السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة عمري 22 عاما من مصر، لدي خوف من الموت بشكل شديد بدأ يظهر منذ أن كان عمري 19 عاما، عندما توفي شاب بحادث بدأ معي الخوف والإحساس بالموت، وحدثت أعراض، وقرأت وعرفت أن هناك أعراضا للخوف، كآلام المعدة، والرجفة وسرعة نبضات القلب، وجفاف الحلق، وأحيانا وصل بي الألم إلى عدم القدرة على التنفس، وذهابي للمستشفى لآخذ جرعات أكسجين.
مع العلم أنها أعراض نفسية مصاحبة، ولكن أتصور أنها أوهام وسواس وخوف دائم بالموت! والإحساس بأني سأموت الآن، والتشاؤم المستقبلي أو أن عمري قصير أو أني لم أكن عروسة يوما من الأيام أو أن عندي مرضا خطيرا، حاولت محاربة الوساوس والتحقير من شأنها، ولكن كأني أقول لنفسي زيدي من الأعراض!
أعلم أن ذلك كله هلاوس؛ لأن العمر بيد الله، ولا يعرف الغيب إلا هو، ولكني أستيقظ من النوم.
الآن أصبحت لا أنام، وأفكر كثيرا، وأخاف من كل شيء، خصوصا الليل، وكأن لصا ما سيطرق الباب، فأصبحت أخاف كل شيء، وفقدت معنى السعادة، وأتذكر الماضي من طلاق ولدي، ومعاملة الأب لي، من ذل وإهانة، على الرغم من أني أعيش مع أمي.
للأسف هذا الإحساس جعلني أقطع أو أتهاون بالصلاة ولا ألتزم بالصلاة، كما كنت في الأول، فأصبحت لا أصلي الفرض ولا حتى قيام الليل، ولا حتى الاستغفار! مع العلم أني كنت مداومة على هذا كله.
بالرغم من أني أيضا أعمل مدرسة، وأكمل دراسات عليا وأحيانا أمارس رياضة كي لا أترك فراغا في حياتي، وأعمل عملا جانبيا بالإضافة إلى عملي الأساسي لشغل وقتي بالكامل، ولكن دون جدوى!
أريد أن أرجع لحياتي الطبيعية، وأريد أن أصلي، وأكثر سبب تركي للصلاة هو أني لا أريد أن أصلي، لأني خائفة من الموت، أريد الصلاة لأني أحب الله، وأريد أن أشعر بذلك، وأريد أن أعيش حياة سعيدة متوازنة لأمور ديني ودنياي، أخاف من الموت لكي أتقرب أكثر إلى الله، ولكن لا أريد الخوف المرضي الذي يصحبني بشكل لا إرادي.
الآن يصحبني هذا الشعور بدرجة غير عادية، تجعلني لا أنام، وكأن هناك شيئا يخنقني، ويقف في حلقي، وحلقي جاف دائما.
وبارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ shaimaa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن الخوف من الموت الذي تعانين منه كانت بدايته مع نوبة الهرع والهلع التي أصابتك، وبعد ذلك تحولت إلى قلق المخاوف الوسواسية، هذا هو تشخيص حالتك.
حالات قلق المخاوف الوسواسية متواجدة في المجتمع بكثرة، ونعتقد أن البيئة الاجتماعية كثيرا ما تساعد أيضا في تنشيط بل تثبيت وتجسيم وتضخيم هذه الأعراض، حيث إن مفاهيم الناس عن الموت تختلف، والناس إذا رجعوا إلى ما في ديننا الإسلامي الحنيف حول الموت أعتقد أن الأمور ستكون غير مزعجة للدرجة التي نشاهدها الآن، هذا من جانب.
من جانب آخر: حتى بالنسبة للذين يعرفون حقيقة الموت -ومعرفتهم مستمدة من عقيدتهم الدينية- إلا أن هذا الخوف قد يكون خوفا مرضيا - كما تفضلت – وهذا ناتج من حدة القلق أو نوبة الهرع التي تأتيهم، إذن هذا النوع من الخوف نعتبره خوفا مرضيا.
أيتها الفاضلة الكريمة: منهجك في الاقتناع بأن هذا خوف مرضي، وأنك تحاولين صده ورده ومقاومته، هذا هو المنهج الصحيح لعلاج مثل هذه الحالات.
بقي العلاج الثاني والذي أراه أساسيا في حالتك هو العلاج الدوائي، مخاوف القلق الوسواسية تستجيب بصورة ممتازة جدا للعلاج الدوائي، ويتميز العلاج الدوائي أنه الاختيار الأمثل - من وجهة نظرنا – لأنه يمهد الطريق للعلاج السلوكي، وكذلك العلاج الاجتماعي الإقناعي.
إن تمكنت أن تذهبي لطبيب نفسي فهذا هو الأفضل، وإن لم تتمكني فهنالك دواء يسمى تجاريا باسم (سبرالكس) واسمه العلمي (إستالوبرام) يعتبر من الأدوية الجيدة والممتازة جدا، والسليمة لعلاج مثل هذه الحالات.
الجرعة التي تبدئين بها هي خمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – استمري عليها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك ترفع الجرعة إلى عشرة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم ترفع الجرعة إلى عشرين مليجرام يوميا لمدة شهرين – وهذه هي الجرعة العلاجية – بعد ذلك تخفض الجرعة إلى الجرعة الوقائية، وهي عشرة مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر آخر.
هذا الدواء من الأدوية الطيبة والفاعلة، وأعتقد أن مدة العلاج والجرعة التي تحدثنا عنها هي الجرعة المتفق عليها علميا، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بها.
هذا لا يعني أنه إذا وصفنا لك دواء غير السبرالكس تمتنعين مما يصفه الطبيب، لا، أرجو أن تتبعي ما يصفه لك الطبيب؛ لأن الأدوية التي تعالج هذه الحالات كثيرة.
أيتها الفاضلة الكريمة: اصرفي انتباهك تماما، عيشي حياة سعيدة، ديري وقتك بصورة صحيحة، وممارسة أي نوع من تمارين الاسترخاء أو التمارين الرياضية التي تناسبك أيضا سوف تكون إضافة علاجية جيدة.
أما فيما يخص الصلاة فيجب أن ترتفعي بتفكيرك المعرفي حول الصلاة، وهي أنها عماد الدين، وأنها أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة، وأن تركك للصلاة هو تحفيز وتشجيع للمخاوف لتثبت أكثر، ويعرف تماما أن المخاوف تعالج عن طريق المواجهة، وتحقيرها، ليس من خلال مكافأتها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.