حالة من الإحباط..وغير قادرة على حمل المسئولية..ما الحل؟

0 319

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعمل معلمة قرآن، وعندي مجموعة من الأطفال عمرهم ما بين الرابعة إلى العاشرة، منذ أن بدأت معهم من نصف عام وأنا أحاول جاهدة أن أجعلهم يحبونني حتى أحببهم في الحلقة وفي كتاب الله - عز وجل - واستطعت - بفضل الله - ذلك، ولكن الأمر تعدى ذلك وأصبحت أحبهم ويحبونني لدرجة أني أسرح كثيرا عندما لا أكون معهم، وأحلم بهم، ولكن عندما تأتي الحلقة أصبح لا يوجد أي تقدير لكلامي، مثلا عندما أقول لهم أنهوا الحديث، أو اجلسوا، أو لنقرأ معا بصوت جماعي.

وصل الأمر بي إلى التفكير في تركهم بعد أن أحسست أني لست على أي قدر من تحمل المسؤولية أمام الله، يصل الأمر بي إلى البكاء الشديد بعد أغلب الحلقات، حاليا عندي حالة من الإحباط الشديد وأني لن أستطيع أن أتحمل أي عقبة أو مسؤولية في حياتي، ماذا أفعل لتحمل المسئولية؟

معذرة على الإطالة، بارك الله فيكم ونفع بكم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زينب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك - ابنتنا الفاضلة - في موقعك، ونشكر لك هذه الروح الطيبة التي دفعتك للسؤال وهذه المشاعر النبيلة والهمة العالية التي جعلتك تعلمين القرآن وأنت في هذه السن، وهذا في الحقيقة شرف، ويكفي أن تعلمي وتتذكري قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، وقد أحسنت في حسن التواصل مع الأطفال، لكن يبدو أن الجرعة زادت، ولذلك المعلمة لابد أن تتعامل مع طالباتها وأطفالها بالتوازن، لأن المعلمة إذا ضحكت خمس دقائق فإن الأطفال سيجعلونها عشرين دقيقة، وإذا ضحكت عشرين دقيقة فسيكون معظم الوقت عبارة عن ضحك.

ولذلك لابد من منهج واضح جدا للمعلمة، وحرص جيد على تنظيم الوقت وعلى الاعتدال في التعامل مع الأطفال، وعلى حسن الدخول إلى نفوسهم، وأخذهم إلى سلم المعالي، ويخطئ من يظن أنه يكون مقبولا ومحبوبا إذا ضحك الطلاب ولاعبهم وتسامح معهم، فإن هذا سيفقد السيطرة ولا شك.

ولذلك لابد للإنسان أن تكون له خطة واضحة، ولابد للمعلم أن يعلن هذه الخطة منذ الوهلة الأولى، ولابد أن يكون في الحصة مزاح لكن قليلا جدا بمقدار ما يعطى الطعام من الملح، فإن الإنسان يطبخ كميات كبيرة من الطعام لكنه يضع الملح بمعلقة صغيرة، كذلك الفكاهة واللعب الذي يتخلل التعليم ينبغي أن يكون بهذه الطريقة، وإلا فإن الإنسان قد يفقد السيطرة على هؤلاء الأطفال الذين يريد أن يعلمهم ويريد أن يدرسهم.

ونحن (حقيقة) ندعوك إلى تكرار التجربة، واكتساب مزيد من المهارات في طرائق تعليم القرآن الكريم، وطرائق التعامل مع هذه الفئة العمرية، فإن كل فئة عمرية لها خصائص ينبغي أن نراعيها عندما نقوم بتعليم الأطفال في ذلك العمر، والأطفال إذا كانوا صغارا فإن اللعب معهم والتهاون معهم والمزاح معهم والتبسط معهم أكثر من اللازم هذا يجرئهم على الإنسان، وعند ذلك قد لا يسمعوا كلامه، وهذه نتيجة طبيعية للدلال، لذلك لابد أن يكون هناك اعتدال، فالحب معه حزم، والرفق لا يخلو بشيء من الشدة والانضباط، لذلك هذه المعاني ينبغي أن تكون واضحة.

وأنت - ولله الحمد- تستطيعين تحمل المسؤولية، والدليل هو ما ذكرناه، بل الدليل هو هذا الارتباط بالحلقة وأنت في هذه السن، ولكن لابد للإنسان أن يستفيد من خبرات من يكبرونه سنا، فندعوك إلى الاستمرار في التعليم ولو في حلقة أخرى، شريطة أن تبدئي من البداية بطرح الخطة وتكون واضحة، (إننا يا أبنائي جئنا لندرس، وأن هذا المكان ليس مكانا للعلب، وأنا شروطي كذا، ولا أقبل بكذا، ولا أقبل بكذا، وأريد من أبنائي كذا) وبعد ذلك أضع لهم ضوابط واضحة جدا تبين الأهداف التي ينبغي أن نسعى إليها جميعا في تحقيقها، ثم تستمري بعد ذلك في التعليم، وتلاطفي عندما يحتاج الأمر إلى ذلك، ولكن بمقدار يسير جدا، لثواني أو لدقائق معدودة، وبعد ذلك نعود للجد الذي كنا عليه وتعليم هذا الكتاب الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

فأنت عندك قدرة على تحمل المسؤولية، لكن هذه خبرات أنت بحاجة إلى اكتسابها، واعلمي أن الأطفال أصلا يريدون أن يحددوا شخصية المعلم، فإن وجدوه متهاونا ومتساهلا صعبت عليه بعد ذلك السيطرة، وإن كان من البداية حازما ومعتدلا في مشيه وضحكه وكلامه، وقوانينه أيضا يلتزم بها، فإن هذا يسهل عليه أن يقود هؤلاء الطلاب الذين عرفوا منهج هذا المدرس أو تلك المدرسة.

نسأل الله أن يوفقك الجميع لما يحب ويرضى.

مواد ذات صلة

الاستشارات