السؤال
السلام عليكم..
طفلي يبلغ من العمر 28 شهرا؛ وحتى الآن لا يتكلم سوى كلمات خفيفة (مثل: بابا, ماما) فقط, علما بأن حاسة السمع لديه جيدة، وعندما نطلب منه أن يأتي ببعض الأشياء يقوم بالإتيان بها، لكن ليس في كل الحالات، أو بمعنى آخر حسب هواه، وهو دائما متعلق بمشاهدة الإعلانات التلفزيونية، أو اللعب بالسيارات الصغيرة، ونحاول أن نتحدث معه؛ لكنه لا يعيرنا أي اهتمام، وإنما يهتم فقط باللعب والجري داخل المنزل، وهو ولد وحيد ليس لديه إخوة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
شكرا لك على التواصل معنا, والكتابة المفصلة لنا.
الأصل في طفل في هذا العمر اليافع أن يسهل علينا تربيته, وحسن توجيهه بالطريقة التي نريد، من خلال حسن الفهم للمهمة المطلوبة منا بالإضافة إلى الاستيعاب والتدبر.
أريد أن أطمئنك أن هناك أملا كبيرا بنسبة 100% بحسن تدبير التعامل مع طفلك، ولكن لا بد لهذا من أمرين مطلوبين:
الأول: أن نتعلم مهارات تربية الأطفال والتعامل معهم، وما هي احتياجاتهم في كل مرحلة، وكيفية تلبية هذه الاحتياجات، وسواء تم هذا التعلم من كتب تربية الأطفال، أو من خلال دورات تدريبية متخصصة للآباء والأمهات في مهارات التربية والتعامل معهم، أو ما نسميه "تدريب الوالدية".
الثاني: التحلي بالصبر والهدوء أثناء التعامل مع الأطفال، والابتعاد عن الشدة والتعنيف, فهذا لا يزيد الطفل إلا عنادا وصعوبة.
ومن الصعب جدا أن نشرح هنا كل شيء في مهارات تربية الأطفال فهي كثيرة جدا، وبدلا من أن أقدم لك سمكة - كما يقول المثل الصيني - فالأفضل أن أدلك على طريق صيد السمك، فعليك بمعرفة طرق تربية الأطفال من خلال هذه الكتب أو الدورات المتخصصة.
يبدو أن طفلكم هذا هو الطفل الأول حيث لم تختبروا بعد طبيعة مهمة تربية الأطفال، وهو ما يزال في 28 شهرا من عمره!
ومن الطبيعي في هذه العمر أن يحاول الطفل التهرب من أي طلب يطلب منه، ليس لمشكلة سمع عنده، وإنما لأنه يريد أن يأخذ "حريته" فيما يفعل أو لا يفعل.
ومن المفيد أن نعرف أن السبب الأكبر للمشكلات السلوكية عند الأطفال هو الرغبة في جذب الانتباه لنفسه، انتباه الكبار من حوله - خاصة الوالدين -.
والتحدي الكبير هنا أن قواعد التربية وعلم النفس تقول: إن السلوك الذي نعززه ونوجه انتباهنا إليه يتكرر مع الوقت، بينما السلوك الذي نتجاهله ونتصرف كأنه لم يحصل يخف ويختفي مع الزمن، إلا أن معظم الآباء بدلا من أن يعززوا السلوك الإيجابي نجدهم يعززون السلوك السلبي - كعناد الطفل - لأن من طبع الإنسان الالتفات إلى السلوك السلبي، والنتيجة الطبيعية هي تكرر هذا السلوك وهذا العناد؛ لأنه يأتي للطفل بالكثير من الانتباه، ولو رافقه الضرب أحيانا، بينما يتجاهلون - بنية حسنة - السلوك الجيد - كأن لا يلاحظوا مثلا أن طفلهم يتعاون معهم, ولا يكون عنيدا - ولذلك يقل عنده هذا السلوك مع مرور الأيام, مع أنه هو السلوك الذي نريد أن نراه.
وبهذا الشرح أظن أنه قد أصبح واضحا ما هو المطلوب منكم من أجل تعديل سلوك طفلكم، وهو تعزيز السلوك الحسن المقبول، وصرف النظر كليا عن السلوك السلبي غير المقبول.
حفظ الله طفلكم من كل سوء، ورزقكم الذرية الصالحة.