زمليتي كانت من الأوائل رغم وفاة والدها.. كيف أكون متفوقة مثلها؟

0 467

السؤال

السلام عليكم

كانت بنت خالتي تتحدث عن بنت أصبحت الثانية على الدولة في الثانوية العامة القسم العلمي، وأنه توفي والدها وقت الاختبارات والبنت متعلقة بوالدها كثيرا، ومع ذلك أصبحت الثانية مع ظروفها الصعبة وتفوقت.

تعجبت -اللهم لا حسد- تعجبت كثيرا من البنت، توفي والدها وتفوقت، فأقول بيني وبين نفسي (حفظ الله والدي لو أني مكانها لم أصبح الثانية على الدولة)، كيف كانت تذاكر! كيف نظمت وقتها! فاشتد الحديث بيني وبين بنت خالتي على البنت، فقالت بنت خالتي: الناس أنواع الذكاء، فمنهم قليل الذكاء، ومنهم عالي الذكاء من رب العالمين.

أحسست بضيق يعني أني قليلة الذكاء، وأحسست بالإحباط جدا، فهل صحيح أن الناس أنواع في الذكاء؟

وكيف أصبح متفوقة بديني وعلمي، وأكون حسنة الأخلاق؟

أنا طالبة في السنة الثانية رياضيات، وأتمنى أن أكون من المتفوقات، وأحسها جدا صعبة، مع العلم أني لم أرسب يوما ما؛ دائما أنجح، لكن لم أكن من المتفوقات، فهل يمكن طريقتي في المذاكرة غير صحيحة؟

هل يمكن مساعدتي؟ وكيف أنظم وقتي وأصل لمرحلة التفوق؟

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريماس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد الله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله، وصحابته ومن والاه.

نرحب بك ابنتنا الفاضلة، ونشكر لك الاهتمام بالنجاح، ونسأل الله أن يجعلك من أهل الفلاح، وأرجو أن تعلمي أن النجاح يبدأ بالسجود لفالق الإصباح، ثم ببذل أسباب النجاح، ثم بالتوكل على واهب الفلاح، والمؤمنة عليها أن تسعى، وتجتهد، وتتجه إلى الله تعالى، وإذا نظم الإنسان وقته، وذاكر دروسه يوميا، ولم يؤخر عمل اليوم إلى الغد، ونظم وقت المذاكرة، فإنه لا يحتاج إلى مجهود كبير في الأيام الأخيرة، وهذا هو الأسلوب الصحيح، وغالبا ما تكون تلك الفتاة ممن ينظم وقتها من بداية السنة مما يذاكر، ويرتب مذاكرته أولا بأول كما يقال، وأمثال هؤلاء مهما حصل لهم في الأيام الأخيرة فإن تلك المعلومات التي رسخت في أذهانهم، والتي كررها مرارا يعينهم الله تعالى وتبارك في تذكرها.

النقطة الثانية: غالبا ما تكون تلك الفتاة مؤمنة راضية بقضاء الله تعالى، وقدره، فإن الإنسان إذا رضي بقضاء الله وقدره، مثل هذه المصائب على عظمها وشدتها تعطيها قدرها، بل يسعد بها؛ لأن عمر بن عبد العزيز كان يقول كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار، وعندما يبتلى الإنسان بفقد عزيز فهذا امتحان من الله تعالى، ولذلك المؤمن يرضى بقضاء الله تعالى وقدره، يعلم أن هذا السبيل يسلكه كل إنسان، ويمضي فيه كل إنسان، ويدرك أن البكاء والدموع والعويل وفعل أهل الجهل لا يمكن أن يرد ميتا، لكنه يمكن أن يدخل صاحب الميت في الذنب، وفي أمور خطيرة؛ لأنه لم يرض بقضاء الله تعالى وقدره، فلذلك لن يصعب على مؤمن أو مؤمنة أن ينجح رغم المواقف الصعبة التي تمر به، فنسأل الله أن يزيدنا وإياكن إيمانا، وعجبا لأمر المؤمن أن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له.

قد يكون فقد الأب أيضا يعطي دافعا جديدا؛ لأنها بحاجة فعلا إلى أن تعوض حنان الأبوة، ودعم الأب بأن تملك، وتنجح، وتتقدم في هذه الحياة فإن النجاح، والتفوق في هذه الحياة يعطي الإنسان دفاعات كبيرة في حياته، وفي مستقبله وهو سبب من أسباب السعادة.

أما بالنسبة لك فأنت -إن شاء الله- موفقة، ويمكن أن تتوفقي أكثر إذا نظمت وقتك، وعرفت الطرائق الصحيحة للمذاكرة، واجتهدت منذ البداية، وأيقنت بإذن الله تعالى، فتستطيعين أن تفعلي الكثير، وإذا كنت لم ترسبي في مادة، فهذا مؤهل عال جدا، ودليل على أنك تستوعبين، ودليل على أنك تفهمين هذه المواد؛ فلم يبق إلا إعادة النظر في مسألة المذاكرة.

المذاكرة ليست العبرة بكثرتها، ولكن العبرة بتنظيمها، ثم بتحديد محاور هامة في الدرس، والتركيز عليها، ثم بحفظ القوانين عندما نحتاج إلى قوانين، أو حفظ القواعد عندما يكون هنالك قواعد، ثم بإجراء تمارين، والإنسان يختبر نفسه ليرى فهمه واستيعابه، ثم بالاستفادة كذلك من المعلمات بأن تناقشيها في الأمور التي لم تتضح لك حتى تتجلى لك الجوانب المهمة، ويزول الغموض من خلال شرح المعلمة، ومن خلال مراجعة بعض الأشياء معها.

من الآن نحن ندعوك إلى أن تعقدي العزم، وتضعي خطة مرتبة من أجل أن تتفوقي، ومن أجل أن تتقدمي فإذا تقدمت قليلا فشجعي نفسك، وأظهري الفرح والشكر لله تعالى، فإن الله وعد الشاكرين بالزيادة {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم }، فالإنسان إذا شكر النجاح القليل جاءه الكثير، كذلك ينبغي أن تحسني إلى من حولك، وتكوني في حاجة الضعفاء، فإن الإنسان إذا كان في حاجة الضعيف كان الله في حاجته، وتجتهدي في بر الوالدين، وصلة الرحم، فإن هذه من أسباب التوفيق، والنجاح في هذه الحياة، وقبل ذلك، وبعده اللجوء إلى الموفق سبحانه وتعالى، والمواظبة على الصلاة، والإكثار من الاستغفار، والصلاة والسلام على رسولنا المختار عليه صلاة الله وسلامه، والإكثار من قول لا حول ولا قوة إلا بالله، ونسأل الله تبارك، والله لك التوفيق، والسداد، ونتمنى أن تكوني من المتفوقات، ومن النجاحات.

نسأل الله تعالى وتبارك أن يرحم والد الطالبة وأمواتنا، وأموات المسلمين هو ولي ذلك والقادر عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات