هل الميل القلبي لشخص حرام؟

0 587

السؤال

السلام عليكم

أنا بعمر 23 عاما، منذ مدة اشتغلت مع شخص أكبر مني في السن، عمره حوالي 36 سنة، وكان مديري، متزوج وعنده أولاد.

الشغل انتهى بيننا منذ حوالي 7 شهور، لكن أحيانا وعلى فترات متباعدة نتواصل ليكلفني بعمل ما، وأحيانا نظل لفترات تصل لشهرين لا نتواصل، وإذا كان هناك عمل نتقابل على النت ليخبرني به، ونسلم على بعض، ثم كل واحد يذهب في سبيله، علاقتنا علاقة شغل، لا نتحدث فعليا إلا كل فترة و أخرى، حتى أني لا أعمل معه في المكان نفسه.

لا أفهم اهتمامي به، مع أنه متزوج وليس صغيرا، علاقتنا ليست صداقة أصلا، لأني ليست لدي فكرة أن أصادق رجلا، وهو أيضا ملتزم جدا، لكن أنا فعلا مشغولة به جدا، وأفكر فيه دائما، منذ أسبوع تقريبا أحلم به كل يوم، أخشى أن يصيبني شيء، لأنه لا يوجد بيننا شيء أبدا، هل إحساسي تجاهه حرام ؟

مع الأخذ في الاعتبار أننا لا نتكلم فعلا، ولا نرى بعضنا ولا نتصل حتى بالتليفون لأن علاقتنا قائمة على العمل بالأساس، وبالتالي لا نحتاج لأن نتكلم إلا إذا كان هناك عمل يستدعي ذلك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رانيا سعيد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يمن عليك بزوج صالح طيب مبارك يكون عونا لك على طاعته ورضاه.

بخصوص ما ورد برسالتك – ابنتي الكريمة الفاضلة – فإن القلوب إذا كانت خالية غير مرتبطة بشيء فإنها قد تتعلق بأي شخص ترى فيه بعض التفاهم أو القدرة على الحوار الهادئ أو الالتزام الجاد، أو أي صفة من الصفات تميزه عن غيره، ونظرا لأنك لم يكن في قلبك تعلق بأحد من الناس – أقصد أنك لم تكوني متزوجة ولست مرتبطة – وكذلك في الوقت نفسه أيضا ليس في قلبك أحد (مثلا) من الناس تحبينه – من الرجال على وجه الخصوص – فإن هذا الرجل عندما تمت العلاقة بينك وبينه وجدت أنه رجل ملتزم، وأنه رجل مؤدب، تسربت محبته إلى قلبك دون إحساس منك، وهذا أمر يحدث كثيرا، خاصة عند فراغ القلب، كما يقول الشاعر: (وصادف قلبا خاليا فتمكنا)، فعندما يكون القلب خاليا وغير مشغول يحدث مثل هذا نتيجة الاحتكاك.

لذلك نجد أن الإسلام العظيم عندما حذر ومنع الاختلاط كان من أهم الدواعي هو هذا الشيء، فإنك الآن مشغولة بإنسان شغلا كبيرا، وكما ذكرت أنت أنك أوشكت أن تعتقدي أنه من الممكن أن يحدث لك شيء، وأنك كما ذكرت مر عليك أسبوع الآن كل يوم تحلمين به وترينه (مثلا) في المنام، هذا كله يدل على تعلق قلبك به وأنت لا تشعرين، لأن قضية الحب أو التعلق هذه أشبه ما تكون باللص الخفي أو بالكهرباء التي تمشي في الأسلاك، الإنسان لا يكون منتبها ويشعر أن هناك لص قد سرق منه شيئا لأقل شيء من الغفلة، فنظرا لأن قلبك ليس فيه تعلق، أو لأن إنسانا تعامل معك بهذه الطريقة - وهذه المساحات أيضا من الوقت التي تم الاحتكاك أو التعامل المباشر بينك وبينه – تسربت مسألة المحبة إلى قلبك، وقد لا تكون محبة بمعنى العشق، وإنما على الأقل راحة نفسية، أنك تستريحين له، وقلبك ليس فيه شيء، فوجد هذه الراحة أو هذا التعلق - حتى وإن كان خفيفا – مساحة واسعة في قلبك فبدأ يشغلها.

أما من الناحية الشرعية فإن مجرد هذا الإحساس ما دام في القلب وما دام لم يترتب عليه سلوك عملي، بمعنى أنه ليس هناك كلام بينكما، وفيما يتعلق بهذه العلاقة على وجه الخصوص، وكذلك ليس هناك شيء آخر من الجوارح، كمسألة الابتسامة (مثلا) خاصة، أو مسألة المصافحة، أو كذلك أيضا المسائل التي هي أكبر من ذلك، ما دامت هذه التصرفات – تصرفات الأعضاء والجوارح – غير موجودة فهذا ليس فيه شيء.

أنا أنصح بالدعاء أن الله تبارك وتعالى يعافيك من هذا، لأنك كما ذكرت: الرجل أكبر منك سنا، وهو كذلك متزوج ولديه أولاد، ولعله لا يفكر بك أساسا، لأن هذا قد يكون نوعا من الإعجاب من طرف واحد، فالرجل بينك وبينه مسافة سنية، وأنا أعتقد أنه لعله لا يفكر فيك بنفس الطريقة التي تفكرين أنت بها.

لأنك لست مرتبطة وأن لديك فراغ عاطفي فهذه العلاقة الحسنة أدت إلى هذا الإعجاب الداخلي، والتي لم تتحول إلى الآن - بفضل الله تعالى – إلى أي سلوك أو إعجاب ظاهري، فأرى أن وجود هذا في القلب لا يؤثر شرعا، لكن أرى أيضا محاولة مقاومة هذا الشعور، لأن هذا الشعور قد يترتب عليه انشغالك فعلا وشغلك، وفي نفس الوقت أيضا دفعك إلى أن تسلكي مسلكا عمليا، وبالطريقة هذه تكوني قد خرجت من دائرة المباح إلى دائرة الحرام.

عليك بارك الله فيك أن تجتهدي، كلما جاءتك هذه الأشياء أن تجتهدي في دفعها، وأن تستعيذي بالله تبارك وتعالى منها، وأن تحاولي أن تركزي على شغلك وعلى عملك، ولا تلتفتي طويلا لهذا الأمر، خاصة وأن العلاقة لم تتطور ولم تصل إلى درجة يصعب الخروج منها أو يصعب معها النسيان.

كما ذكرت لك بارك الله فيك: إن هذا التعلق ليس فيه شيء شرعا، ولكن يخشى أن يتحول إلى سلوك عملي فندخل في دائرة الحرام، كذلك أيضا يخشى أن تزيد هذه المسألة عن حدها فتشغلك عن مسائل أخرى، وقد يؤدي ذلك إلى رفض من يتقدم لك ممن هو أحق بهذا القلب وأحق بك منه، لأنه جاءك راغبا في الارتباط الشرعي بك.

عليك بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وعليك بعدم الاستسلام لهذه المشاعر، أنا أعلم بأنها مشاعر مريحة وأنها جميلة، ولكنها ضارة، لأنها كالسم في العسل.

أسأل الله تعالى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يرزقك حسن الظن به وصدق التوكل عليه، وأن يربطك به سبحانه وتعالى، وأن يملأ قلبك بمحبته ومحبة نبيه ومحبة كتابه ومحبة الصالحين من عباده، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات