السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أخبرتك سابقا يا دكتور عن أخي ذي الـ 8 سنوات، وأني المشرفة على تربيته بوجود أمي وأبي – حفظهم الله -.
أخي آخر العنقود كما يقولون، وعنده 5 من الإخوة والأخوات مع فارق بالعمر كبير، يعني أنه يسمع كلاما، ويرى تصرفات، ويعلم أشياء لا ينبغي لمن هو في مثل عمره أن يعرفها، بالإضافة إلى ذلك فهو ذكي جدا، وهذا أمر يخيفني، فمثلا:
أخذته أمي كي يستحم، وقالت له "عقبال حمام العرس"، وبصراحة سأجيبك بجوابه مع خجلي الشديد، قال لها: أنا وزوجتي بالحمام عراة، وتلامس عوراتنا بعض، وتمنت أمي لو أنها ما قالت له، وطبعا هي لم توبخه وتقس عليه، ولكن قالت له: هذا الكلام عيب.
أنا أحاول جهدي أن أربي أخي تربية صحيحة، وقد اتخذني قدوته، ولا أنكر أن بيتنا يحوي الكثير من الأخطاء وقلة الأدب سواء من الإخوة، أو من أمي وأبي - للأسف الشديد-!
كما أن هناك أمرا آخر، وهو أن أخي يحبني، ويخاف مني، وبغيابي يتحدث بكلام لا يتحدثه بوجودي، وأنا أتمنى أن يبقى حسن الخلق رفيقه، سواء بوجودي أو بغيابي، فماذا أفعل لحل هذه المشاكل؟ وهل أخاف على مستقبل أخي؟
حسبي الله ونعم الوكيل!
أرجو الإجابة من قبل الدكتور أحمد الفر جابي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حبيبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نرحب بك - ابنتنا الفاضلة –، ونشكر لك هذا الاهتمام والتواصل مع الموقع، ونسأل الله أن يقر عينك بصلاح إخوانك، وأن يكثر من أمثالك، من الحريصات على حسن التربية وحسن التوجيه.
ونعتقد أن مهمتك ليست سهلة في وجود من يتهاون في مثل هذه الأمور في البيت، ولكننا نبشرك بأنك بالإحسان لإخوانك الصغار، وبالحرص على أن تكوني قريبة منهم، ومحسنة إليهم، وتنمي في نفوسهم هذه المعاني الجميلة، ستكسبين الجولة - بإذن الله تبارك وتعالى – ، ولعل من البشائر والدلائل على ذلك حرص هذا الأخ الصغير على ألا يفعل أخطاء في وجودك، وما بقي عليك إلا أن تغرسي فيه رقابة الله تبارك وتعالى، وتبيني له أن المسلم يكون على الأخلاق الفاضلة سواء كان مع الناس أم كان بعيدا عنهم، لأنه يتعامل مع رب الناس سبحانه وتعالى.
وهذا دليل أيضا على أن هؤلاء الأطفال عندهم حياء، لأنهم يقدرون وجودك، والذي عنده حياء لابد أن يكون فيه خير، فإن الحياء لا يأتي إلا بخير.
ونتمنى أيضا - كما أشرنا من قبل - أن تكوني دائما كثيرة اللجوء إلى الله، وأن تكوني هادئة، وأن تحاولي محو الآثار السالبة من الكلمات التي سمعوها من الكبار في السن، وأن تجتهدي في عزلهم عن هؤلاء الكبار، وذلك بأن تبحثي لهم عن أقران، أو تشغليهم بواجبات، أو بألعاب خفيفة، وأن تحاولي دائما بعد جلوسهم مع الكبار من تربيتهم على بعض المعاني، وحفظ آداب المجالس، وتبيني لهم أنه ليس كل ما يعلم يقال، وأن الإنسان لابد أن يراعي مثل هذه المسائل، وتجتهدي في أن تنمي فيهم معاني المروءة ومعاني الخير.
وكما قلنا: هؤلاء الأطفال في النهاية سيميلون إلى من يحسن إليهم، إلى من يعلمهم ما يوافق فطرتهم، وما يوافق ما في هذه النفس الصغيرة من طهارة، فما من مولود إلا ويولد على الفطرة، فهؤلاء الصغار رغم أن الكبار قد يضحكون، أو قد يسألوهم أسئلة سببت في أن يتفوهوا بمثل هذه الكلمات، إلا أنهم في داخلهم ميالون إلى الحياء، ميالون إلى الصفات الجميلة.
فاستعيني بالله تبارك وتعالى، واستمري على ما أنت عليه، وكوني هادئة جدا معهم حتى لو أخطئوا، وحاولي أن تعرفي أسباب ومصادر الخطأ من أجل أن تحرصي على عزلهم عن المجالس التي قد يكون فيها خطورة بالنسبة لهم.
وهذه دعوة للاستمرار في النصح، والتفنن في عرض القيم والمعاني الشرعية، والآداب الجميلة لهؤلاء الصغار، ونسأل الله أن يقر عينك بصلاحهم ونجاحهم، فهو ولي ذلك والقادر عليه.
ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، وأن يتولى الجميع برحمته، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.
ونكرر شكرنا لك على التواصل مع الموقع، وشرف لنا أن نتعاون أو نتساعد في تربية هؤلاء الصغار، الذين هم أمل الأمة، وأغلى ما نملك بعد توفيق الله، لأنهم النصف الحاضر، ولكنهم كل المستقبل.
ونسأل الله أن يبرم لأهلنا في كل مكان أمر رشد، يعز فيه أهل طاعته، ويذل فيه أهل معصيته، ويؤمر فيه بأمره، وينهى فيه بنهيه، فهو ولي ذلك والقادر عليه.