السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أعاني من الخوف، فأي صوت يخيفني، وأكثر شيء أخاف منه هو الخوف من الموت، أفكر في الموت كثيرا، وأتخيل القبر وما سيحدث لي فيه.
بدأت هذه الحالة بعد مرض شخص عزيز علي، كنت أخاف أن أفقده، وبعد خروجه من المستشفى أصبحت أخاف من كل شيء، أخاف على أهلي من الموت، وأتخيل أنني لن أصبر إذا توفي أحد، وأخاف إذا سمعت أحدا توفي حتى لو كان غريبا عني.
مر أسبوعان وأنا بحالة شديدة من الخوف، أبكي لأي سبب، أفكاري سوداوية، وبعدها يأتيني الخوف وأتخيل لحظات الموت، وبعض الأحيان أفكر فيه ولكن دون خوف، وأقول هذا مقدر علينا.
مرض الشخص كان سببا في استقامتي، فقد أصبحت أصلي بانتظام وطمأنينة و-الحمد لله-، وأصوم وأستغفر وأتجنب المعاصي، ولكن أراني مقصرة، ولن يقبل مني كل هذا.
تعبت كثيرا من هذه الحالة، حتى إنني لم أعد أفكر في مستقبلي، فقط أفكر كيف سأموت؟ وعلى ماذا سأموت؟ وماذا قدمت له؟ وكيف سأصبر على المصائب؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غ . أ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أيتها الفاضلة الكريمة: أنت تعانين من قلق المخاوف، وخوفك كله متمركز حول المرض، وحول الموت، وهذا غالبا يكون ناتجا من بعض التجارب، وإذا كان الإنسان لصيقا بشخص ما، ومرض هذا الشخص، ثم توفي إلى رحمة الله؛ هذا قد يؤثر في بعض الناس، وأنا أقول لك إن هذا ليس ضعف إيمان أبدا، و-إن شاء الله تعالى- أنت بخير وعلى خير، وأعتقد أن خوفك في أصله هو نوع من الخوف الوسواسي، وأنت ذكرت ذلك بصورة جلية بالرغم من التزام الطاعات، والصوم، والاستغفار، وتجنب المعاصي، لكنك ترين نفسك دائما مقصرة، ولن يقبل منك عملك هذا.
أيتها الفاضلة الكريمة: التشاؤم الوسواسي فرض نفسه عليك من خلال تسلط النفس اللوامة عليك أكثر مما يجب، وهذا -إن شاء الله- خير عظيم، وأنا أريدك أن لا تنزعجي أبدا، أنت بخير، و-إن شاء الله - على خير، اصرفي هذا الفكر، وحقريه، ليس فكرة الخوف من الموت إنما فكرة الوسوسة حوله، والقناعة بأن الموت آت، وأن الأعمار بيد الله تعالى، وأن الآجال لا يعجل بها ولا يؤخرها الخوف من الموت.
أيتها الفاضلة: يجب أن ننظر إلى الموت نظرة إيجابية، فالموت هو الذي يحركنا في هذه الحياة لنكون نافعين ومنتجين لأنفسنا ولغيرنا، والموت هو الذي يجعلنا نعبد ربنا، والموت هو الذي يجعلنا نكافح ونجاهد لآخر لحظة في حياتنا، الموت هو الذي يجعلنا نذهب ونعزي من نعرف، ومن نحب في موتاهم، فهو ليس أبدا بالقبح الذي يتصور الكثير من الناس.
أرجو أن تغيري نفسك فكريا، ونسأل الله تعالى أن يحفظك، وأنا في ذات الوقت وللجانب الوسواسي في حالتك أود أن أقترح عليك أن تذهبي للطبيب النفسي إذا كان هذا ممكنا، وإذا لم يكن ممكنا فمن الأفضل لك أن تتناولي أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف الوسواسية، وعقار استالوبرام هو الذي يعرف تجاريا بـ سبرالكس (Cipralex) وسوف يكون مثاليا في حالتك.
الجرعة المطلوبة هي نصف الحبة من الحبة التي تحتوي على عشر مليجراما، تناولي خمسة مليجراما يوميا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة -أي عشرة مليجراما- تناوليها يوميا ليلا بعد الأكل لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة إلى (5) مليجراما يوميا لمدة شهر، ثم (5) مليجراما يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناوله.
الدواء سليم، وفاعل، وغير إدماني، وأنا على ثقة أن أسرتك لن ترفض ذهابك إلى الطبيب النفسي أو تناولك للدواء.
أريدك أيضا أن تجتهدي في صرف انتباهك عن هذه المخاوف، والقلق، وذلك من خلال حسن إدارة الوقت، وحسن إدارة الوقت تعني إدارة الحياة، حين نغلق كل الفجوات الفراغية الزمنية والفكرية في حياتنا تكون الحياة طيبة، وجميلة.
نسأل الله لك العافية، والشفاء، والتوفيق، والسداد، ونشكرك على التواصل مع استشارات إسلام ويب.