السؤال
السلام عليكم
أصبت بنوبة هلع وذعر منذ أقل من سنة، ومرت علي ليالي وأسابيع وشهور صعبة، وذهبت إلى طبيب وقال لي: علاج نوبات الهلع لها شرطان، الأول أن تأخذ دواء سبرليكس لكي ترتاح، وتذهب مخاوفك والأهم من ذلك نستطيع أن ننتقل للشرط الثاني: وهو العلاج السلوكي المعرفي ( الموجهة بالغمر).
توكلت على الحي القيوم، وقلت في نفسي: بما أن الذي في خوف سأستعين بالله، وأواجهه، وبالفعل بدون أدوية، ذهبت مني نوبات الهلع بنسبة 98% واستغرقت فترة العلاج 6 أشهر، والحمد لله.
السؤال: إذا جلست وحدي في الليل فقط أقلق، وأيضا تأتيني أعراض القلق، كالنبض في أنحاء متفرقة بالجسم، ويضيق تنفسي إذا ذهبت إلى أماكن بعيدة في الطريق فقط –الشارع- ولكن أستطيع السيطرة على نفسي مع ذلك أشعر بالفرحة وثقة بالنفس كيف تجاوزت بتوفيق الله سبحانه؟!
أريد أن أتخلص من بقايا نوبات الهلع.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بدر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا.
أخي الفاضل، المناهج العلاجية الصحيحة لنوبات الهلع والهرع والحالات المشابهة يتكون من أربع مكونات، هي العلاج السلوكي، والعلاج الاجتماعي، والعلاج الإسلامي والعلاج الدوائي، وكل هذه المكونات العلاجية مترابطة مع بعضها البعض، وتدعم بعضها البعض.
بالنسبة للعلاج السلوكي، هنالك المواجهة بالتدريج، وهو ما يسمى بالتحسين التدريجي، المواجهة بالغمر، وهي المواجهة الحادة والمباشرة، وهنالك أنواع كثيرة أخرى من التعويضات السلوكية والمعرفية، مثل التعرض في الخيال ثم يعقبه التعرض في الواقع، المهم كلها تكون على مبدأ أن لا تخاف من مصدر خوفك، وأن تختلقه وأن تواجهه، وأن تعرف أن مشاعرك الداخلية مبالغ فيها، وأنك لن تفشل في هذه المواجهة، ولن يصيبك مكروه.
هذه هي المبادئ المعرفية، وبعد ذلك التطبيق، أنت أيها الفاضل الكريم أحسنت بأنك بالفعل أخذت هذه البرامج السلوكية، مأخذ الجد وتطبقها، وأنا أقول لك استمر على هذا النهج ويمكنك أن تدعم العلاجات السلوكية ببعض العلاجات المعرفية الجمعية، مثل ممارسة رياضية جماعية مع مجموعة من الشباب مثلا، الحرص على المشاركة في حلقات القرآن ومدارسته، هذا نوع من التفاعل الاجتماعي الإيجابي جدا، الانخراط في الأنشطة والجمعيات الثقافية والاجتماعية، مشاركة الناس في مناسباتهم، هذه كلها أسس وأطر وخطوات علاجية معرفية سلوكية تقوم على مبدأ المواجهة، وإن شاء الله تعالى تجني ثمارها، وهذا يساعدك كثيرا في اختفاء ما تبقى من الأعراض.
أيها الفاضل الكريم، أنا أريد حقيقة منك أن تأخذ التحسن الذي طرأ على حالتك، كمحفز رئيسي لك من المزيد من التحسن، المحفزات الذاتية مهمة جدا لاستمرارية التحسن.
بعد ذلك العلاج الدوائي، العلاج الدوائي أنا أرى أنه بالفعل مهم، الناس تتخوف من الأدوية لكن هذا التخوف ليس صحيحا، الأدوية إذا استعملت الاستعمال الراشد للحالة حسب ما تشخص وبالجرعة الصحيحة، وللمدة المطلوبة وتحت إشراف الطبيب المختص أعتقد أن فوائدها قطيعة وحتمية -إن شاء الله تعالى-.
الدواء يحجم الأعراض بسرعة شديدة، لكن العلاج السلوكي هو الذي يقتلعها، إذن كلاهما مكمل للآخر، فأنا أرى حقيقة أن تتناول جرعة صغيرة من السبرالكس سوف يكون أمرا جيدا، ولا تتخوف من ذلك، والسبرالكس يمكنك أن تبدأ في تناوله بجرعة خمسة مليجرام أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على (10) مليجرام لمدة أسبوع، ثم اجعلها حبة كاملة (10) مليجرام لمدة شهر واحد، ثم اجعلها خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر آخر ثم توقف عن تناول الدواء.
أخي الكريم، لا شك أن التحسن الذي سوف يطرأ على حالتك من تناولك للعلاج الدوائي سوف يؤدي إلى ارتباط شرطي إيجابي، ونعني بالارتباط الشرطي أن شعورك الداخلي بالتحسن سوف يحفزك للمزيد من التحسن، إذن العملية العلاجية وإن كان فيها شيء من التعقيد إلا أنها أيضا سهلة لمن أراد أن يطبقها على أسسها الصحيحة، أنا سعيد أن حالتك الحمد لله طيبة.
أسأل الله لك التعافي والعافية ودوام العافية، والحمد والشكر على العافية، بارك الله فيك وجزاك الله خيرا.