رهاب وخوف وفقدان الثقة بالناس بسبب الغربة للدراسة

0 370

السؤال

السلام عليكم

أنا طالبة دراسات عليا مبتعثة في دولة أمريكا، عمري 25 سنة، أعاني من مشاكل نفسية ما كنت أعاني منها من قبل، بدأت هذه المشاكل من مرحلة الثانوية حيث اقتصرت على بعض المشاكل مثل: الرهاب الاجتماعي، كانت شخصيتي ضعيفة جدا، وكان عندي نوع من الخوف من الناس، وما كان عندي ثقة بالنفس، أي نظرة أو أي ضحكة علي من أي أحد كانت تؤثر في بشكل سلبي، مرحلة البكالاريوس استمرت معي هذه الأعراض، وزاد عليها أني أصبحت إنسانه فوضوية، غير منظمة، تفكيري سطحي جدا، مهتمة كثيرا برأي الآخرين في أكثر من رأيي في نفسي، كانت اهتماماتي بلا أي هدف، أخطائي كانت كثيرة من حيث اللامبالاة بالدراسة، وبطريقة التعامل مع الوالدين، وكنت أشغل فراغي بأمور تافهة كتصفح الإنترنت بلا هدف، تخرجت ولم أجد وظيفة، وانطويت بالمنزل لا يوجد لدي احتكاك بالمجتمع إلا عن طريق الإنترنت، أو الاتصال الهاتفي نادرا، ولكن لم أكن أفضل الخروج من المنزل أو الاجتماع مع الآخرين، أتت فرصة الابتعاث، فذهبت إلى أمريكا بهدفين الأول هو الإنجاز التعليمي، والثاني هو الاختلاط بالمجتمع وتجربة طريقة حياة مختلفة.

في الـ6 الأشهر الأولى كنت أحس بنشاط وحماس شديد، وكانت نسبة التركيز، والتذكر عندي عالية، ولم أكن أحس بأي كسل أو خمول بل أحببت الحياة والحركة والنشاط، ولكن بعد ذلك انتكست أولا رجعت لي حالة الرهاب الاجتماعي، وعدم الثقة بالنفس، الغيرة الشديدة من نجاحات الآخرين، ومن ظهورهم الاجتماعي الجيد، الاهتمام بأخبار الناس، المقارنة، الخمول والكسل الشديد، تأجيل الأعمال، آلام في الجسم والظهر والبطن والرجلين والرأس، ضعف النظر، الوسواس الشديد، والخوف، الخوف من الوقت، الرجفة، عدم التركيز في الصلاة، الطموح في البداية والإحباط في النهاية، عدم انجاز المهام في وقتها، عدم التركيز، كثرة النسيان، الكآبة، فقدان المتعة بالأشياء من حولي، العصبية الشديدة، كثرة النوم، فقدان الشهية، عدم الصبر والإحباط بسرعة، الشرود الذهني، فمثلا أكون في حديث مع شخص ما فجأة أسكت ويضيع تركيزي في موضوع الحديث.

أنا أكتب هذه الرسالة، وأنا في شدة الألم النفسي، أنا أعلم جيدا أن الله أنعم علي بنعم كثيرة، وألوم نفسي كثيرا إذا أحسست بأحد الأعراض التي ذكرت، -والحمد لله- أعلم أيضا أن لدي إيجابيات كثيرة ليست موجودة بمن حولي، ولكن هذا الشيء خارج عن إرادتي، حاولت مرارا وتكرارا علاج نفسي بنفسي بالقرآن وبالدعاء والصلاة، وبتعويد نفسي بالقيام بأمور لتحسن من حالتي، ولكن كانت نادرا ما تنجح لأنه يرافقها الإحباط واليأس.

أنا الآن في بداية مرحلتي الجامعية كنت متحمسة جدا قبل البداية، ووعدت نفسي بأن أفعل بعض الأمور التي سوف تساعد في علاجي، وتساعد في تحقيق أهدافي، ولكن عند البداية عادت لي جميع الأعراض السابقة، بل وزادت أني بعد ما بذلت مجهودا كبيرا للالتحاق بالجامعة، فكرت عدم إكمال الدراسة.

قررت مؤخرا في تناول أدوية نفسية، ولكن فضلت الاستشارة أولا في هذا الأمر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

شكرا لك على التواصل معنا، وعلى الكتابة إلينا من بلاد الغربة، وأكيد ليس الأمر بالسهل أبدا.

وقد أحسنت التعبير عما في نفسك، وبشكل في غاية الوضوح، وإنما يشير هذا لقدر غير قليل من التأمل والتفكير والمراجعة.

معك كل الحق في التفكير في بداية جديدة مع انتقالك لأمريكا للدراسة، ففي كثير من الأحيان يتيح السفر والانتقال لبيئة جديدة فرصة مناسبة لإعادة ترتيب الأمور، والبداية بشكل جديد نسبيا، فلا تقطعي الأمل في هذه البداية الجديدة.

وأرجو أن تنتبهي أنه من الطبيعي، وبعد ستة أشهر من السفر والغربة، وبعد المرحلة الأولى من نشوة السفر، والوصول، والبدايات الجديدة تأتي مرحلة افتقاد البيت، والأسرة، والبلد والصداقات، فمن المتوقع أن تشعري ببعض الهبوط أو الاكتئاب، إلا أنها أيضا مرحلة عابرة، ويمكنك من بعدها الاستقرار على حالة وسط بين النشوة الأولى، وبين معيشة الواقع الجديد.

وهنا يمكن أن تظهر كل المهارات والإمكانات وخبرات الحياة التي عندك، ومن الواضح من خلال تحليلك المترابط، ومن خلال فهمك لنفسك، يمكن أن تظهر هذه المهارات والخبرات لتأسيس الحياة التي تحبين.

أنا أنصحك أن تعطي نفسك شهرين آخرين تقريبا من محاولة التأقلم مع الحياة الجديدة في بلاد الغربة، وإن طالت المعاناة، ولم يتغير الكثير، أنصح بأن لا تطيلي الانتظار كثيرا، وبأن تراجعي أحد الأخصائيين النفسيين، وخاصة إذا كنت غير راغبة بأخذ الأدوية النفسية، فهناك بعض العلاجات النفسية المتوفرة، ومنها العلاج المعرفي، والذي يمكن أن يعينك كثيرا على تجاوز هذه المظاهر والأعراض التي تعانين منها، وكحل آخير أيضا يمكن أن تراجعي طبيبا نفسيا ممن يمكن بعد التشخيص الدقيق، والمناسب أن يضع لك الخطة العلاجية سواء كانت العلاج النفسي لوحده أو مع أحد الأدوية النفسية، والذي يمكن أن يسرع مرحلة التعافي.

ولا تنسي وأنت في الغربة أن تتواصلي مع الجالية المسلمة، والتعرف على بعض الأخوات المسلمات في مدينتك، والمسلمون ما شاء الله متواجدون في معظم المدن الأمريكية الكبيرة، فهذا التعارف والتواصل يمكن أن يخفف عنك الكثير من صعوبات الغربة والابتعاد عن بلد المنشأ.

وفقك الله، وإن شاء الله نسمع أخبارك الطيبة.

مواد ذات صلة

الاستشارات