحت رقم (2136015) يمكنك أن تسترشدي بالتوجيهات والإرشادات والتعليمات المفصلة التي وردت بها، وذلك من أجل تطبيق تمارين الاسترخاء بصورة صحيحة، حيث إنها نافعة ومفيدة -إن شاء الله تعالى-.
الجانب العلاجي الآخر - وهو مهم جدا - هو العلاج الدوائي، هنالك أدوية متميزة وفاعلة جدا لعلاج هذه الحالة، منها دواء يعرف تجاريا باسم (زيروكسات) واسمه العلمي (باروكستين) الجرعة المطلوبة هي أن تبدئي بعشرة مليجرام - أي نصف حبة - يتم تناولها ليلا بعد الأكل، وتستمري عليها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك ترفع الجرعة إلى حبة كاملة، وهذه تستمري عليها لمدة شهرين، بعد ذلك اجعلي الجرعة حبتين، تناوليها كجرعة واحدة في المساء واستمري عليها لمدة شهرين أيضا، ثم خفضي الجرعة إلى حبة واحدة مساء لمدة شهرين، ثم اجعليها نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
هذا الدواء من الأدوية الممتازة والفاعلة، وغير الإدمانية، وليس له تأثير سلبي على الهرمونات النسوية.
الدواء الذي أعطاه لك طبيب القلب أعتقد أنه (بروبرالانول) هذا هو اسمه العلمي، ويسمى تجاريا باسم (إندرال) هو دواء جيد، دواء مساعد، ولا مانع من تناوله بجرعة عشرة مليجرام صباحا ومساء لمدة شهر، ثم عشرة مليجرام صباحا لمدة شهر آخر، ثم تتوقفي عن تناوله.
أشرت إلى أن أحد هرمونات الغدة الدرقية وهو الـ (TSH) كان لديك مرتفعا، وبعد أن تمت مراجعة الفحص وإعادته اتضح أنه طبيعي، هذا جيد، لكن أنصحك بأن تعيدي الفحص مرة أخرى بعد ثلاثة أشهر، وذلك فقط من أجل التأكد.
الأفكار والهواجس الوسواسية المتعلقة بالموت، وأن بيتك قريب من المقبرة: هذا فكر يجب أن يحقر، ويجب أن يرفض، الموت غير مرتبط بالجغرافية أو بالمكان، أنا أقدر أن هذه مثيرات وسواسية، لكن في نفس الوقت أنا مقتنع أن قناعاتك الإيمانية قوية -إن شاء الله تعالى-.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.