السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا أدري من أين أبدأ، أريد السؤال وطلب الاستشارة في عدة أمور:
أولا: منذ يومين بدأت أشعر بجوع مفاجئ، وبعدم التوازن بعد قيامي بالعمل المنزلي، وبعد تقريبا ساعتين من تناولي لوجبة الأكل، وبعد الاستحمام. بحثت في الإنترنت من خلال الأعراض ووجدت أنه ربما يحدث لي نقص في السكر، ولكني لم أجر أية فحوصات بعد، وربما قد يكون السبب نفسيا. وهذا مدخل للسؤال الثاني.
أصبح لدي قلق من الموت، وأي شيء يصيبني أفكر بأنه شيء خطير، وأنه سيصيبني مثل ما أصاب فلانة التي مرضت وتركت أطفالها الصغار، لا أدري ما السبب! أهو خوفي على أطفالي -أم لطفلين- وزوجي وعائلتي التي أحب من أن أفارقهم؟ أم هو الخوف من أن أمر بما مر به والدي -رحمة الله عليه-؟ فلقد مات بسبب السرطان في الجهاز الهضمي، وعايشت معاناته الأليمة مع المرض-جعلها الله في ميزان حسناته-؛ فأنا أعاني من مشاكل في الجهاز الهضمي، وهي بسيطة، قرحة بسيطة في المعدة والإثني عشر، وارتجاع في المريء، وأخذت العلاج اللازم. قبل الكشف والمعاينة بدأت أوسوس بأن الألم ربما بسبب السرطان، وهكذا فأي شيء أشكو منه ولو كان جد بسيط أبدأ بالهلوسة والشك.
مررنا أيضا بفترة حرب، وعايشنا الضرب بالقذائف العديد من الليالي، فلا أدري ألهذا صلة بما أعاني؟! أم أن الشك قد أصبح لدي عادة؟ خاصة بعد ما مررت بمشكلة مع زوجي لكنها انتهت الآن -إن شاء الله-، وأصبحت مستقرة عائليا -والحمد لله-.
السؤال الثالث: منذ ما يقارب الشهرين وبعد فطام ابني، بدأت أشعر بألم في الثدي الأيسر، أشعر بالألم عندما أضغط على الثدي فقط، وكأنه رضة. وذهبت إلى الدكتورة وعملت أشعة بالموجات فوق الصوتية، وأكدت بأنه سليم تماما، وأنه ربما من ابني فهو شديد التعلق بصدري، ولكن ما يخيفني هو استمرار الألم رغم أنني أتحاشى قدر الإمكان أن يلمسه ابني، وكما هو المعتاد مني بدأت بالوسوسة.
أؤمن بقضاء الله وقدره، وأنه لن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا، وأن الله لا يقدر للإنسان إلا ما فيه الخير، ولكن أحيانا -كثيرة في الوقت الحالي- تخونني نفسي ولا أستطيع التغلب على مخاوفي هذه.
عذرا على الإطالة، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ amal wahhas حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
ملخص أسئلتك الثلاثة يشير بالفعل على أنك تعانين ما نسميه بـ (قلق المخاوف) فهنالك قلق، وهنالك مخاوف واضحة جدا، خاصة المخاوف حول الأمراض. والذي يجعل بعض الناس يصابون بهذا النوع من المخاوف هو وجود عوامل الاستعداد لديهم، ونقصد بذلك أن شخصياتهم في الأصل قلقة وسريعة التأثر. وتأتي بعد ذلك العوامل البيئية المهيئة للقلق والمخاوف، وهي كثيرة جدا، مثلا في حالتك: الأمراض، وأصبح الناس يترددون على المرافق الطبية بكثرة، وموت الفجأة كثر، ومرض السرطان أصبح أكثر انتشارا، فأصبح الآن ما يمكن أن نسميه بـ (الرابط المثير للخوف النفسي) موجودا.
توفر هذه العوامل –أي العوامل المرسبة والمهيئة– هو الذي جعلك تعانين من هذه الحالة التي نعتبرها من الحالات البسيطة. والعلاج يكون بـ: صرف الانتباه، المزيد من التوكل، الدعاء، الحرص على الأذكار، وزيارة المرضى فيها خير كثير جدا، وتجعل الإنسان أيضا يتعرض نفسيا وسلوكيا لمصدر خوفه، مما يشعره أنه معافى -بفصل الله تعالى-.
ونصيحة أخرى هي: أن يعيش الإنسان حياة صحية، والحياة الصحية تتطلب النوم المبكر، التوازن الغذائي الصحيح، وممارسة الرياضة. وفي حالتك أي نوع من الرياضة التي تناسب المرأة المسلمة سيكون أمرا جيدا.
وهناك أيضا نقطة علاجية مهمة، وهي: ضرورة الفحص الدوري، وأقصد بذلك الذهاب إلى طبيب الأسرة مرة كل ثلاثة أو أربعة أشهر، وذلك من أجل القيام بالفحوصات الروتينية والفحص الإكلينيكي. وهذا وجد أنه من أفضل السبل التي تمنع المخاوف والتوهم المرضي.
هذه هي الخطوات التي أنصحك بها، وموضوع الثدي الذي سبب لك بعض الإزعاج –بالرغم من أن الطبيبة بعد إجراء صورة الأمواج الصوتية أكدت لك أنه سليم–، هذا العرض –أي التخوف المرضي المتمركز حول الثدي– موجود، لأن الناس تخاف من الأورام وغيرها، وهذا أمر طبيعي. في حالتك: ما دامت الطبيبة قد أكدت لك أنه لا يوجد شيء فأرجو أن تقتنعي بذلك. ويعرف أن كثير من الأمهات بعد أن يفطمن أطفالهن يحدث نوع من التكون والتحجر في الحليب في القنوات والأوعية اللبنية في الثدي، وهذا قد يسبب بعض الألم، لكنه يختفي تدريجيا.
فلا تنزعجي أيتها الفاضلة الكريمة – وطبقي ما ذكرته لك من إرشاد، ويمكن أن نضيف أيضا أنك قد تستفيدين كثيرا من أحد الأدوية المضادة للمخاوف. هنالك أدوية ممتازة جدا تساعد في مثل حالتك، ومن أهم هذه الأدوية دواء يعرف باسم (سيرترالين) –هذا مسماه العلمي، ويسمى تجاريا باسم زولفت، ولسترال، وله مسميات تجارية أخرى كثيرة–، هذا الدواء في الأصل هو دواء مضاد للاكتئاب، لكن وجد أيضا أنه يساعد في علاج المخاوف، خاصة المخاوف المرضية، وكذلك المخاوف الاجتماعية.
إن رأيت أن تتناوليه فهذا شيء جيد، خاصة أن الدواء سليم، وغير تعودي، وغير إدماني. الجرعة المطلوبة في حالتك هي أن تبدئي بخمسة وعشرين مليجراما، أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على خمسين مليجراما، تناوليها يوميا لمدة شهر، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم اجعليها نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
هذا هو الذي أود أن أنصح به، وأسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.