كيف يكون الخوف من الرياء والنفاق؟

0 473

السؤال

السلام عليكم.

أخاف دائما أن أكون منافقة؛ فأنا أظهر الطاعات وأخفي المعاصي، لكن ذلك باتباع قوله -صلى الله عليه وسلم- فيما معناه: (إن الله يغفر للعبد ما لم يجاهر بالمعصية) وأحيانا أحب أن يعجب الناس بي لأعمالي، وأحب حبهم لي، أخاف أن أكون منافقة بذلك!

أرجو أن تخبروني بعلامات المنافق والمرائي، وكيف أعلم إذا كنت منهم -والعياذ بالله-؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك ابنتنا الفاضلة، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ونسأل الله أن يلهمك رشدك، وأن يعينك على الخير، ونكرر لك الترحيب في هذ الموقع، ونشكر لك هذا السؤال الذي يدل على خير كثير، فنسأل الله لك دوام الخير.

حقيقة، سعدنا بهذه الاستشارة التي فيها خوف من النفاق، وهكذا كان السلف الصالح يخافون على أنفسهم، والخوف من النفاق هو شأن أهل الإيمان، ولذلك هذه الاستشارة فعلا جديرة بالإشادة، وما خاف النفاق إلا مؤمن، وأنت -إن شاء الله- بعيدة عن النفاق، والمؤمن عليه بأن يظهر الحسنات، وأن يجتهد عن البعد عن السيئات، ويتقي الله تبارك وتعالى، سواء كان وحده، أو مع الناس، فإن أسوأ الناس أصحاب ذنوب الخلوات الذين إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها؛ ولكن أيضا لست مطالبة بأن تظهري ما عندك من السيئات، فإن هذا أيضا أمر لا يقبله الشرع، ولذلك جاء في الحديث: (كل أمتى معافاة إلا المجاهرين وإن من الإجهار أن يعمل العبد بالليل عملا ثم يصبح قد ستره ربه فيقول يا فلان قد عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه فيبيت يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه)

لذلك؛ المؤمن حتى لو ابتلي بمعصية ينبغي أن يستتر ويخفيها، وكذلك يجتهد في أن يخلص في طاعته لله تبارك وتعالى، فإذا عرف في نفسه الإخلاص والثبات فلا يضره إظهار العمل؛ لأن الله تعالى يقول: {إن تبدو الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم}.

ومع ذلك فإننا ننصح أنفسنا والأحباب وبناتنا والأبناء، بأن يكون لنا نوع من الطاعات الخفية؛ أسرار بيننا وبين الله تبارك وتعالى.

من وسائل تنمية الإخلاص في النفوس والبعد عن النفاق أن تكون للإنسان خبيئة من الأعمال الصالحة، وأن يكثر من قيام الليل، وصدقة السر، وصيام التطوع، وغير ذلك من الطاعات التي تنمي في الإنسان معاني الإخلاص لله تبارك وتعالى.

إذا أعجب الناس بعمل الإنسان، فإن العاقل يحمد الله الذي وفق، ويحمد الله الذي سدد؛ لأن العجب والمصيبة هو أن ينظر الإنسان للعمل وينسى عظمة الموفق، وإذا أثنى الناس علينا، فذاك دليل على جميل ستر الله علينا، ولو كان للذنوب ريح لما استطاع أن يجالسنا أحد.

مهما أثنى عليك الناس فلا تنخدعي بكلامهم؛ لأنك أعلم بنفسك من الناس، والله أعلم بك منك، وإن كان ما ذكروك به من الخير، فاحمدي الله الذي وفقك إلى الخير، والمؤمن يجتهد دائما في أن يذكر الله تبارك وتعالى لكي يفر من النفاق، لأن الله قال في أهل النفاق: {ولا يذكرون الله إلا قليلا}

ولكي نفر من النفاق لابد أن نخلص في أعمالنا، ولكي نفر من النفاق لابد أن نخاف من النفاق، ولكي نفر من النفاق لابد أن تطابق أقوالنا الأفعال، ولكي نفر من النفاق ينبغي أن نصدق في إيماننا بالله، وفي اتباعنا للنبي عليه الصلاة والسلام، ولكي نفر من النفاق لابد أن ننجو بأنفسنا من كل صفات المنافقين، والنفاق: نفاق عقدي، وهذا -إن شاء الله- نكون بعيدين عنه، وهو أن يظهر الإنسان الإيمان ويبطن الكفر، ونفاق عملي، وهو مثل الوارد في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا ائتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر) وغير ذلك من صفات المنافقين، وإن كان فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها.

نسأل الله تبارك وتعالى لك التوفيق والسداد، ونوصيك بقراءة سورة التوبة، وسورة المنافقون وغيرهما من السور التي تناولت سير هؤلاء، فإن عظمة الدين أن سورة التوبة على وجه التحديد كانت تقول ومنهم ومنهم ومنهم كما قال ابن عباس: "حتى خشينا أن تسمي".

نسأل الله أن يلهمنا رشدنا، وأن يعمق في أنفسنا جميعا معاني الإيمان.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات