لدي علاقة مع قريب لي، فهل أستمر في هذه العلاقة؟

0 437

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بداية جزاكم الله خيرا على ما تقومون به.

لدي استشارة بخصوص الاستمرار أو الانفصال عن قريبي، علما بأننا لا زلنا غير مخطوبين، ولكنه ينوي خطبتي، كنت متحمسة في البداية وأعتقد بأنني أحببته، ولكن في بعض الأحيان يفاجئني بكلامه أو تصرفاته، وعصبيته الشديدة، وعندما يغضب يتفوه بأي شيء، وذات مرة أهانني بالكلام ولكنه اعتذر، وأنه لم يكن يعني ما يقول، وأنه كان في حالة من الغضب، وأن ما قلته له قد استفزه، مع أنني لا أعتقد بأن ما قلته يستحق ردة فعله القوية.

هو أيضا حساس وشكاك نوعا ما، ولكنه يحبني، وصرح بأنه تعلق بي، وهذا ما يجعلني أتردد في تركه، حدث وأن انفصلنا ثم عدنا، والآن قمت أنا بالاتصال به، واعتذرت باعتبار أنني كنت غير مهتمة بالتواصل معه بسبب حيرتي، مما أدى إلى غضبه، ومن ثم ابتعاده.

الآن لا أعرف هل أستمر معه أم أنفصل عنه نهائيا!؟ مع أنه في كل مرة ننفصل أشعر بالاستياء وبالخوف من أن أندم على تركه، وأحيانا أتذكر شخصا في الماضي كنت قد أحببته ولكن لم يحصل بيننا أي ارتباط، مع إحساسي بأنه ما زال يود الارتباط بي.

المعذرة على الإطالة، أفيدوني أفادكم الله، هل أستمر مع قريبي أم أتركه؟ مع العلم بأنني أستخير يوميا -والحمد لله-، ولكنني غير قادرة على اتخاذ القرار، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ المتوكلة على الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان، ثم يرضيك به، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونتمنى أن تكون هذه العلاقة تقام على هدى من أنوار هذه الشريعة التي شرفنا الله تبارك وتعالى بها.

هذه الشريعة لا ترضى بأي علاقة في الخفاء، وتريد العلاقة بين الرجل والمرأة أن تكون معلنة، وأن يكون هدفها الزواج، وأن تكون هكذا بمعرفة الأهل، وبمعرفة الجيران؛ حتى لا تساء الظنون، وكل علاقة خفية ليست محكومة بالقواعد الشرعية والضوابط الشرعية لها أخطار ولها آثار كبيرة على الإنسان في دينه، وفي دنياه وفي آخرته.

من هنا نحن ندعوك بداية إلى إيقاف هذه العلاقة فورا، ثم بعد ذلك وقفة للمراجعة والتوبة إذا حصل توسع في الكلام أو توسع في الممارسات، ثم عليه بعد ذلك إن كان جادا أن يطرق باب أهلك، وأن يتقدم بطلب يديك رسميا.

هذه نقطة مهمة بالنسبة للبنات؛ فإن كثيرا من الأزواج إذا طلبت منه المرأة أن يحدد موقفا حاسما، وأن يخرج هذه العلاقة في العلن وأن يقابل أهلها، ويرتبط بها ارتباطا رسميا حتى على مجال الخطبة، فإنه يتردد، وقد يهرب، لكن هذا في مصلحة الفتاة؛ لأن فيه نوعا من الحماية لها، ويشعر الرجل أن لها أولياء، وأن هنالك من يقف وراءها من الرجال، والرجال أيضا أعرف بالرجال.

نحن نريد العلاقة أولا أن تكون شرعية، فالاستمرار بهذه الطريقة في الخفاء، ودون أن تكون حتى الخطبة موجودة، هذا إشكال من الناحية الشرعية، وليس فيه مصلحة وحتى عندكم في البلاد الغربية الدراسات تشير إلى أن العلاقات العاطفية التي تسبق العلاقة الرسمية هي المسؤولة عن فشل 85% من الزيجات، بل قالوا حتى المتبقي وهم 15% يعيشون مشاكل؛ لأن هذه العلاقة التي نشأت في الخفاء هي خصم للسعادة.

لذلك ندعوكم أولا لإيقاف هذه العلاقة، ثم بعد ذلك إذا كان حريصا فهو الذي ينبغي أن يبادر ويتقدم ليطلب يدك، وعند ذلك سيقابل الأهل ويتعرفون عليه، ومن حقه أن يسأل عنك، وعن أسرتك، ومن حقك أن تسألي عنه، وعن أسرته وأصدقائه، وعن دخله وتصرفاته، فإذا حصل الوفاق والاطمئنان خاصة من جانب الدين والأخلاق، فعند ذلك تمضين في إكمال هذا المشوار.

أنت الآن طلبت النصح، وأنت الآن عندنا في مقام البنت، ولا نريد لمثل هذه العلاقة أن تستمر، وأرجو أن تستغفروا على ما مضى إذا كان في العلاقة تجاوزات، ويبدو أنها كانت علاقة عميقة؛ لأن الحب الحقيقي والحلال عندنا هو الذي يبدأ بالرباط الشرعي، يبدأ بتأسيس علاقة، والخطبة ما هي إلا وعد بالزواج لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته، ولا الخروج معها، لكنها تبيح لهم أن يتعرفوا أكثر على أهلهم، وعلى صفاتهم بهذه العلاقة المكشوفة المعلنة التي تحمل الطرفين مسؤوليات كبرى في كل الاتجاهات، بخلاف العلاقة الخفية، فإنه لا توجد فيها مسؤوليات، ويوجد فيها تمثيل ودجل، وكل طرف يظهر للآخر ما ليس عنده، وقد يتمثل ابتسامات مصطنعة، ويزعم أن عنده أموال، وهي كذلك تجامل.

عندما تكون علاقة معلنة، فإن هذه مسؤولية، فيبدأ يفكر بعقله مع العاطفة وليس العاطفة وحدها، بل يتقدم العقل في هذه العلاقة؛ لأن الذي يأتي بالعلاقة المعلنة معنى ذلك أنه جاد ويريد تكوين أسرة وبيت، وهذا ما نرجوه لبناتنا، نحن لا نريد أن تضيع الفتاة وقتها وهي تجري وراء السراب، وتعيش مع هذا أياما ومع الآخر أياما؛ لأن هذا خصم على سعادتها، وربما تضطر بعد الزواج أن تعيش مع رجل بجسدها، ومع الآخر بقلبها، ولذلك هذا القلب غال ينبغي أن يعمر بالتوحيد، وبذكر الله تبارك وتعالى، ولا يمنح إلا لرجل جاء من الباب على كتاب الله وعلى سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فالقلب العامر بحب الله يحب ما أحبه الله، والله تبارك وتعالى يحب الطهر، وشرع لنا الزواج سبحانه وتعالى.

نسأل الله أن يقدر لك الخير، ونحن سعداء بمسألة الاستخارة ففيها الدلالة على الخير لمن بيده الخير، فتوقفي عن هذه العلاقة، ثم اطلبي منه أن يأتي البيوت من أبوابها، ثم استخيري بعد ذلك، وعليه كذلك أن يستخير، نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان، ثم يرضيك به.

مواد ذات صلة

الاستشارات