السؤال
السلام عليكم.
إحدى الفتيات ممن لي ولاية عليها تشاهد بعض المحرمات على الجوال والإنترنت، وتفعل بعض السلوكيات الخاطئة والمحرمة منذ زمن، وأنا أعلم ذلك بحكم مراقبتي لها، وهي لا تعلم أنني على علم بذلك، وقد صبرت أملا أن يتعدل سلوكها، ولكنها تبتعد فترة، ثم تعود لما كانت عليه.
والآن وقد نفذ صبري على موضوع مشابه، فهل ينبغي علي أن أذكرها بالمواضيع القديمة أم أسكت وكأني لا أعلم، وأكتفي بالحديث عن الأمر الجديد؟
أريد الإجابة من ناحية اجتماعية وسلوكية ونفسية وشرعية.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك في موقعك، ونشكر لك هذا الحرص على الخير، ونسأل الله أن يقر عينك بصلاح موليتك، وأن يلهمها السداد والرشاد، ونحن سعداء بهذا التواصل مرتين، سعداء لأنك الولي عليها وتتحمل المسؤولية، ونسأل الله أن يبارك فيك، وسعداء أيضا لأنك كتبت إلينا قبل أن تتصرف، وقبل أن تدخل معها في مشاجرة، ونسأل الله - تبارك وتعالى - أن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
ولا أدري هل الأمر الأخير ظهر، وهي عرفت أنك تعرف أم هو أمر غير ظاهر؟ إذا كان أمرا ظاهرا فإنك تستطيع معالجته بطريقة ظاهرة، وتناقشها، وتحاورها، وتوقفها عند حدها، وتخوفها من المواضيع السابقة دون أن تشير إلى أنك تعرف، تقول: (ما أريدك أن تكوني مثل من يفعل ذلك، لأنك ممتازة، فإن هناك من يفعل كذا، وأنت - إن شاء الله - بريئة) بمثل هذه الإشارات، لأننا لا نريد أولا أن تحشد لها الأخطاء، لأن حشد الأخطاء يوصل إلى الإحباط، وتصل لدرجة أن تقول: إذا لم يكن في فائدة فما الفائدة أن أتوب!
أي: حشد هذه الأخطاء كأنك كنت تتجسس عليها أو تتابعها، وبالتالي هذا سبيل للإفساد، وسبيل إلى كسر الحاجز، وسبيل أيضا لاتخاذ وسائل جديدة، فإن الإنسان في هذه السن – الشباب – إذا حاولنا أن نغلق عليهم بابا فإنهم سيفتحون أبوابا أخرى، ويتخذون حيلا أخرى، ولذلك المهم هو ربطها بالله، تذكيرها بمراقبة الله، وتخويفها من تلك الأمور، والكلام معها على أنها تعرف ما يحصل من بعض الفتيات، ومن بعض الشباب، ومن بعض الغافلين، وأنها ليست مثلهم، وتبين لها العواقب – وهذا هو المهم – بأن الذين ساروا في هذا الطريق وصلوا إلى نهايات مظلمة، كانت نتيجتها الندامة، وكانت نتيجتها الفشل في دراستهم، والفشل في حياتهم، والفضيحة، والأخطر من هذا أن هذا السلوك وهذه المسالك تغضب الله - تبارك وتعالى -.
وتذكر لها ما فيها من إيجابيات، ولا تجردها من حسناتها، وينبغي أن تكون المعالجة والتأنيب على قدر الخطأ، يعني: لا نزيد الجرعة، وإنما تكون العقوبة مدروسة ومناسبة، والمناقشة والحوار يأخذ ويذهب، وتعطيها فرصة إذا أرادت أن تتكلم، وتعبر عن مشاعرها، وتطلب منها أن تتخذ القرار المناسب، وتضع شروطا لنفسها ستلتزم بها، إلى غير ذلك من المحاورة.
وأرجو عند المناقشة أن تكون هادئا، لكن في انضباط وحزم بعيدا عن الصراخ وبعيدا عن الصياح وبعيدا عن رفع اليد أو الضرب، لأن هذه وسائل لا نريد أن تكون في البدايات، وأرجو ألا نحتاج إليها كذلك في النهايات، فإن هدي النبي - صلى الله عليه وسلم – الذي ربى أمة، ما ضرب بيده امرأة، ولا طفلا، ولا خادما – عليه صلاة الله وسلامه – كما أن الضرب عقوبة سلبية لها آثار وأضرار جانبية خطيرة، ولا تتعين إلا في حالات محددة كالذي تربى على الضرب، أو كالمتهاون المتساهل المتعالي الذي لا يقيم وزنا، ولا يعرف للناس مكانة.
المهم استخدام هذه الوسيلة في إطار ضيق، وهي مع ذلك من الوسائل التي لا تنفع مع كثير من الناس، ونسأل الله - تبارك وتعالى - أن يعينك على إصلاح هذه الفتاة، وأن يعينها على الخير، وليت كل الأولياء كانوا مثلك حكمة وغيرة وحرصا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، وسوف نكون سعداء إذا جاءتنا تفاصيل ما حصل، وتفاصيل الموقف الذي تريد أصلا أن تعالجه، حتى نتعاون جميعا مستقبلا في رسم طريق سليم لهذه الفتاة.
ونسأل الله لكم التوفيق والسداد.